دحلان لـ«الشرق الأوسط»: ما حدث في غزة نكبة جديدة.. وحماس ورقة صغيرة في اللعبة الإيرانية والسورية مع أوباما

اتهم أبو مازن بالتقصير في إنجاز مؤتمر فتح ودعا لبناء تركيبة منظمة التحرير المعمول بها منذ 1964

محمد دحلان («الشرق الأوسط»)
TT

أكد محمد دحلان، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن الحل للأزمة الفلسطينية الحالية بالاتجاه لمصالحة وطنية ووحدة الصف والعودة لحكومة توافق وطني، تؤدي إلى انتخابات يحسم فيها الشعب كلمته ويختار من يقوده في المرحلة المقبلة.

وقال دحلان في حديث لـ «الشرق الأوسط» إن «ما حدث في قطاع غزة نكبة جديدة للشعب الفلسطيني، وللأسف الشديد حماس أوقعت نفسها وأوقعتنا في شرك الارتباط بطرف إقليمي، مثل إيران وقطر وسورية، وعند الحرب تخلى عنها حلفاؤها وباعوها أكاذيب».

وقال إن حركة حماس ورقة صغيرة جدا في اللعبة الإيرانية والسورية يحتفظون بها للتفاوض عليها مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك أوباما، وسيأخذوا الثمن والشعب الفلسطيني سيدفع من لحمه وجلده، وهذه هي المعادلة.

وأضاف دحلان، الذي تحمله حركة حماس مسؤولية المواجهات الدامية في غزة عام 2007 واسفرت عن سيطرتها على غزة، «الشعب الفلسطيني ليس فأر تجارب لحماس وسورية أو غيرهما»، وشكك دحلان ان تفيق حماس بعد أن خدعت من إيران وحزب الله، مؤكدا ان مشروع حماس (الإخوان المسلمون) ليست له علاقة بالقضية، والوطن بالنسبة لها مشروع إسلامي أممي.

ونفى دحلان ما تردد عن اجتماعه بقيادات إسرائيلية قبل العدوان وقال «هذا الكلام لن أرد عليه لأنه سخيف»، مؤكدا ان كل الخطط الإسرائيلية للعدوان كانت منشورة باستثناء التوقيت. وقال متسائلا «فلماذا تركت حماس ضباطها يذبحون بهذه الطريقة المهينة التي تفطر القلوب».

وحول مناصبة «الإخوان المسلمين» العداء له قال:«تستهويني فكرة كون الإخوان المسلمين ضدي ولا تزعجني إطلاقا لأن المعركة مع الإخوان، فأنا ليبرالي متفتح لا أخاف من الإخوان ولن استسلم لأفكارهم السوداء والعمياء، لا يهمني ما يقولونه عني، وما أستطيع قوله إن ما كنت أنبه منه من حماس انتبه له الناس الآن، فمشروع حماس، التي هي جزء من تنظيم الإخوان، ليست له علاقة بالقضية والوطن فهو مشروع إسلامي أممي وهمي، أما أنا فعندي مشروع وطني فلسطيني، لا يوجد له ارتباط خارج الحدود أي ارتباط سوى تجنيد المجتمع العربي والدولي حتى نصل إلى حل للقضية».

وردا على سؤال حول أسباب الحرب وهدف إسرائيل من شنها قال إن إسرائيل لم يكن هدفها إضعاف حكم حماس وإزاحتها من غزة ومساندة الرئيس محمود عباس أبو مازن في الضفة الغربية فالهدف الاستراتيجي هو ضرب القضية الوطنية، وخلق كيانين مستقلين مختلفين، وتحويل القضية السياسية إلى إنسانية، وهذا سيأخذ وقتا وستسمع جدلا طويلا عن آلية المساعدات ونسوا القدس واللاجئين والحدود والمعركة الحقيقية مع الاحتلال.

