هوية الجهة المسؤولة عن الكاتيوشا تشغل اللبنانيين وجعجع ونواب «المستقبل» يغمزون من قناة حزب الله

الصواريخ لم تطلق ولكنها كانت على بعد أمتار من مقر الـ«يونيفيل»

TT

انشغل المسؤولون السياسيون والامنيون اللبنانيون وقيادة القوات الدولية في الناقورة والسكان في جنوب لبنان والقيادة الفلسطينية وقيادة «حزب الله» والقيادة الفلسطينية وقيادة «حزب الله»، في قراءة مضمون الرسالة الامنية التي تمثلت في العثور على ثمانية صواريخ من أنواع مختلفة كانت موضوعة في وادي حامول بين بلدتين طير حرفا والناقورة في جنوب لبنان على مسافة مئات الأمتار من الخط الأزرق والمقر العام للقوات الدولية في الناقورة ومعدة للانطلاق باتجاه الأراضي الإسرائيلية، في أول عمل من نوعه منذ أشهر مما ترك تساؤلات حول هوية الجهة التي تقف وراء هذا العمل وأهدافها بينما تشهد الساحة الإقليمية زحمة أحداث وتطورات.

وعمد خبراء المتفجرات في الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل خلال ساعات ليل الخميس/ الجمعة الى تفكيك الصواريخ ونقلها الى خارج المنطقة بإشراف القائد العام للقوات الدولية الجنرال كلاوديو غراتسيانو وضباط كبار من الجيش اللبناني، فيما قامت وحدات مشتركة من الجيش واليونيفيل بعملية مسح شاملة لمنطقة الخط الأزرق خوفاً من وجود صواريخ أخرى معدة للإطلاق.

وخطفت هذه الصواريخ الأضواء باتجاه الخط الحدودي بين لبنان واسرائيل وسببت حالة من التوتر عند الخط الحدودي ودفعت القوى المعنية بوضع الجنوب اللبناني الى نفي أي علاقة لها بهذه الصواريخ.

قيادة «حزب الله» في جنوب لبنان قالت لـ «الشرق الأوسط»، في اتصال معها، انه «ليس من عادة الحزب ان يضع صواريخ مجهولة بهذه الطريقة، وعندما يريد قصف مواقع العدو الإسرائيلي يصدر بياناً يتحمل فيه المسؤولية»، واضعة امكاناتها بتصرف الجيش اللبناني لمعرفة هوية الجهة التي تقف وراء وضع الصواريخ. كما سارع قائد الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان منير المقدح الى نفي أي علاقة للفصائل الفلسطينية بالصواريخ فيما وجهت أصابع الاتهام الى جماعات أصولية إسلامية فلسطينية بالوقوف وراء هذه الصواريخ في ظل التهديدات التي أطلقتها أخيراً ضد القوات الدولية والجيش اللبناني واعتراف عدد من الأصولين الإسلاميين الفلسطينيين الموقوفين لدى القضاء اللبناني بضلوعهم في إطلاق صاروخي كاتيوشا على المستعمرات الإسرائيلية انطلاقاً من الأراضي اللبنانية قبل أشهر.

ووصفت مصادر أمنية لبنانية في جنوب لبنان إحباط عملية اطلاق الصواريخ بالإنجاز الأمني الذي يسجل لمصلحة الجيش اللبناني والقوات الدولية، من غير أن تستبعد تكرار هذه المحاولات التي لا تخدم مسيرة الهدوء عند الخط الأزرق ومصلحة اللبنانيين في ظل التوتر المتنقل من غزة الى العراق.

وعقب العثور على الصواريخ سيّرت القوات الدولية والجيش اللبناني عشرات الدوريات المؤللة على طول الخط الأزرق ولوحظت تحركات عسكرية إسرائيلية على مدار الساعة على طول الخط الحدودي مع لبنان وخصوصاً في المستعمرات والمواقع المحاذية للأراضي اللبنانية.

وكان قائد قوات اليونيفيل في جنوب لبنان الجنرال كلاوديو غراتسانو الذي أشرف بالتعاون مع كبار ضباط الجيش اللبناني على عملية تفكيك الصواريخ ونقلها قد بقي على اتصال دائم بقيادتي الجيشين اللبناني والإسرائيلي.

