إسرائيل تبدي مرونة لتنفيذ صفقة أسرى فلسطينيين مقابل تحرير أسيرها لدى حماس

مسؤول يطالب بإطلاق سراح جميع الأسرى.. لأن السجن بات «مدرسة لتعليم الإرهاب»

TT

أكدت مصادر سياسية في القدس الغربية، أمس، ان رئيس الحكومة الاسرائيلية، ايهود أولمرت، والعديد من الوزراء المتشددين، يبدون الآن مرونة واضحة في سبيل التوصل الى صفقة تبادل أسرى مع حماس، يتم بموجبها اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شليط، مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين النوعيين. وأصبح موضوع شليط، وفقا لهذه المصادر، موضوعا مركزيا في المفاوضات غير المباشرة التي تجري في القاهرة بين اسرائيل وحماس.

وتقول مصادر اسرائيلية ان عدة وزراء باتوا يوافقون على الإفراج عن غالبية المعتقلين التي تطالب حركة حماس بإطلاق سراحهم مقابل الجندي. وقالت ان هؤلاء المسؤولين يعتبرون ان حماس التي تسيطر على قطاع غزة خرجت «ضعيفة جدا» من الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع، وهم يرون ان الافراج عن معتقلين ينتمون الى الحركة لن يعزز صفوفها. وقد وفر أولمرت دعما جديدا لهذه التقديرات، خلال مقابلة صحافية مطولة أجراها مع المراسل السياسي لصحيفة «معاريف»، بن كسبيت، ستنشر اليوم حيث قال انه «يبذل جهودا خارقة في سبيل اطلاق شليط في أقرب وقت ممكن»، وان «الحرب الأخيرة على غزة أوجدت رافعة جديدة للتقدم في هذا الموضوع». ولكن أولمرت وضعَ تحفظاً، إذ قال: «أنا آمل أن تتكلل جهودي بالنجاح ومتفائل، ولكنني لا أستطيع أن أضمن شيئا. ففي الطرف الآخر نتوقع دائما مفاجآت».

ونشرت وسائل الاعلام الاسرائيلية، أمس، ان رئيس جهاز المخابرات العامة، يوفال ديسكين، أيضا يبدي مرونة في الموضوع، مع انه كان يعارض التجاوب مع شروط حماس لإطلاق سراح أسرى معينين. ويقال انه كان العقبة الكأداء في طريق تنفيذ الصفقة. ولكنه منذ انتهاء الحرب يبدي مرونة، ويقول انه يوافق على اطلاق سراح غالبية الأسرى الذين تطلبهم حماس شرط ألا يعود أي منهم الى الضفة الغربية. وأن يتم اطلاقهم الى قطاع غزة أو الى خارج البلاد.

المعروف ان اسرائيل وحماس تديران مفاوضات متقطعة حول صفقة تبادل الأسرى منذ حوالي ثلاث سنوات. وقد اتفق الطرفان على اطلاق سراح شليط مقابل 1000 أسير فلسطيني، على أن تختار حماس 450 اسما منهم. وعندما عرضت حماس لائحة بالأسماء، وافقت اسرائيل على قسم منها ورفضت البقية. فأوقفت حماس المفاوضات. فعادت اسرائيل وأجرت تعديلات على القائمة فوافقت على عدد اضافي من الأسماء وطلبت من حماس أن تتنازل عن بعض مطالبها. وقال ممثل اسرائيل في المفاوضات يومها، الجنرال عاموس جلعاد، ان حماس تبالغ في مطالبها ولكن ليس لأنها معنية بإطلاق سراحهم، فهي تعرف أن اسرائيل لن توافق، بل لأنها تريد أن تتضمن الصفقة معها تعهداً بألا تعمل اسرائيل على إطاحة حكمها في قطاع غزة. وتوقفت المفاوضات نهائيا حول الموضوع، لأن اسرائيل رفضت اعطاء مثل هذا التعهد في البداية.

ولكن خلال الحرب بدأت اسرائيل تسمع أصواتا تقول ان حكمَ حماس في قطاع غزة لا يضايقها، إذا ضمنت ألا تطلق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية. واعتبرت الحرب، وما رافقها من تدمير وخراب وقتل، ضربة قوية لحركة حماس تجعلها تدرك ان هناك ثمنا باهظا ستدفعه في حالة اطلاق الصواريخ.

واعتبر أولمرت هذه الرسالة كافية تجعل إسرائيل قادرة على التعايش مع صفقة تبادل كبيرة يتم خلالها التجاوب مع معظم مطالب حماس. ولا يخفي السياسيون الاسرائيليون وجود مصالح ذاتية للطرفين من صفقة كهذه، حيث ان حماس ستستطيع بعد صفقة كهذه أن تغطي على الضربات القاسية التي تلقتها في الحرب، بينما يكسب أولمرت لنفسه مجدا يغطي على اخفاقاته في رئاسة الحكومة وينهي حكمه بإنجاز كبير بإعادة شليط. وتشجع أولمرت على موقفه هذا تلك الحملة المتصاعدة في اسرائيل لإطلاق شليط مهما يكلف ذلك من ثمن. وقد نشرت، أمس، رسالة كانت قد وجهتها 100 عائلة يهودية ثكلى، كل واحدة منها فقدت ابنا أو ابنة خلال عمليات تفجير ويطالبن بإطلاق شليط حتى لو كان الثمن لهذا اطلاق سراح الأسرى الذين أدينوا بقتل أولادهن. وقالت أورا ليفر ـ مينتس، قائدة هذه الحملة انها تفضل أن يكون قاتل ابنها راز حرا وشليط حرا، على أن يكون القاتل في السجن وشليط في الأسر. كما يستمد أولمرت التشجيع من موقف اللجنة الشعبية لاطلاق شليط، كما عبر عنه مدير عام اللجنة، يوئيل مرشيك، حين قال: «أنا لا أمانع في اطلاق سراح 1500 أسير فلسطيني. فمن يحسب ان السجن هو مكان للعقاب فقط يكون مخطئاً. فالسجن بات مدرسة لتعليم الارهاب. ومن يحب أن يرى فلسطينيين في الأسر، بإمكان اسرائيل ملء السجون دائما بهم. المهم الآن اعادة شليط».