إسرائيل تعترف بقتل ضابط وتنفي خطف أي جندي.. وتفرض رقابة عسكرية صارمة

رئيس مخابراتها العسكرية: حماس نادمة على قرارها وقف التهدئة

اطفال فلسطينيون يفرون من منازلهم في جباليا شمال غزة تحت ضغط القصف الاسرائيلي الجوي والبري والبحري امس (ا ف ب)
TT

وسط شعور بالزهو والحديث عن «مكاسب كبيرة» في عدوانها الضروس على قطاع غزة، التأمت الحكومة الاسرائيلية، أمس، وقررت الاستمرار في العمليات الحربية براً وبحراً وجواً. وأعلنت ان هذه الحرب ليست موجهة ضد الشعب الفلسطيني انما هدفها القضاء على قدرة حماس على اطلاق الصواريخ باتجاه البلدات الاسرائيلية. ونفى الناطقون الاسرائيليون الأنباء التي ذكرت ان اثنين من الجنود الاسرائيليين سقطا في الأسر خلال المعارك، ولكنهم اعترفوا بمقتل جندي وإصابة حوالي ثلاثين اخرين،؛ أحدهم في حالة ميئوس منها، واثنان حالتهما قاسية والباقون جراحهم ما بين خفيفة ومتوسطة. وكانت الحكومة قد التأمت، أمس، في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، كعادتها في الحروب، وليس في القدس. وقررت الاستمرار في فرض رقابة عسكرية صارمة على الصحافة الاسرائيلية ومنع نشر أية كلمة عن هذه الحرب من دون تمريرها على الرقابة، وهذا نظام لم تشهد اسرائيل مثيلا له منذ حرب أكتوبر(تشرين الأول) 1973. كما صادقت على قطع أية صلة بين الجنود الاسرائيليين المشاركين في الهجوم وبين ذويهم، وقبل أن ترسلهم الى الجبهة، صادرت منهم جميع الهواتف الجوالة. وعللت الحكومة هذا التصرف بأنه جاء استفادة من تجربة حرب لبنان الثانية سنة 2006، حيث ان الجنود أكثروا من مهاتفة ذويهم، وبذلك تم كشف أسرار عسكرية الى العدو.

ومع ذلك، فقد تحدث قادة الجيش والمخابرات بتبجح عن «المكاسب الكبيرة» التي تحققت في العمليات الحربية البرية في هذا العدوان. فقال رئيس اركان الجيش، الجنرال غابي اشكنازي، انه لم يبق سوى القليل من حكم حماس في قطاع غزة. وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الجنرال عاموس يدلين، ان قيادة حماس السياسية في الخارج تعيش حالة ضغط وتوتر واضح وتحاول التوصل الى وقف لاطلاق النار في أسرع وقت حتى تنقذ الحركة من فشلها. وادعى يدلين ان لديه معلومات تفيد بأن قيادة حماس بدأت تشعر بالندم على قرارها وقف التهدئة، لأنها من جهة، لم تتوقع حجم الرد الاسرائيلي، ومن جهة ثانية لم تتوقع أن تفشل في جر العالم العربي الى حربها مع اسرائيل.

ولكن رئيس المخابرات العامة (الشاباك)، يوفال ديسكين، حاول التخفيف من الغطرسة، وقال ان قيادة حماس السياسية فقط هي التي تلقت ضربة، لأنها أثبتت ان حساباتها خاطئة، ولكن الأذرع العسكرية للحركة وبقية التنظيمات المسلحة، ما زالت قوية. ولم تتلق ضربة مباشرة تمنعها من اطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل، بل بالعكس، فها هي تواصل (في يوم أمس أطلقت باتجاه البلدات الاسرائيلية حوالي 50 صاروخاً وقذيفة، لكنها لم تلحق اصابات بشرية).

وكانت القوات الاسرائيلية قد بدأت بتنفيذ هجومها البري في الساعة السابعة من مساء أول من أمس، حسب التوقيت المحلي. وجاء القرار بذلك في اجتماعات سرية للمجلس الوزاري المصغر استمرت طيلة يوم الجمعة وحتى الثالثة من فجر السبت واستؤنفت في الحادية عشرة قبل الظهر وتواصلت حتى الرابعة، في ما مجموعه 18 ساعة. وحرصت الحكومة على اشراك رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، في القرار حيث اتصل به رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، عدة مرات واستمع الى رأيه وأبلغه بالقرار النهائي؟ ثم أمرت الحكومة الجيشَ بأن يبدأ الهجوم البري في الوقت الذي يراه مناسبا. وقرر الجيش موعدَ الهجوم بعد ثلاث ساعات (السابعة من مساء السبت). وبدأت العمليات العدوانية بقصف جوي وبحري مكثف، وبقصف مقابل بالمدفعية. وبعد دك المناطق الحدودية، بدأت القوات تتوغل في أراضي القطاع من أربعة محاور، بغية السيطرة على مواقع اطلاق الصواريخ وتصفية أكبر عدد من مقاتلي حماس وقادة الأجنحة العسكرية أو السياسية. وخرج وزير الدفاع، ايهود باراك، في تصريحات قال فيها ان هذه العملية كانت اضطرارية. وانها ستطول ولن تكون قصيرة. وانها ستكلف ثمنا غير قليل. وفي كلمة موجهة الى ذوي الجنود الاسرائيليين في أرض المعركة، قال رئيس الحكومة أولمرت، انه طيلة الأسابيع الأخيرة يفكر فيهم وفي أبنائهم وحاول قدر مستطاعه تأخير هذه العملية حتى لا تشتعل الحرب. ولكن حماس أصرت على موقفها ولم تترك لاسرائيل مخرجا آخر على حد زعمه. وأكد انه يريد انهاء العمليات الحربية في أسرع وقت، شرط أن تنشأ ظروف مناسبة تمنع أي خطر بالعودة الى اطلاق الصواريخ. وقال أولمرت: «نحن لا نريد اعادة احتلال قطاع غزة ولا اسقاط حكم حماس فيها. ولكننا نريد أن نوقف معاناة سكاننا في الجنوب من العيش في ظل كابوس (صواريخ) القسام». وأكد ان اسرائيل ستحترم كل مبادرة لوقف اطلاق النار وستتفاوض حولها، ولكنها لن توقف العمليات إلا إذا إذا ضمنت اجراء هذا التغيير الجوهري.

جدير بالذكر ان الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ووزير خارجيته، برنار كوشنير، سيصلان الى اسرائيل اليوم ضمن جولة بالمنطقة تستهدف بحث امكانية وقف العمليات الحربية العدوانية والتوصل الى اتفاق تهدئة جديدة بشروط جديدة، وربما توسيع ذلك الى اتفاق أشمل يتضمن صفقة تبادل أسرى يطلق بموجبها سراح الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين وفرض نظام جديد يمنع ظاهرة الأنفاق وعمليات تهريب الأسلحة الى قطاع غزة.