دبلوماسيون أوروبيون: قوة الضربات التدميرية الأولى ستجعل إيران تميل لعدم الرد

اعتبروا الصواريخ الروسية «إس 300» ستعقد الأمور لكنه يمكن التغلب عليها بالحرب الإلكترونية

TT

ربطت مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة المستوى بين الضجة المثارة حول تزويد إيران أنظمة صاروخية روسية من طراز «أس 300» وبين التوقعات الخاصة بتطور الملف النووي الإيراني في الأشهر المقبلة.

وقالت هذه المصادر التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط» إن هذا النوع من الصواريخ الذي يعد من أحدث انظمة الدفاع أرض ـ جو التي أنتجتها مصانع السلاح الروسية «يزعج» المحللين والخبراء الأميركيين والإسرائيليين العسكريين والسياسيين لأنه «سيحد من حرية حركة الطائرات العسكرية في السماء الإيرانية ما سيؤثر على فعاليات الضربات الجوية» الهادفة الى تدمير البرنامج النووي الإيراني في حال تعذر الوصول الى تسوية ما مع طهران.

غير أن الأوساط الغربية ترى أنه «يمكن التغلب على عقبة الصواريخ الروسية» وذلك عن طريق الحرب الإلكترونية والتشويش على الرادارات وأجهزة التحكم و«إتاهة» الصواريخ والإكثار من الأهداف التضليلية في السماء الإيرانية، غير أنها تعترف بأن الأمور «ستصبح أكثر تعقيدا».

وكشفت المصادر الأوروبية التي أبدت تشاؤمها من إمكانية التوصل الى حل مع السلطات الإيرانية أن الجهات الغربية «تدرس» في الوقت الحاضر مختلف السيناريوهات العسكرية المحتملة، وردود الفعل الإيرانية عليها. ويبدو أن «القناعة» الغربية حتى الآن تربط بين القوة التدميرية للضربات الأولى ضد المنشآت الإيرانية وبين ردة فعل طهران بحيث أنها تعتبر أنه «كلما زادت الضربات الأولى قوة وتدميرا كلما مالت إيران الى عدم الرد لأنها ستفهم أن ما سيعقب ذلك سيكون أعظم». ورغم اعتراف المصادر المشار اليها بأن الصواريخ الروسية هي لأغراض الدفاع الجوي وبالتالي فإنها دفاعية، غير أنها ترى أنه في «الظرف الراهن» وبسبب «القناعة الشديدة» لدى الغرب بأن إيران لا تريد الطاقة النووية للاستعمال السلمي بل للتحول الى قوة نووية في الخليج والشرق الأوسط فإن لهذه الصواريخ «قيمة مضافة» إذ سترى فيها طهران «غطاء» لمقاومة الضغوط والاستمرار في برنامجها النووي. وكان موضوع صواريخ «أس ـ 300» قد أثار وما زال جدلا واسعا بسبب تأكيدات إيرانية بالبدء بتسلم بطاريات من هذا الطراز فيما نفت روسيا، وعلى لسان مسؤولين كبار فيها ومنهم نائب وزير الخارجية سيرغي رياباكوف ذلك. وفيما تتجه الأنظار الى واشنطن لمعرفة ما ستقوم به إدارة الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما إزاء إيران، أفادت المصادر الأوروبية عن وجود اتصالات بين الدول الست «الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا» للنظر في فرض عقوبات جديدة تجارية واقتصادية ومصرفية على طهران تكون بمثابة تشديد للعقوبات التي فرضت حتى الآن. وبحسب هذه المصادر، فإن الديمقراطيين الأميركيين «سائرون» في العقوبات كما كانت ادارة الرئيس جورج بوش.

وتستبعد المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن «تنفرد» واشنطن بالحوار مع طهران لسببين: الأول، حاجتها لإظهار وحدة الأسرة الدولية كمؤشر قوي للمسؤولين الإيرانيين لإفهامهم أنهم لا يستطيعون اللعب على التناقضات داخل مجموعة الست والثاني أن واشنطن بحاجة الى «استنفاذ» كل الطرق الدبلوماسية مع إيران قبل الإنتقال الى «الخيار الآخر» أي الضربة العسكرية. ولذا، فإنها لا تستطيع أن تعزل نفسها وبالتالي تحتاج الى مجلس الأمن الدولي والى شركائها الأوروبيين بالدرجة الأولى. وترى المصادر الدبلوماسية الأوروبية أن واشنطن قادرة من الناحية العسكرية المحض على تحمل أعباء «جبهة جديدة» في الخليج رغم العبء العراقي وعزم واشنطن على تعزيز حضورها العسكري في أفغانستان. وتعزز هذه القناعة أن الخطط الأميركية لا تتضمن «احتلالا» لإيران بل ضربات جوية يمكن أن تكون مقرونة بعمليات أرضية محدودة في المكان والزمان ومحصورة في المواقع النووية الإيرانية. ويعني هذا التصور أن العبء الأكبر، في حال قيام نزاع، سيقع على عاتق سلاح الجو الأميركي الموجود في قواعد الخليج أو على متن حاملات الطائرات أو في قواعده الأساسية.

والحال، كما تؤكد المصادر الأوروبية، أن 10 بالمائة فقط من هذا السلاح مستخدم في الوقت الحاضر ما يترك للأميركيين (وربما للإسرائيليين) مجالا واسعا للتحرك في حال قرروا ذلك.