وعلى صعيد ردود الفعل اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع «ان ما يحصل في غزة أمر مؤسف جداً»، مشدداً على ضرورة «ألا يسمح أي طرف لنفسه بزج لبنان واللبنانيين بأي حرب خارجية لا علاقة لهم بها«. وأكد أن «أي شيء يمكن فعله على الصعيد السياسي لتفادي أي مواجهة عسكرية سنفعله». ولفت خلال استقباله وفودا زارته أمس إلى «ان لا حرية تحرك في الجنوب إلا لـ«حزب الله»، موضحاً أنه ينتظر تحقيقات الجيش اللبناني لمعرفة من وضع الصواريخ. وقال: «انا مع دعم غزة لكن ليس عسكرياً، واذا حاول أي طرف مساعدتها عسكرياً ستنقلب حرباً على لبنان»، سائلاً: «لماذا لا توضع قوات «حزب الله» ضمن الشرعية؟». من جهة أخرى، أعرب النائب عاطف مجدلاني عن تخوفه من العثور على الصواريخ في هذا التوقيت، وقال: «منذ مدة بدأنا نلاحظ تصعيدا في وتيرة تصريحات بعض الأطراف في الداخل، للإيحاء بوجود رابط مصيري بين ما يجري في غزة، وما يمكن ان يجري في لبنان، هذه الإيحاءات لامست سقف التهديد باستخدام السلاح لدعم حماس في غزة. جاءت مسألة نصب الصواريخ لتتويج هذه الحملة التي ربطت مصير لبنان ومصير السلاح غير الشرعي في لبنان، بمصير حماس ولا اقول غزة تحديدا، وصارت وظيفة السلاح الذي نحاول ان نبحث عن وسائل ضبطه ووضعه بإمرة الدولة اللبنانية دون سواها، تشمل فك الحصار عن غزة وتحرير القدس». وختم قائلا: «ان العثور على الصواريخ يعتبر تهديدا صارخا لأمن اللبنانيين في الدرجة الأولى، وليس لاسرائيل او لسواها، وبالتالي فان وجود أخطار من هذا الحجم، قد تورط لبنان في حروب مدمرة لم يعد قادرا على تحمل نتائجها، على غرار حرب يوليو (تموز) 2006، ينبغي ان يشكل حافزا كافيا للحكومة لكي تولي هذا الموضوع الخطير الأهمية التي يستحقها، وان تتولى متابعة التحقيقات لكشف ملابسات هذا الحادث. كذلك مطلوب دفع الحوار على طاولة قصر بعبدا نحو خواتيمه النهائية في أسرع وقت ممكن، للوصول الى حصر السلاح وقرار السلم والحرب في يد الدولة اللبنانية، لكي ينعم اللبنانيون بالطمأنينة الى ان مصيرهم تقرره دولتهم وليس خفافيش الليل الذين ينصبون الصواريخ في الظلام، ويتفوهون بالكلام المباح في النهار». ووصف عضو كتلة المستقبل النيابية النائب غازي يوسف ظهور الصواريخ جنوباً بـ«أنه عملية مثيرة للدهشة، فالصواريخ ظهرت في منطقة فيها حزب الله والقوات الدولية والجيش اللبناني.

ولو كانت هناك نية لاطلاقها لأطلقت، لكنها على ما يبدو رسالة واضحة بأن السلاح موجود ويمكن استخدامه، واعتقد انه اذا تم تحديد المصدر فستنكشف الامور على حقيقتها عمن يسعى للتفجير». من جهة ثانية، اعتبر المجلس الأعلى لحزب الوطنيين الأحرار في بيان أصدره في ختام اجتماعه الأسبوعي أمس «ان اكتشاف الصواريخ الموجهة إلى إسرائيل والمركزة في منطقة عمل قوات اليونيفيل، تذكر بسابقات مماثلة بقيت مكتومة أو مجهولة المصدر، ويذكر بالتحديات والأخطار التي لا تزال محدقة بلبنان. وأيا يكن الذين يقفون وراءها، والرسالة التي يريدون توجيهها فهي تشكل خرقا فاضحا للقرار 1701، وتكشف نيات عدائية تجاه الاستقرار والأمن والأمان. وهذا ما يفرض موقفا حاسما وردا صارما من الجيش اللبناني ومن القوات الدولية حتى لا تتكرر مثل هذه العمليات خصوصا في ظل الأجواء الإقليمية الملبدة، وللحيلولة دون أن يدفع لبنان مجددا الثمن الباهظ كما في كل مرة».