باراك يعطي الضوء الأخضر لعملية برية محدودة.. والعسكريون يدرسون 7 سيناريوهات

مطالبات بأن تبدأ قبل جلسة مجلس الأمن المقبلة.. إخلاء الأجانب من القطاع.. أولمرت يريدها شبيهة للبنان

جندي اسرائيلي يتحصن خلف صخرة كتب عليها «تحرير غزة» خلال مظاهرة خرجت في الخليل (أ.ف.ب)
TT

التقى رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت، امس، مرة ثانية خلال 24 ساعة، بوزير دفاعه ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيفي ليفني، لبحث تفاصيل، ومتى تبدأ العملية البرية في قطاع غزة. ويعتبر الهجوم البري، المرتقب، واحدا من بين 7 سيناريوهات، درستها القيادة الاسرائيلية والأجهزة الأمنية. وكان باراك التقى قادة الجيش يوم الخميس الماضي في اجتماع هو الأطول واستمر حتى فجر الجمعة، واعطى خلاله باراك قادة جيشه الضوء الاخضر لتنفيذ العميلة البرية، في الوقت المناسب. وقال مسؤول اسرائيلي بارز ان الجيش الاسرائيلي سينفذ عملية برية بمشاركة الكثير من الجنود الاسرائيليين لكنها محدودة.

ومنذ يومين تضرب الطائرات الاسرائيلية مناطق مفتوحة على طول الحدود مع غزة، فيما فسر على انه تمشيط للمنطقة من الافخاخ، والانفاق، يسبق الدخول البري. كما اخلت حملة الجوازات الاجنبية من القطاع. ويتركز النقاش في اسرائيل، حول هذه العملية، وموعد تنفيذها، ومدتها، وعمقها، والنتائج المرجوة منها، وتعتقد الدبلوماسية الاسرائيلية، انه اذا ما شنت اسرائيل هجوما بريا فإنه سيتعين عليها انهاؤها حتى موعد أقصاه يوم الاثنين المقبل، أي قبل انعقاد مجلس الأمن الدولي. ويرى مسؤولون آخرون انه من المهم ان تبدأ قبل انعقاد مجلس الامن، ووصول الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ووزير الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنير، الى إسرائيل يوم الاثنين، في محاولة لوقف النار. وتتوقع إسرائيل أن الموقف الدولي سميارس ضغوطا اكبر لوقف العمليات العسكرية إلى جانب تصاعد الأزمة الإنسانية في القطاع. وكتب كبير المعلقين في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، والمراسل السياسي للصحيفة، شمعون شيفر، في مقال مطول، امس، أن «إسرائيل عائدة إلى غزة. بتأخير معين، وبتخوفات كبيرة، وبتردد، لكنها عائدة.. وما بدأ السبت الماضي بغارات جوية، سينتهي ـ على ما يبدو ـ في البر. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى وصف بأنه ضالع في عملية صناعة القرار، إن هناك موقفين في إسرائيل حيال العملية البرية.

الموقف الأول يقول إنه من دون أن تشن إسرائيل عملية عسكرية برية فإنها لن تنجح في حسم الحرب. أما الموقف الثاني فيقول، إنه إذا كانت حماس تتمنى العملية العسكرية البرية الإسرائيلية إلى هذا الحد، وفقا لمعلومات استخباراتية موجودة بحوزة إسرائيل، فربما من الأفضل أن تفكر إسرائيل مرتين قبل شن عملية كهذه. ويبدو ان هدف اسرائيل النهائي من هذه العملية، وقفا للنار برعاية دولية، كم حدث في جنوب لبنان بعد حرب 2006، ونقل عن أولمرت، في إحدى المداولات، قوله، «إنه بعد سنتين ونصف لم يتم إطلاق رصاصة واحدة من حدود لبنان. وليتنا نتوصل إلى نتائج مشابهة في العملية العسكرية الحالية». وبحسب مصادر اسرائيلية فان عمق العملية العسكرية، سيحدده الموقف على الارض، لكن الجيش سيجتاح بداية، مناطق مفتوحة، ثم يقرر الى اي حد يتعمق، ويتجنب الاسرائيليون اعادة حتلال القطاع، اي الدخول الى عمق كبير.