وأضاف: «للأسف الشديد حماس أوقعت نفسها وأوقعتنا بشرك الارتباط بطرف إقليمي، مثل إيران وقطر وسورية، وهم يدركون أنه لا يوجد بينهم من سيقدم المساعدة، والدليل على ذلك أن مرشد الثورة الإسلامية أشبعنا خطابات منذ 1979 حتى الآن ولكنه نهى المواطنين الإيرانيين عن حملات التطوع للقتال مع حماس، ولم يقلها ولو من باب الكذب والمجاملة، فهذه رسالة إلى الولايات المتحدة، والدليل الآخر أن أربعة صواريخ لقيطة أطلقت من جنوب لبنان سارع حزب الله الى نفيها وقال لا علاقة له بها، «فخدعت حماس من إيران وحزب الله، لكن النتيجة هل تفيق حماس؟ وهذا سينعكس على سلوكها في الفترة المقبلة، هل سيدفعها ما حدث إلى مزيد من اللحمة الوطنية أم إلى مزيد من الانكفاء على النفس والانعزال، وهذا السؤال ستجيب عنه حركة حماس في الفترة المقبلة، هل استفادت من التجربة أم لا؟».

وحول إعلان حماس انتصارها في هذه الحرب، قال إن حماس تقول إنه «انتصار رباني.. لا أفهم ما هو مفهوم الانتصار عند حماس، أنا كوطني فلسطيني، لا يمكن أن اقر أن الشعب الفلسطيني وحماس هزما في المعركة، لكن كسياسي أقول ما حدث نكبة جديدة للشعب الفلسطيني وليس لحماس فقط، فتقديراتي هي سقوط ما يتراوح بين 1300 شهيد، 1500، و3 آلاف جريح ودمرت المرافق كلها من صحة وتعليم وغيرها كلها دمرت، نفسية المواطن الفلسطيني تأثرت، دمر أربعة آلاف بيت تدميرا كاملا و 40 ألفا تدميرا جزئيا، تغيرت معالم المنطقة الشمالية والشرقية في قطاع غزة واختفت، بعد ذلك تقول انتصار».

وحول تقييمه لموقف إطلاق النار قال «سمعنا تضاربا بين قياداتهم حول وقف إطلاق النار، ثم جاءتهم تعليمات بوقف إطلاق النار، القرار الإسرائيلي كان ذكيا باتخاذ وقف إطلاق نار أحادي الجانب، ليبدو وكأنه غلبان وجنى ثمنها سلفا باتفاق أمني مع الولايات المتحدة حيث أصبحت حدود إسرائيل الأمنية في العراق إيران وسورية وقاعدة العيديد (قطر)، وبدون أي مقابل، وخرجوا أبرياء بذكاء سياسي وديناميكية، أما حماس فتورطت وارتبكت ضد وقف النار، ثم وافقت وأقصى أمل لها فتح المعابر التي كانت مفتوحة، بالاتفاق الذي عملته عام 2005».

والسؤال الآن ـ كما يقول دحلان ـ هو «هل ستستفيد قيادة حماس في الخارج؟ فحلفاؤهم تخلوا عنهم وباعوهم أكاذيب، وجماعتهم في غزة باعوهم صمودا ومقاومة، وخسائر إسرائيلية كنت أتمنى أن تكون صحيحة، أنا رأيي لا.. قيادة حماس في الخارج مرتبطة ارتباطا وثيقا بتحالف محور الممانعة وأنا أسميها المماحكة، فلو كانوا صادقين كانوا ساندوها في الحرب على غزة».

وقال دحلان إن حماس ورقة صغيرة جدا في اللعبة الإيرانية والسورية لتفاوض عليها الإدارة الجديدة، ولن يخرجوا بأي نتيجة، سيأخذون الثمن والشعب سيدفع من لحمه وجلده، وسيكون الدم الفلسطيني قضية للمساومة، هذه هي المعادلة.

