وزارات حكومة هنية ومؤسساتها تعود للعمل السبت وتدعو الطلاب للتوجه إلى مدارسهم

الأجهزة الأمنية في غزة تمارس عملها رغم تدمير كل مقارها

TT

بهدوء ونظام اصطف العشرات من الأهالي أمام بوابة المحل التجاري وسط مخيم المغازي، وسط قطاع غزة، ليحصل كل واحد منهم على كيس طحين، ثم ينصرف عائداً الى بيته. ويقر صاحب المحل الذي كان يواصل التعامل بارتياح مع الزبائن الذين انهمروا عليه بعد أن عانى جميعهم نفاد الدقيق منذ وقت طويل، بأنه لولا وجود عناصر شرطة الحكومة المقالة ومسؤوليتهم عن تنظيم الزبائن ومنعهم من التزاحم، لما تمكن من العمل بارتياح. فكل زبون يأتي يرشده أحد رجال الشرطة الذين يرتدون زيهم الرسمي الى الطابور ويؤكد له ضرورة الالتزام بالنظام، وفي نفس الوقت يقوم رجال الشرطة بدور المراقب ويحرصون على ألا يعطي صاحب المحل أيا من زبائه أكثر من كيس دقيق واحد، حتى يتمكن الجميع من الحصول على نصيبه من الدقيق. فحتى عندما كانت المدن والمخيمات والبلدات في غزة تتعرض للقصف، كانت الشرطة تمارس عملها لكن من دون أن يلتزم عناصرها بالزي الرسمي خشية أن يتم استهدافهم من قبل الجيش الإسرائيلي وطائراته.

يذكر ان اول أهداف الحرب الاسرائيلية على غزة في 27 ديسبمر (كانون الاول) الماضي كان مراكز الشرطة ومراكز تدريبها. وقتل في اليوم الاول حوالي 230 شرطيا من بينهم مدير الشرطة وعدد من قادتها.

وانصب عمل الشرطة خلال 3 اسابيع من الحرب على غزة بشكل عام على محاربة الاحتكار ومنع التجار من إخفاء السلع الضرورية للناس. وقال النقيب موسى، احد الضباط الذين يشرفون على تسيير دوريات محاربة الاحتكار، لـ «الشرق الاوسط» إن رجاله عملوا على مدار الساعة حتى في ظل القصف لمنع اي محاولة من قبل اي من التجار لاستغلال معاناة الناس ومأساتهم لصالحه. وأكد أحد ضباط شرطة مكافحة المخدرات لـ«الشرق الاوسط» أنه حتى خلال الحملة العسكرية تواصلت جهود الشرطة لمتابعة تجار ومروجي المخدرات. وفي ظل تدمير جميع مقار الأجهزة الأمنية والشرطية، فإن رجال الشرطة يتخذون من محيط هذه المقار نقاط للالتقاء والانطلاق في تنفيذ مهامهم المختلفة.

ويلاحظ أي متجول في جميع انحاء قطاع غزة، وتحديداً في مدينة غزة، بشكل واضح ولافت الانتشار الكبير لرجال الشرطة وعناصر الأمن الوطني في المدينة، حيث يقومون بتنظيم حركة السير وسط المدينة، كما أن الكثير منهم يساعد في عمليات إزالة الركام الذي سقط على الشوارع لتمكين الناس والسيارات من الحركة. وفي مسجد السرايا، المتاخم للمجمع الأجهزة الأمنية وسط مدينة غزة، الذي تدمر بشكل جزئي، كان عدد من عناصر الأمن الوطني يقومون بتنظيف المسجد، وإزالة الركام وتنظيف المكتبات والمصاحف.

في نفس الوقت يمكن للمرء أن يشاهد عددا من عناصر الأمن وهم يقومون بحراسة مقار الأجهزة الأمنية. وبعد أن تبين أن مديره صلاح أبو الشرخ لم يقتل في عملية الاغتيال التي استهدفت وزير الداخلية سعيد صيام ونجله وشقيقه، فإن جهاز الأمن الداخلي قام خلال الحرب العسكرية وبعدها بحملة كبيرة ضد العملاء الذين يشتبه بأنه كان دور لوشاياتهم في مساعدة إسرائيل في المس بالكثير من الأهداف التي ضربت من قبل إسرائيل. وقال ايهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية الداخلية إن جهاز الأمن الداخلي اعتقل العشرات من العملاء الذين قدموا معلومات للمخابرات الإسرائيلية اثناء الحرب من أجل تسهيل مهمة ضرب المقاومة، مشيرا الى أنهم محتجزون في «مكان آمن». وأشار الغصين الى أن الأجهزة الأمنية لم تتوقف عن أداء مهامها طيلة أيام الحرب، موضحا أنه طلب من عناصر الأجهزة الأمنية الالتزام بالزي الرسمي لأداء مهامهم. وأوضح أن الأجهزة تعمل وفق خطة طوارئ بلورها وزير الداخلية سعيد صيام قبل اغتياله، وصيغت لتتلاءم مع ظروف الحرب. وتوقع الغصين أن تسارع الحكومة المقالة الى تعيين شخص في منصب وزير الداخلية خلفاً لصيام، على اعتبار أن التحديات تفرض ألا يظل هذا المكان شاغراً. على صعيد آخر أعلن محمد عوض، أمين عام الحكومة أن موظفي كافة الوزارات الحكومية التابعة للحكومة المقالة سيباشرون عملهم ابتداء من بعد غد. وفي تصريح صحافي، قال عوض إن الحكومة بعثت بتعميم لكافة موظفيها بالتوجه صباح السبت، كل الى مقر وزارته الجديد الذي سيتم تحديده لاستئناف تقديم الخدمات لكافة المواطنين، خاصة بعد تدمير أغلب مقرات الوزارات. في نفس الوقت دعت وزارة التربية والتعليم في الحكومة المقالة الطلاب للتوجه الى مدارسهم ايضا يوم السبت مشيرة الى ان المدرسين ونظراء المدارس والاداريين توجهوا صباح امس (الاربعاء) الى مدارسهم. وفي بيان صادر عنها، اوضحت الوزارة ان 80% من مدارسها تم تدميرها إلا أنها قامت وتقوم بأعمال صيانة سريعة لاستقبال الطلاب، بالإضافة الى استخدام تلك المدارس لفترتين الى حين اعادة اعمار المدارس المدمرة بشكل كامل. واكدت أنها ألغت امتحانات نهاية الفصل الأول وذلك مراعاة للحالة النفسية والاجتماعية للطلاب الذين شردوا من منازلهم واستشهد ذووهم، لافتة الى أن تقييم مستوى الطالب سيتم بناءً على الامتحانات الشهرية والفصلية السابقة.