ورأى المراسل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، ومراسل الشؤون الفلسطينية، آفي سخاروف، في تحليل مشترك، إنه «بعد أسبوع تقريبا على بداية الحرب، أخذ يتضح أن إسرائيل أهدرت فرصة ثمينة لإنهائها عمليات رد الفعل فحسب». واعتبرا أن «النتيجة هي أن حماس تتدارك نفسها جزئيا فيما إسرائيل تتدهور باتجاه عملية عسكرية برية، محفوفة بمخاطر كثيرة» على امل ان حماس «تحتاج الآن إلى امتصاص ضربة عسكرية بالغة القوة من أجل أن توافق على الإملاءات الإسرائيلية». من جانبه رأى المحلل السياسي في «هآرتس»، ألوف بن، «انه من الصعب التوقف بعد عملية رد فعل موجعة. وإسرائيل مقتنعة بأن ضغطا آخر صغير سيهزم العدو، لكنها تتردد في دفع ثمن الخسائر جراء عملية عسكرية برية ولا تريد أن تنجر مجددا إلى احتلال غزة، والنتيجة هي استنزاف متواصل، بانتظار تدخل دولي، أو عملية عسكرية كاسرة للتوازن وتجعل العدو ينهار». وتتوقع القيادة الجنوبية في الجيش الاسرائيلي أن هجوما بريا سيؤدي الى وقوع اصابات اسرائيلية ولكنه سيحقق تهديدا مباشرا ومتزايدا ضد حماس. وبخلاف الحرب البرية في لبنان، فان قادة الجيش، يعرفون انهم سيضطرون لشن الحرب في قطاع غزة في مناطق مدنية ذات كثافة سكانية عالية في مرحلة معينة، وان اهل غزة ليس لهم مكان للهرب مثلما فعل المدنيون في لبنان وهذا ما سيوقع خسائر كبيرة. وقالت الاذاعة العبرية، امس، إن قوات الأمن المصري عززت من وجودها وحراستها للشريط الحدودي مع غزة تحسبا لوقوع اجتياح إسرائيلي بري للقطاع.

وتتخوف السلطات المصرية، بحسب الإذاعة العبرية، من أن «يؤدي مثل هذا الهجوم إلى تدفق مكثف للاجئين الفلسطينيين على مصر».

ويعتبر الهجوم البري، المرتقب، واحدا من بين 7 سيناريوهات، درستها القيادة الاسرائيلية والأجهزة الأمنية، ويتحدث السيناريو الأول، منها عن استمرار الوضع القائم، (أي استمرار القصف الجوي لأهداف تابعة لحركة حماس)، ويرى الجيش أن الميزة «الإيجابية» لهذا السيناريو هو أن عدد الإصابات في الجانب الإسرائيلي يبقى أقل، أما سلبية هذا السيناريو هو أنه لا يمكن حسم المعركة وإخضاع حماس بهذا الأسلوب.

والسيناريو الثاني، يقضي بتوغلات برية محدودة، وهذا سيظهر إصرار اسرائيل على ضرب حماس، لكنه سيضمن عدد قتلى اسرائيليين أكبر. اما السيناريو الثالث، وهو الخيار الذي لا يفضله الجيش، وهو اجتياح كامل لقطاع غزة، وهذا يعني إعادة احتلاله، وهذا سيؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة وكثيرة في الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، واضطرار الاحتلال الإسرائيلي للتعامل مع الجمهور الفلسطيني الواسع والغاضب بشكل يومي.

ويقترح السيناريو الرابع أن «تعلن إسرائيل من جانب واحد وقفا لإطلاق النار، وهذا سيحسن وضعها أمام العالم، ولكن من ناحية أخرى، فإن إسرائيل لا تكون قد حققت إنجازا. وخامس سيناريو، هو التوصل إلى اتفاق تهدئة بوساطة دولية، شرط أن تكون لفترة طويلة جداً، وأن تشمل إطلاق سراح جندي الاحتلال الأسير في قطاع غزة، حتى وإن كان الأمر مرتبطاً بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، «وهذا هدف نهائي للعملية».

اما السيناريو السادس، فيتحدث عن، إعادة احتلال محور صلاح الدين، وهو المقطع الحدودي بين قطاع غزة ومصر، والسيناريو السابع، وهو الأقل واقعية من ناحية «إسرائيل»، وهو الشروع بمفاوضات سياسية وأمنية مع حركة «حماس»، ولكن هذا يتطلب منها تغييراً أساسياً في سياستها التي ترفض الاعتراف باسرائيل.

وبالتالي فان اسرائيل رأت ضرورة تنفيذ عملية برية لا تدخل فيها الى عمق القطاع من اجل التوصل اخيرا الى وقف اطلاق نار بمراقبة دولية. وتمهيدا على ما يبدو للهجوم البري الاسرائيلي، سمحت اسرائيل لحوالي 450 من حملة جوازات السفر الاجنبية بمغادرة غزة، امس، عبر معبر ايرز. وتكتمت على موعد محدد للعملية واعطت احتمالات مختلفة، لكن الاذاعة الاسرائيلية رجحت البدء بالعملية خلال الجمعة او السبت، في محاولة للحسم قبل اصدار اي قرار من مجلس الامن.