دراسة: تكلفة النزاعات في الشرق الأوسط 12 تريليون دولار.. والفاتورة مرشحة للارتفاع

نجاح عملية مدريد للسلام كان سيرفع موارد المنطقة إلى الضعف

صوماليات يجلسن أمام خيامهن في معسكر داداب شمال شرقي كينيا أمس (إ.ب.أ)
TT

كشفت دراسة حول تكاليف الحروب أن كلفة النزاع في الشرق الأوسط خلال العشريين عاما الماضية بلغت 12 تريليون دولار، كما أنها مرشحة بالارتفاع في حال عدم التوصل الى حلول مقنعة وقابلة للاستمرار في المنطقة. وفي المقابل، فان تحقيق السلام في المنطقة بالتزامن مع تطبيق سياسات اقتصادية سليمة سوف يؤدي الى نسبة نمو قد تصل الى 8 في المائة لدى بعض الدول.

وتعتبر هذه الدراسة التي حظيت بدعم رسمي من كل من النرويج وسويسرا وقطر وتركيا وبعض هذه الدول عملت وسيطة للسلام في المنطقة، أول محاولة لتحديد الأثر المالي للنزاعات في المنطقة وقد أعدتها مجموعة «ستراتيجيك فورسايت غروب».

وتبدو الكلفة الهائلة للنزاعات على كل الأطراف منذ عام 1991 بسبب الدمار الذي أحدثه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والنزاع في لبنان والغزو الاميركي للعراق بشكل خاص، امرا مثيرا للاهتمام، في حين يشهد العالم ازمة مالية عاتية، وتبذل الحكومات اقصى جهودها من اجل إنقاذ اقتصادياتها.

الا ان الدراسة أكدت كذلك على الامكانيات التي ينطوي عليها التوصل الى سلام شامل بالنسبة لدول وشعوب المنطقة، وتوقعت ان مثل هذا السلام سيطلق عجلة النمو من دول حوض البحر المتوسط وحتى الخليج.

وقال صنديب واسليكار، الذي ترأس الدراسة مع مجموعة خبراء من المناطق المعنية كما نقلت عنه وكالة رويترز «ان الخيار لدى هذه الدول هو بين خطر الدمار والوعد بالسلام».

وشملت الدراسة الأوضاع في المنطقة بنزاعاتها من ايران الى مصر بما في ذلك الحروب بين اسرائيل وجيرانها العرب والحرب في العراق ونشاطات القاعدة، فضلا عن الصراع بين حركتي فتح وحماس.

وبحسب الدراسة، فان دخل الفرد الإسرائيلي أو الفلسطيني هو نصف الدخل الذي كان يمكن ان يحصل عليه لو تم التوصل الى السلام في مؤتمر مدريد العام 1991.

وبالنسبة للعراقيين، فقد انخفض دخل الفرد الى الثلث في الفترة نفسها. وفي حال تحقيق السلام سيزداد دخل الأسرة الإسرائيلية في المعدل حوالى 4429 دولارا في العام في عام 2010 حتى لو دفعت اسرائيل تعويضات للاجئين الفلسطينيين ونقلت اكثر من 150 الف مستوطن من الضفة الغربية الى اسرائيل، على ما ذكرت الدراسة. أما الدخل في الأراضي الفلسطينية فانه سيزيد بأكثر من الضعف. واشارت الدراسة الى ان الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سيحققان مكاسب متساوية.

وأكدت الدراسة أن دخل الدول المجاورة لإسرائيل والمناطق الفلسطينية يمكن ان يزداد ايضا، اذ اشار الى ان دخل الأسرة في الاردن، الذي يضم مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، يمكن ان يرتفع بمقدار 1250 دولارا.

وأكدت الدراسة كذلك على الكلفة الهائلة للغزو الاميركي للعراق وما تلاه. وقدرت الدراسة انه لولا النزاع والعقوبات لكان الدخل المحلي للعراق اكثر بـ38 مرة (2.2 ترليون دولار).

وبحسب التقرير، فان تحقيق السلام مع الحكم العادل والسياسات الاقتصادية الرشيدة سوف يؤدي الى نمو بنسبة 8 في المائة في العديد من الدول.

وأعرب توماس غريمينغر، المسؤول في الخارجية السويسرية، عن أمله في أن تشجع الدراسة الناس والقادة في الشرق الأوسط على التفكير «في مقدار ما خسروه، ومقدار ما سيخسرونه» في حال استمرت النزاعات.

وأضاف ان «التقرير يشجع كذلك الأطراف الدولية الفاعلة على تكثيف جهودها من اجل إحلال السلام في الشرق الأوسط» كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

من ناحيته، وصف جون الديرديتش، احد داعمي هذه الدراسة، النتائج بأنها «مؤثرة فعلا». وقال الديرديتش الذي نشط في عملية السلام في ايرلندا الشمالية، ان الدراسة تؤكد على نصف الحوافز التي تدفع من اجل السلام، حيث ان الأطراف المتنازعة يمكن ان تسعى للتوصل الى تسوية بعد ان تدرك انها لا تستطيع الفوز وان كلفة النزاع هائلة. إلا ان واسليكار شدد على ان «ثمة تكاليف لا يمكننا قياسها مثل الكلفة المتعلقة بالكرامة الانسانية».

وبحسب التقرير، فان التفاوض على مسألة الحواجز مثلا من وإلى رام الله في الضفة الغربية بلغت كلفتها مائة مليون ساعة منذ العام 2000 بالنسبة للفلسطينيين. وإحدى اهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة هي أن الأفراد كان بامكانهم ان يكونوا في ضعف مستواهم المالي الحالي لو ان السلام تحقق منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.