زرداري: مشاكل المنطقة لا تحل إلا بالحوار .. وقتلة زوجتي أعرفهم

أكثر من 100 ألف باكستاني يحيون الذكرى الأولى لاغتيال بوتو

باكستاني من مؤيدي بوتو يحمل سبحة أمام صورة لرئيسة الوزراء الراحلة (رويترز)
TT

اعلن الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري امس ان «الحوار» هو الوسيلة الوحيدة لتسوية المشكلات التي تواجهها المنطقة في وقت يتصاعد التوتر بين الهند وباكستان منذ وقوع اعتداءات مومباي قبل شهر. وقال زرداري ان «الحوار هو افضل سلاح لدينا»، وذلك في كلمة القاها في حفل تأبيني لزوجته رئيسة الوزراء الراحلة بي نظير بوتو اقيم في الذكرى الاولى لاغتيالها وشارك فيه العديد من الوزراء والنواب. واضاف في كلمته التي بثها التلفزيون الرسمي مباشرة على الهواء من مقر اقامته ان «حل مشاكل المنطقة، يكمن في السياسة والحوار والديمقراطية في باكستان، لان الديمقراطية تشكل جزءا من الحل وليس من المشكلة». وقال انه يعرف هوية قتلة زوجته، وطالب اعضاء حزب الشعب الباكستاني بالصبر لانه يحتاج الى مزيد من الوقت لاعلان اسماء القتلة. وقال زرداري في احياء ذكرى اغتيالها ان الهجوم على زوجته كان هجوما على حياة دولة واستهدف تقويض جهود بناء هياكل ديمقراطية وجهود محاربة التمرد. وبعد عام من اغتيالها تظل اسئلة كثيرة بدون اجابة. فالتحقيقات التي اجرتها الحكومة الباكستانية السابقة والشرطة البريطانية ووكالة المخابرات المركزية الاميركية اتهمت متشددين لهم صلة بتنظيم القاعدة بقتل بوتو التي كانت حليفة وثيقة للحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الارهاب. لكن كثيرين من انصار بوتو أبدوا استياء من تلك التحقيقات وانتابتهم الحيرة من سبب عدم قيام الحكومة التي يقودها حزبها بفعل شيء فعليا للوصول الى كبد الحقيقة. وطالبت الحكومة الجديدة بلجنة تابعة للامم المتحدة لتحقق في الاغتيال وابدى بان جي مون الامين العام للامم المتحدة اول من امس امله في بدء التحقيق في المستقبل القريب. وقالت باكستان انها تريد ان يحدد التحقيق الجناة والمنفذين والمنظمين والممولين للهجوم... بهدف تقديمهم للعدالة. من جهة اخرى تجمع مئات الالاف من انصار رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بي نظير بوتو في بلدتها جارهي خودا باخش امس لاحياء الذكرى الاولى لاغتيالها. وتأتي ذكرى مقتل بوتو التي اصابت البلاد بالصدمة واثارت عنفا استمر اياما من جانب انصارها فيما تواجه باكستان ازمة اخرى. فالتوتر يزداد مع الهند بسبب هجمات المتشددين الشهر الماضي في مدينة مومباي الهندية مما اجج المخاوف من حدوث صراع بين البلدين المجاورين اللذين يتمتعان بقدرة نووية.

وقتلت بوتو، 54 عاما، في هجوم بالبنادق والقنابل في مدينة روالبندي لدى مغادرتها تجمعا انتخابيا بعد ما يزيد على شهرين فقط من عودتها الى البلاد من سنوات من منفاها الاختياري.

