مؤسسات دولية تعد لوائح اتهام ضد مسؤولين إسرائيليين.. لتقديمهم لمحكمة جرائم الحرب

وزيرة إسرائيلية سابقة: الجيش يقتل مدنيين فلسطينيين بشكل متعمد

افراد اسرة فلسطينية يبكون لدى سماعهم نبأ وفاة والدتهم في بلدة بيت لاهيا شمال غزة امس (ا ب)
TT

وصلت الى اسرائيل، معلومات مؤكدة من نيويورك تفيد بأن مؤسسات حقوق الانسان الدولية بشكل عام ومكتب التنسيق حول حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بشكل خاص، باشرت في إعداد لوائح اتهام ضد مسؤولية اسرائيليين سياسيين وعسكريين، بغية تقديمهم الى المحكمة الجنائية الدولية التي تدير محاكمات جرائم الحرب.

وتزامن هذا الاعلان مع تصريحات أدلت بها وزيرة التعليم الأسبق في الحكومة الاسرائيلية، شولميت ألوني، اتهمت فيها الجيش بإعدام المدنيين الفلسطينيين بشكل متعمد. وقالت ألوني ان خطة الجيش الاسرائيلي وتنفيذها يدلان بوضوح على انهم توقعوا أن تكون الاصابات مرتفعة في صفوف المدنيين، ولم يترددوا في مواصلة العمل بها حتى عندما زاد عدد الضحايا على التوقعات. لكن الأنكى من ذلك، حسب ألوني، هو ان الجيش قتل مدنيين فلسطينيين بشكل متعمد في عدة حالات. وقدمت مثلا عن عائلة من شمال قطاع غزة (عائلة السموني)، تم حشر 70 فردا منها داخل بيت واحد ليومين، وحين حاول اثنان من أفرادها الخروج لجلب طعام وماء أطلق الجنود عليهم الرصاص، مع انهم يعرفون انهم عزل من السلاح ولا ينتمون لحركة حماس، وقامت طائرة من سلاح الجو الاسرائيلي بقصف المنزل، مما أدى الى قتل 23 شخصا منهم وجرح 27 وبعد ذلك اعتقلوا من تبقى منهم حيا من الذكور.

وقالت المصادر الاسرائيلية ان لوائح الاتهام التي يجري إعدادها ستوجه الى مديري هذه الحرب عسكريا، وهم بالأساس رئيس أركان الجيش، غابي اشكنازي، والمسؤول المباشر للعدوان قائد اللواء الجنوبي في الجيش، يوآف غالانت، ومجموعة كبيرة من العمداء والعقداء الذين يديرون الحرب مباشرة. وتوجد هناك جهات في مؤسسات حقوق الانسان ترى انه بالامكان إعداد لوائح اتهام أيضا ضد القيادة السياسية الاسرائيلية التي تتابع شؤون الحرب (المجلس الوزاري الأمني، الذي يضم 12 وزيرا)، وفي مقدمتهم الطاقم الثلاثي المؤلف من رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، ونائبيه وزير الدفاع، ايهود باراك، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني. ولا تخفي مؤسسات حقوق الانسان في اسرائيل مساهماتها في هذا النشاط الدولي، علما بأن هناك 11 منظمة كهذه، غالبيتها يهودية، توثق بشكل فاعل جرائم الحرب وكل مساس بحقوق أو حياة الانسان في العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وبينها منظمتان عربيتان توجهتا الى المؤسسات الدولية مطالبة بمحاكمة القادة الاسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، هما مركز الحقوق القانوني «عدالة» والمؤسسة العربية في الناصرة لحقوق الانسان.

وكانت محكمة العدل العليا في اسرائيل، قد نظرت في دعوى رفعتها تسع منظمات حقوق انسان في اسرائيل ضد الحكومة تطلب فيه إصدار أمر يجبرها على وقف التعرض للطواقم الطبية الفلسطينية في قطاع غزة (تم قصف 21 طاقما طبيا وقتل عنصرين)، ودعوى أخرى تطلب اصدار أوامر تلزم الحكومة الاسرائيلية بتمديد فترة وقف اطلاق النار للأغراض الانسانية باعتبار ان وقف النار مرة في اليوم لثلاث ساعات لا يكفي لتزود المواطنين الغزيين بالمواد الغذائية والحيوية وما يقدم خلال هذه المدة لا يسد سوى 16% من حاجة السكان. وأصدرت المحكمة قرارا تأمر به الحكومة الاسرائيلية بتوضيح موقفها خلال أربعة أيام. ومن المفترض أن ترد الحكومة الاسرائيلية على الأمر اليوم.

وحاول الجيش الاسرائيلي استباق هذا النقاش في المحكمة بزيادة ما يدخله الى قطاع غزة من مواد في اليومين الأخيرين، وحسب الناطق بلسان الجيش فإنه أدخل منذ بداية العدوان مليون لتر من الوقود و700 شاحنة تحمل الأدوية والمواد الغذائية، وقال انه سيقدم للمحكمة «أفلاما مصورة تظهر كيف يسرق ناشطو حماس كميات كبيرة من هذه المواد لاستخدام الحركة وقادتها. لكن أوساطا حقوقية تؤكد أن النشاط القضائي الدولي يقلق القيادات الاسرائيلية. وقد بدأت مشاورات لتنظيم مساعدات قضائية لكل قائد اسرائيلي تقدم ضده لائحة اتهام، علما بأن الجيش كان قد استدعى رجال قانون لمرافقة كل فرقة في الجيش خلال العمليات الحربية. وفي هذا الإطار تم ابتداع فكرة الاتصال مع المواطنين الفلسطينيين هاتفيا ودعوتهم الى اخلاء منازلهم قبل قصفها وتدميرها، لكي تبرئ القيادة العسكرية الاسرائيلية ذمتها من تهمة جرائم الحرب. وهي الخطوة التي جوبهت بالاستهتار من رجال القضاء الموضوعيين، حيث ان القوانين الدولية لا تجيز قصف المدنيين حتى لو تم تحذيرهم وتنبيههم أو حتى لو أتيحت لهم فرصة الهرب، خصوصا وانه لا مكان آمنا يهربون اليه.