باريس تأمل في خطوات أوروبية سريعة بحرا وبرا لمنع تهريب السلاح.. وتثبيت الهدنة

الفرقاطة «جرمينال» تبدأ مهمتها قبالة سواحل غزة > ساركوزي: 2009 يجب أن يكون عام توقيع السلام.. وباراك إلى واشنطن لبحث السلاح

فلسطينيون يراقبون آثار تفجير لأحد الأنفاق برفح قرب الحدود مع مصر (أ.ف.ب)
TT

توقعت مصادر فرنسية رسمية أمس أن تعلن ألمانيا وبريطانيا وربما بلدان أوروبية أخرى مثل إيطاليا واليونان، عن خطوات مشابهة للخطوة التي أعلن عنها قصر الإليزيه، أول من أمس، الخاصة بإرسال الفرقاطة حاملة الطوافات «جيرمينال» إلى المياه الدولية المواجهة لشاطئ غزة كمساهمة فرنسية في مساعي منع وصول الأسلحة إلى حماس عن طريق البحر.

وأفاد مصدر في هيئة أركان الجيوش الفرنسية أن الفرقاطة «جرمينال» الفرنسية بدأت أمس مهمتها المتمثلة في مكافحة تهريب الأسلحة قبالة سواحل قطاع غزة. وتحركت «جرمينال» التي كانت تقوم بمهمة في إطار قوات اليونفيل للأمم المتحدة في جنوب لبنان قبالة السواحل اللبنانية، فورا إلى منطقتها الجديدة على بعد بضعة أميال إلى الجنوب حيث ستقوم بدوريتها.

وقال الكابتن كريستوف برازوك من هيئة الأركان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «جرمينال ستعمل على طريقة برج مراقبة بحرية ترصد السفن التي تظهر على أجهزة راداراتها وتتابع تحركاتها في محيط عشرات الكيلومترات». وستتمكن مروحية بانتير التي على متنها من جمع معلومات دقيقة حول هوية وطبيعة السفن التي تجوب البحر في محيطها.

وحرص قصر الإليزيه، في بيانه على الإشارة إلى أمرين اثنين: الأول، أن الخطوة الفرنسية تتم بالتعاون مع مصر وإسرائيل، والثاني أنها جزء من الجهود التي تبذلها باريس من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى حال التهدئة بين إسرائيل وحماس.

وتقوم باريس، التي تعتبر نفسها شريكة في المبادرة المصرية، باتصالات حثيثة مع العواصم الأوروبية والإقليمية ومع واشنطن، لتقرير الخطوات اللاحقة التي من شأنها المساهمة في «تطبيع» الوضع الذي يمكن تحقيقه عبر إيصال المساعدات الإنسانية وتثبيت وقف إطلاق النار وفتح كامل للمعابر، وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وأخيرا إعادة إعمار غزة. وبالإضافة إلى خطوة إرسال الفرقاطة «جيرمينال» التي «اقتطعت» من القوة الفرنسية البحرية المساهمة في اليونيفيل البحرية في لبنان، تريد باريس الإسراع في عملية فتح المعابر. ولهذا الغرض، اقترح الرئيس الفرنسي إعادة إرسال البعثة الأوروبية إلى معبر رفح «سريعا» وفق اتفاق عام 2005، غير أن الجديد أنه اقترح «توسيع» مهماتها بحيث تشمل كل المعابر بما فيها المعابر بين غزة وإسرائيل. ولم يعرف ما إذا كانت إسرائيل توافق على خطوة كهذه. وجاء في بيان قصر الإليزيه أن الخطوات العملية التي تقترحها باريس «متوازنة» إذ إنها تستجيب للمطالب الإسرائيلية لجهة منع تهريب السلاح إلى غزة، وتستجيب بالمقابل لمطلب حماس بفتح دائم وكامل للمعابر. أما الهدف الأبعد للتحرك الفرنسي فهو العودة إلى المفاوضات التي يجب أن يتوجها مؤتمر دولي للسلام، على أن يكون عام 2009 «عام توقيع اتفاق السلام».