وفي فبراير (شباط) استفاد حزب الشعب الباكستاني الذي كانت ترأسه بوتو من موجة من التعاطف معها وفاز في الانتخابات ويرأس حاليا حكومة ائتلافية، واصبح اصف علي زرداري زوج بوتو رئيسا للبلاد. ونجت بوتو من محاولة اغتيال قبل ساعات من عودتها الى منزلها في 18 اكتوبر (تشرين الاول) من العام الماضي. وقتل نحو 140 شخصا في الهجوم على موكب استقبالها في كراتشي. وتحدثت عن مؤامرات للقاعدة لقتلها. لكن كان لها ايضا اعداء في دوائر اخرى بما في ذلك من داخل اجهزة المخابرات ذات النفوذ. ودفنت بوتو في مقبرة اسرتها في قرية جارهي خودا باخش في اقليم السند بالقرب من والدها رئيس الوزراء الاسبق ذو الفقار علي بوتو الذي اعدم شنقا عام 1979 بعدما اطيح به من السلطة في انقلاب عسكري. وشددت الاجراءات الامنية في بلدتها. وقال تنوير أودهو المسؤول الكبير بالشرطة انه جرى نشر ستة الاف من رجال الشرطة فضلا عن مئات من قوات الامن. وأضاف أن الكلاب البوليسية مشطت المكان الذي سيلقي فيه زرداري خطابا في وقت لاحق من امس امام حشد من المؤيدين فيما وضعت كاميرات للمراقبة واجهزة لرصد القنابل. واوضح اودهو ان ما يصل الى 200 الف شخص تجمعوا لاحياء ذكرى بوتو وان كثيرا منهم احتشدوا عند ضريحها. وفي عام 1988 اصبحت خريجة جامعتي هارفارد واكسفورد اول رئيسة وزراء مسلمة تصل الى السلطة في انتخابات ديمقراطية بينما لم تتجاوز 35 عاما. واطيح بها من السلطة عام 1990 لكن اعيد انتخابها عام 1993 واطيح بها من السلطة مرة اخرى عام 1996 وسط اتهامات بالفساد قالت ان وراءها دوافع سياسية.

من جهته اكد رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني امس ان بلاده لا تريد الحرب مع الهند ولن ترد سوى في حال التعرض لاستفزاز، غداة تصعيد التوتر مجددا بين البلدين الجارين. وقال جيلاني خلال مراسم صلاة اقيمت في مقره الرسمي في اسلام اباد في الذكرى الاولى لاغتيال رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو «لا نريد مواجهة مع جيراننا، نريد اقامة علاقات ودية معهم». واضاف خلال الحفل الذي بثه التلفزيون العام مباشرة «اؤكد لكم مرة جديدة اننا لن نتحرك. سنكتفي بالرد. لن نكون المبادرين الى مغامرات متهورة، لكننا في الوقت نفسه قادرون على الدفاع عن بلادنا». وتراجعت العلاقات بين الهند وباكستان الى ادنى مستوياتها بعد الاعتداءات الدامية (172 قتيلا) التي وقعت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) في مومباي عاصمة الهند الاقتصادية ونسبتها نيودلهي الى حركة عسكر طيبة الاسلامية التي تتخذ من باكستان مقرا لها. وتبدي اسلام اباد استعدادها للتعاون مع الهند لكنها تعتبر انها لم تقدم لها حتى الان ادلة دامغة على ضلوع مواطنين باكستانيين في الاعتداءات. واشتد التصعيد السياسي والعسكري بين الهند وباكستان اول من امس مع الاعلان عن تعزيزات باكستانية على الحدود فيما جمعت نيودلهي هيئة اركانها لدرس مستوى تحضير قواتها الدفاعية في حال اندلاع مواجهة عسكرية. وتحدث مسؤولون باكستانيون طلبوا عدم كشف اسمائهم عن حشد «بضعة الاف» الجنود، غير ان الصحف المحلية افادت السبت عن نشر عشرين الف جندي.

ولطالما اعلنت اسلام اباد ونيودلهي انهما لا تريدان الحرب مع التحذير من انهما ستردان في حال التعرض لاستفزازات. ودعت الولايات المتحدة مساء الحكومتين لعدم القيام بأي تحرك من شأنه زيادة حدة التوتر بينهما وللتعاون معا في التحقيق في اعتداءات مومباي. ودعا وزير الخارجية الهندي براناب مخرجي مجددا باكستان الجمعة الى بذل المزيد من الجهود لتفكيك حركة عسكر طيبة المحظورة في باكستان. ومع تصعيد التوتر بين البلدين اللذين خاضا حتى الان ثلاث حروب منذ استقلالهما عام 1947، تكثف النشاط الدبلوماسي خلال الايام الماضية في المنطقة. والتقى مخرجي الجمعة نظيره السعودي سعود الفيصل وتحدث الى نظيريه الصيني يانغ جيشي والايراني منوشهر متكي والى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، بحسب ما افادت اجهزته.