إيران تكشف «محاولة انقلابية» مدعومة من أميركا.. وتتعقب متورطين في «أول عملية انتحارية»

قالت إنها اعتقلت 4 متورطين تلقوا دعما من الكونغرس الأميركي

TT

قالت السلطة القضائية الايرانية ان ايران ألقت القبض على أربعة ايرانيين متهمين بالتورط في مؤامرة ممولة من الولايات المتحدة تهدف إلى الإطاحة بالنظام الإيراني. ويأتي هذا الإعلان قبل أسبوع من تولي الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما مهام منصبه، غير أنه يأتي ايضا وسط سخونة في أجواء إيران الداخلية اذ ان الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي لم يستبعد قبل يومين بشكل قاطع عدم ترشحه لانتخابات الرئاسة الإيرانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل. وكثيرا ما تقوم السلطات القضائية الإيرانية بتوجيه اتهامات الى الاصلاحيين الإيرانيين او المحسوبين عليهم قبل الانتخابات العامة، البرلمانية او الرئاسية. وقال علي رضا جمشيدي المتحدث باسم السلطة القضائية في طهران انه تم القبض في طهران على المتهمين الاربعة الذين أشار الى أنهم حصلوا على تمويل من الحكومة والكونغرس الاميركيين وستعلن الاحكام ضدهم قريبا. وتابع في مؤتمر صحافي امس «الاخبار التي ستعلن تفاصيلها اما غدا أو بعد غد ترتبط بشبكة ناعمة كان هدفها الاطاحة بالنظام الاٍسلامي بتمويل من الحكومة الاميركية». واستطرد «أحد أهداف هؤلاء الافراد كان تأسيس شبكة للاطاحة بالكيان الاسلامي وألقي القبض على كل أعضائها». وأضاف جمشيدي أن الاشخاص الذين لم يذكر هوياتهم حاولوا تجنيد اخرين في ايران وتدريبهم داخل وخارج البلاد على أساليب تهدف الى اضعاف النظام. ولم يذكر أي تفاصيل. ونقلت عنه وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية قوله ان وكالة المخابرات المركزية الاميركية متورطة أيضا في تأسيس وتوجيه الشبكة. وقال جمشيدي «للاسف شهدنا خلال الاعوام المنصرمة جرائم توجهها أو تقودها هذه الحكومة الاميركية». وتحت رئاسة بوش الذي تنتهي فترة ولايته في 20 يناير قادت الولايات المتحدة مسعى لعزل ايران لكي تضغط عليها من أجل وقف أنشطتها النووية وهو أمر رفضت ايران مرارا القيام به.

وعلى صعيد اخر، قال جمشيدي ان قوات الامن الإيرانية تتعقب الذين يقفون وراء ما وصف بأنه أول عملية انتحارية في إيران ووقعت في نهاية ديسمبر في جنوب شرق البلاد. وأضاف جمشيدي ان اجهزة الامن والمخابرات «تتعقب المشبوهين الذين يقفون وراء العملية الانتحارية التي استشهد فيها رجلان وقتل منفذها». وهذه هي المرة الاولى التي تعلن فيها السلطات ان الاعتداء الذي وقع في منطقة صرفان باقليم سيستان ـ بالوشستان يوم 29 ديسمبر والذي قتل فيه شرطيان واصيب عشرة اشخاص كان عملية انتحارية. واكد جمشيدي ان الشرطة «نجحت في منع وقوع كارثة لان هذه المجموعة كان لديها خطة كبيرة تم افشالها». ويتكرر وقوع اشتباكات بين قوات الامن والناشطين السنة من جماعة «جند الله» في هذه المنطقة الايرانية النائية التي تتاخم الحدود الباكستانية. وأكدت هذه الجماعة التي يتزعمها عبدالملك ريغي في ديسمبر انها قتلت 16 شرطيا ايرانيا كانوا قد اختطفوا في يونيو في صرفان وهي مدينة قريبة من الحدود الباكستانية. وتطالب هذه المجموعة بحكم ذاتي موسع للاقلية السنية في بالوشستان. وتتهمها السلطات بين الفينة والأخرى بشن هجمات مسلحة وعمليات اختطاف ضد قوات الامن. وفي الاسبوع الماضي وقع هجوم في شمال شرقي ايران بمحاذاة الحدود الافغانية ضد عدد من الشيعة مما اسفر عن سقوط قتيل وعدد من المصابين في مدينة تربة جم.