وتشدد المصادر الرسمية على أن فرنسا هي «أول بلد قدم مساهمة في قوة الرقابة البحرية» كما أنها أول بلد يقترح إعادة إرسال بعثة الرقابة على المعابر وتوسيع مهماتها. وبحسب وزارة الدفاع الفرنسية، فإن الفرقاطة «جيرمينال» التي من المفترض أن تصل سريعا إلى مياه غزة «ستعمل كبرج مراقبة بحري» لرصد حركة المراكب والتأكد منها ومن حمولتها ومن اتجاهاتها. وتأمل باريس أن يفضي التنسيق والمشاورات القائمة بين العواصم الأوروبية ومصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والجهات الأخرى، إلى إقرار خطوات سريعة لسحب موضوع تهريب السلاح من النقاش والولوج إلى الخطوات اللاحقة. وبأي حال، تسعى باريس للانتهاء من ترتيبات وقف النار وفتح المعابر قبل الانتخابات الإسرائيلية الشهر المقبل لتفادي أية مفاجآت.

وتبدو باريس «متفائلة» من الخطوات الأولى للإدارة الأميركية الجديدة التي أكدت رغبتها في الاهتمام سريعا جدا بملف الشرق الأوسط، وتعيين السيناتور السابق جورج ميتشل مبعوثا خاصا للمنطقة. لكن المسؤولين الفرنسيين ينتظرون أولى الخطوات العملية الأميركية لمعرفة ما إذا كان ثمة تغير بين الإدارتين السابقة والحالية لجهة «الجدية» الأميركية في الدفع حقيقة باتجاه السلام.

وتبقى عين باريس مركزة على ما ستسفر عنه الانتخابات الإسرائيلية. ورغم أن الرئيس ساركوزي تربطه «علاقة صداقة» مع زعيم الليكود بنيامين نتنياهو الذي تعطيه استطلاعات الرأي في إسرائيل الحظ الأوفر للفوز بالانتخابات، فإن باريس «تأمل» فوز وزيرة الخارجية وزعيمة كاديما تسيبي ليفني التي تحظى بـ«إعجاب» خاص في الدوائر العليا الفرنسية. وبانتظار أن يتبدى أكثر فأكثر النهج الأميركي «الجديد» وتنجلي نتيجة الانتخابات الإسرائيلية، فإن موضوع مؤتمر السلام الدولي الذي تدعو إليه فرنسا معلق. لكن ذلك لم يمنع تشكيل «خلية» دبلوماسية تعمل على «تصور» المؤتمر المذكور، وتدارس سيناريوهاته الممكنة، انطلاقا من اعتبار أن الحرب على غزة قد تكون «الحافز» الضروري للانتهاء من المراوحة و تحقيق اختراق ما في الشرق الأوسط.

إلى ذلك قال مسؤول إسرائيلي رفيع إن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك سيزور في منتصف الأسبوع المقبل واشنطن، ليبحث مع نظيره الأميركي روبرت غيتس تفعيل الاتفاق المتبادل للحد من تهريب السلاح. وتعد هذه الزيارة هي الأولى لمسؤول إسرائيلي منذ تولي الإدارة الديمقراطية الجديدة الحكم في الولايات المتحدة. وأشار مسؤول إسرائيلي رفيع في وزارة الدفاع، طلب عدم الكشف عن اسمه إلى أن ايهود باراك الذي يغادر إسرائيل الثلاثاء المقبل سيلتقي وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في واشنطن، وهو احد أعضاء الإدارة السابقة، لمناقشة «تطبيق بروتوكول الاتفاق» الموقع في 16 يناير كانون الثاني.

ويدخل البروتوكول الموقع من قبل وزيرة الخارجية الأميركية (السابقة) كوندوليزا رايس - التي خلفتها هيلاري كلينتون - ونظيرتها الإسرائيلية تسيبي ليفني، في إطار السعي للحد من تهريب السلاح إلى الأراضي الفلسطينية.

وأضاف المصدر، أن باراك وغيتس سيناقشان كذلك مسألة بيع الأسلحة الأميركية لإسرائيل، دون إعطاء تفاصيل أخرى. ويشكل تهريب الأسلحة بين مصر وقطاع غزة، الذي تسيطر عليه حماس، الموضوع الأبرز في المفاوضات غير المباشرة للتوصل إلى تهدئة دائمة بين إسرائيل وحركة حماس.