وردا على سؤال حول موقف فتح، إذا امتنع ابو مازن عن ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة، قال «من كان يتصور ان يكون بديلا لابو عمار ـ ياسر عرفات)، الشعب الفلسطيني مليء بالقيادات، وأبو مازن هو الرئيس القانوني والدستوري، صحيح أن هناك أزمة قيادة جادة في فتح.. لو أخذت فتح موقفا حازما وصارما من حماس، لما وصلنا لما نحن فيه ولما أخطأت حماس، أنا مواقفي ليست شخصية بل لحمايتها من نفسها، أين حماس اليوم وحماس زمان، هل رأي الشارع كما هو، إذا تخلت حماس عن حلفائها الوهميين الذين خذلوها في الحرب نستطيع أن نبني نظاما سياسيا قائما على فتح وتيار إسلامي». وحول توقعاته بما ستفرزه الانتخابات إذا أجريت قال «نعترف أن هناك أزمة بنيوية وسياسية وأزمة قيادة في فتح، فأبو مازن وعد بإنجاز المؤتمر الحركي لكنه لم يفعل، وهذا تقصير منه بغض النظر عن الأسباب، فإذا جاءت الانتخابات، دون أن تجري فتح انتخاباتها الداخلية، يكون هذا كارثة على الحركة وعلى أبو مازن. واضاف «وإذا نجحنا في عقد المؤتمر وترميم البيت الفتحاوي ستنجح فتح في الانتخابات، وحماس لن تنجح بإجرائها في غزة أو غيرها، الإخوان يدخلون الانتخابات مجبرين لمرة واحدة لأنها ضد قناعاتهم، وبعدها يبقون على طول ويكفرون بالانتخابات».

وحول الانتقادات التي توجه حاليا لمنظمة التحرير بأنها لا تعكس موازين القوى قال «نعم هذا صحيح، المنظمة هي قيمة معنوية وسياسية وليست دولة وهي تركيبة، لجنة تنفيذية، مجلس مركزي، والصندوق القومي وسفارات، لا بد من إعادة بنائها، فهناك أشخاص في القيادة تجاوزوا الثمانين، وتركيبتها الحالية ما زال معمولا بها منذ عام 1964، وهناك حركات في الخارج أصبحت غير موجودة ومازالت ممثلة في المنظمة وأخرى تقاوم على الأرض ليس لها تمثيل، يجب إعادة هيكلة المنظمة لأنها بتمثيلها الحالي لا تعكس حجم التنظيمات الفلسطينية على الأرض، وهذا لا يعني هدم ما هو قائم دون إعادة بنائه».

وحول اتفاق المعابر 2005 ومضمونه قال «اتفاق المعابر الذي فاوضت عليه الإسرائيليين، بتكليف من أبو مازن، كان يضم شقين: هما معبر فح ومحور صلاح الدين، أو فيلادلفي، فهما لم يكونا جزءا من الخطة الإسرائيلية في الانسحاب، وإسرائيل أرادت أن تنسحب دون التنسيق مع السلطة، لكن مصر وواشنطن تدخلتا فوافقت إسرائيل على تنسيق غير رسمي واشترطت الانسحاب من المعبر بشرط أن تطلب مصر رسميا ذلك، وبعد دقيقة طلبت مصر ذلك ، سيطر الشعب الفلسطيني على 99% من المعبر وفتح المعبر على مدار الساعة مع حرية إدخال كل من يحمل بطاقة هوية، يسمح للزوار والصحافيين بالدخول بدون التنسيق مع إسرائيل، لا يمنع أي فلسطيني من الخروج والدخول إلى غزة، البضائع تخرج وتدخل بحرية، تسمح إسرائيل بمرور 400 شاحنة يوميا، تفعيل الممر الآمن نفذته إسرائيل، أم لم تنفذه، هذا ليس مسؤوليتي أنا مفاوض، هذا هو الاتفاق، اليوم حماس تبحث على فتح معبر رفح فقط».

وحول وجود اتصالات له مع الإدارة الأميركية الجديدة قال «لا يوجد اتصال مع الإدارة الأميركية الجديدة، ولم أزر الولايات المتحدة إلا مع أبو مازن عندما كان رئيس وزراء، ولا أريد زيارتها إلا عندما أكون في منصب رسمي».