إسرائيل تحاول استغلال الجهود الدولية لتأجيل وقف النار وفرض شروطها

تطالب بوضع برنامج زمني لمفاوضات إطلاق شليط وتغيير الواقع على الحدود مع مصر

شباب فلسطينيون خلال مواجهات مع جنود الاحتلال في بلدة يطة جنوب الضفة الغربية احتجاجا على العدوان في غزة امس (إ ب أ)
TT

تسعى الحكومة الاسرائيلية لاستغلال الجهود العربية والدولية لوقف النار في قطاع غزة من أجل المماطلة وكسب أكبر قدر من الوقت حتى تنشئ أمراً واقعاً في الميدان وتفرض شروطها لهدنة جديدة. وحدد مصدر سياسي هذه الشروط بالقول: تهدئة كاملة وطويلة الأمد جدا ووضع برنامج زمني صارم للمفاوضات حول صفقة تبادل أسرى وتغيير الواقع على الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر يمنع فيه تهريب المزيد من الأسلحة الى حماس.

وقال وزير الدفاع، ايهود باراك، ان اسرائيل لم تبادر الى اطلاق النار وعملت كل ما في وسعها خلال الشهور الأخيرة لتثبيت التهدئة، ولكن حماس أصرت على الاستفزاز والتحدي، فاضطرت اسرائيل الى العمليات الحربية. وأضاف باراك الذي كان يتحدث أمس أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية ان العمليات الحربية لم تحقق أهدافها بعد، ولذلك فإنها لن تتوقف. وأما الجهود الدولية لوقف النار، فاعتبرها باراك «جهودا مباركة سنوافق عليها ونتبناها ونوقف العمليات، إذا تضمنت شروطا ملائمة لأهدافنا، فتمتنع حماس عن التفكير في العودة الى إطلاق الصواريخ وتنشأ ظروف جديدة تمنع تهريب الأسلحة تماما لها».

وكانت الحكومة الاسرائيلية قد اعترفت بأنها تتعرض حالياً لضغوط عربية ودولية شديدة لوقف النار. فقد اتصل العديد من وزراء الخارجية العرب بنظيرتهم الاسرائيلية تسيبي ليفني يطلبون منها وقف العمليات الحربية وإعطاء فرصة للجهود المصرية مع حماس، لعلها تفضي الى وقف النار والتقدم الى هدنة جديدة بشروط جديدة مريحة للطرفين. واتصل مندوب عن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، بأولمرت وأبلغه ان العمليات الحربية باتت تشكل خطرا لتدمير عملية السلام برمتها ونسف كل ما أنجز فيها، وانه لا يستطيع تحمل القتل والدمار الحاصل في غزة، والذي يقع ضحيته الشعب الفلسطيني بأسره وليس حماس. ووصل الى اسرائيل، مساء أمس، الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، واجتمع مع رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، والرئيس شيمعون بيريس وليفني. وكان قد وصل قبله، ظهر أمس، وفد الترويكا الأوروبي برئاسة وزير الخارجية التشيكي، كارل تشفارتسنبيرغ، الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوروبي، وعضوية وزيري الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، والسويدي، كارل بيلد، ومسؤولي ملف الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا وبنيتا فريرو ـ فلاندر. وسبق هذا الوفد توني بلير، كمندوب عن الرباعية الدولية، ونائب وزير الخارجية الروسي، الكسندر سلطانوف، مندوبا عن الرئيس الروسي.

وطلب جميعهم من اسرائيل ان توقف اطلاق النار. وحتى الوزير التشيكي، المعروف بتحيزه المفرط لإسرائيل، قال بعد لقاء ليفني ان على اسرائيل وقف اطلاق النار قبل التوصل الى الشروط التي تحاول فرضها. وطالبها ان تعطي الفرصة لمصر بأن تنهي المفاوضات مع حماس بنجاح وتجنح الى المفاوضات رافضا الوهم بأن العمليات الحربية قادرة على التوصل الى شيء مجدٍ. وحسب مصادر اسرائيلية عليمة، فإن الأوروبيين حذروا اسرائيل من مغبة الاستمرار في رفض الوساطة، خصوصا ان مجلس الأمن الدولي سيجتمع اليوم لبحث الموضوع، وان الموقف الأوروبي لن يكون مريحا لاسرائيل في حالة استمرار الحرب. وكان المسؤولون الاسرائيليون قد نفوا وجود أزمة انسانية في قطاع غزة مدعين بأن اسرائيل أدخلت الى القطاع ما يزيد على 200 شاحنة محملة بالأدوية والأغذية منذ بدء العمليات الحربية قبل عشرة أيام، وان حربها ليست موجهة الى أهل غزة المدنيين انما ضد حماس. وقال بيريس ان ما يؤدي الى اصابة المدنيين هو اختيار قادة حماس الاختباء في صفوف المدنيين وخزن الأسلحة والمتفجرات في بيوتهم. وقال مصدر سياسي في الحكومة الاسرائيلية بصراحة، أمس، ان اسرائيل هي التي ستحدد شروطها لانهاء هذه الحرب، وشروطها هذه المرة ستكون قاسية حتى يدرك الفلسطينيون ان حماس خدعتهم وورطتهم في حرب قاسية، وانها خرجت منها مهزومة. وإذا كان هذا الموقف غير مقبول على الأوروبيين، فإنهم سيرون كيف تحققه اسرائيل بالقوة.