وأكدت وزارة المخابرات الاثنين ان المسؤولين عن هذا الهجوم قد اعتقلوا وانهم «اعترفوا بانهم كانوا يريدون اثارة اضطرابات والمساس بالوحدة الوطنية والترابط الاسلامي» في البلاد.

ويشكل الشيعة اكثر من 90 في المائة من سكان ايران، بينما تعيش في البلاد اقليات سنية تقطن بصفة عامة في المناطق الحدودية. وطالب 15 عضوا سنيا في البرلمان الايراني في سبتمبر الماضي الرئيس محمود احمدي نجاد باتخاذ اجراءات بعد تدمير مسجد للسنة في جنوب شرقي البلاد. وتأتي التوترات داخل إيران غير مفصولة عن الانتخابات الرئاسية المقبلة والتي ستشهد مواجهة ساخنة بين المحافظين والاصلاحيين. وقال الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي، الذي فاز في انتخابات عامي 1997 و2001 باغلبية ساحقة، اول من امس انه قد يخوص انتخابات الرئاسة هذا العام في أوضح علامة حتى الان على انه يبحث ترشيح نفسه.

وعمل خاتمي من اجل التغيير السياسي والاجتماعي خلال فترة توليه الرئاسة التي استمرت ثمانية اعوام لكن المتشددين الذين يتحكمون في كثير من مفاتيح السلطة في إيران عرقلوا كثيرا من اصلاحاته الامر الذي افقده بعضا من أهم مؤيديه مثل الطلبة. واذا قرر خاتمي ان يرشح نفسه فمن المتوقع ان ينافس محمود احمدي نجاد الذي تولى السلطة في عام 2005 متعهدا بالعودة الى المبادئ الثورية ووعد بتوزيع ثروة إيران النفطية بشكل اكثر عدلا.

ويتعرض احمدي نجاد لانتقادات متزايدة بسبب التضخم الذي ارتفع الى قرابة 30 في المائة العام الماضي كما يلاقي معارضة وخصوصا من الإصلاحيين لخطبه ذات اللهجة الحادة المتعلقة بالسياسة الخارجية التي يقولون انها زادت عزلة ايران. ونقلت وكالة انباء الطلبة الايرانية عن خاتمي قوله في تجمع سياسي في اقليم عيلام انه سيصبح مرشحا للرئاسة هو أو مير حسين موسوي وهو سياسي اصلاحي اخر. وقال «اود ان ابلغ جميع الاصلاحيين ومن ليسوا في جبهة الاصلاح لكنهم يريدون تغيير الظروف الحالية انه بعون الله سيصبح أحدنا أنا والمهندس مير حسين موسوي مرشحا في القريب العاجل». وكان موسوي رئيسا للوزراء بعد الثورة وتولى المنصب في الفترة بين عامي 1981 و1989. والغي المنصب بعد تركه له. وكان الاصلاحيون في وقت من الاوقات يسيطرون على الرئاسة والبرلمان والمجالس البلدية الرئيسية لكنهم لا يسيطرون الان على اي مناصب مهمة. وحتى عندما كانوا يشغلون مثل تلك المناصب لم تكن المفاتيح الاساسية الاخرى للسلطة تحت سيطرتهم الامر الذي عرقل جهودهم الإصلاحية.

وكان خاتمي قد قال انه ينبغي لمن يريد ترشيح نفسه للرئاسة أن يضمن توفر الصلاحيات اللازمة لتنفيذ سياساته. ويقول المحللون ان من المرجح ان يؤجل اي اعلان نهائي حتى اللحظة الاخيرة قبل موعد الانتخابات في 12 يونيو. وبرغم عرقلة كثير من اصلاحات خاتمي مثل قانون لتخفيف القيود على الصحافة فقد كانت وسائل الاعلام اكثر حيوية ونشاطا خلال فترة رئاسته حتى مع تعرض كثير من الصحف للحظر كما تم تخفيف بعض القيود الاجتماعية.