الكويت: نواب «الإخوان» يبحثون استجواب رئيس الحكومة.. بعد تحولهم إلى المعارضة

اتفاق حكومي ـ نيابي على التحقيق في شبهات تربُّح وقبض عمولات من مشاريع نفطية

TT

انتهت جلسة البرلمان الكويتي، أمس، على اتفاق حكومي ـ نيابي لتشكيل لجنة تحقيق تنظر في أسباب تراجع الحكومة عن الدخول في شراكة مع شركة «داو كيميكال» العالمية، والذي كانت أعلنته نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعادت وتراجعت عنها انصياعا لضغوط مارسها عليها نواب وقوى سياسية بعد ذلك بشهر.

وشهدت يوم أمس تغيرا في موازين القوى داخل البرلمان، إذ تمكنت الحكومة من سحب البساط من تحت نواب كتلة الإخوان المسلمين، ونسقت مع نواب كتل السلف والشيعة والليبراليين وعدد من النواب المستقلين، بهدف تمرير ذات الطلب من خلال نواب آخرين، بهدف سحب المبادرة من نواب «الإخوان»، وتسجيلها باسم النواب الآخرين، وهو ما اعتبر مؤشرا لتعقد العلاقة بين حكومة الشيخ ناصر المحمد من جانب، وتنظيم الإخوان المسلمين الذي انتقل إلى فصيل المعارضة للمرة الأولى منذ 30 عاما.

وسرعان ما بين نواب الإخوان المسلمين موقفهم من مجريات جلسة أمس، إذ أعلن النائب الدكتور جمعان الحربش أن «الحركة الدستورية الإسلامية (الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في الكويت) ستجتمع مساء اليوم (أمس)، لتقرر موقفها من استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد من عدمه، وتوقيته، ومحاوره، بعد رفض مقترح (كتلة الإخوان المسلمين) تشكيل لجنة تحقيق بإلغاء صفقة (داو كميكال)»، وهو ما كشف مدى التصدع الذي أصاب العلاقة بين التنظيم والحكومة.

وتعود خلفيات القضية محل التحقيق إلى إعلان الحكومة الكويتية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الدخول في شراكة استراتيجية مع شركة «داو كميكال»، عملاق صناعة البتروكيماويات الأميركية، عن طريق المجلس الأعلى للبترول، ما يقوم بموجبه الطرفان بتأسيس شركة للإشراف على مشروع كويتي عملاق، قدرت قيمته بـ16 مليار دولار أميركي.

إلا أن ضغوطا مورست على الحكومة لافتقادها الشفافية بتعاطيها مع هذا المشروع، دفعتها إلى التراجع عن الشراكة بعد أن تم توقيع مذكرات تفاهم بين الطرفين، بداعي عدم مواءمة المشروع، ولاعتبارات رجعتها الحكومة إلى الأزمة المالية العالمية، وهو ما حدا بالشركة الأميركية إلى اللجوء إلى التحكيم الدولي، بهدف الحصول على تعويض مادي من الحكومة الكويتية، فثارت حفيظة النواب، ليتهموا الحكومة لاحقا بافتقاد الرؤية، ما يؤثر على سمعة الكويت على المدى البعيد، ويطالبوا بعد ذلك بفتح تحقيق لمعرفة من وقف وراء المشروع ومن تسبب في إلغائه.

وقاد الفريق الداعم لفتح التحقيق نواب كتلة الإخوان المسلمين، الذين رأوا في ما جرى من إعلان شراكة والتراجع عنها، إحراجا لوزير النفط المستقيل محمد العليم، الذي كان يمثل التنظيم في الحكومة الكويتية السابقة، معتبرين ما دار من لغط حول عدم الشفافية، أمرا يطال ذمته المالية، ويحتاج إلى كشفه حتى يبرئ اسمه، ومتهمين في الوقت ذاته رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بالرضوخ للضغوط السياسية، وعدم مضيه على الخط الذي رسمه له الوزير المستقيل العليم، الذي بنى قراره وفقا لاعتبارات فنية بحتة، كما قالوا.

وبموجب طلب لجنة التحقيق الذي أقر أمس بتوافق حكومي - نيابي، فإن لجنة مكونة من النواب أحمد السعدون، وعبد الله الرومي، وخلف العنزي، ومرزوق الغانم، ورجا المطيري، ستنظر في «ما أثير من جدل في شأن عدد من الموضوعات المتعلقة بالجانب النفطي، ومنها مشروع (داو كيميكال)، ومصفاة البترول الرابعة، إلى جانب تحقيقها في خصم مؤسسة البترول الكويتية ما نسبته 25 بالمائة من إيراداتها، وعدم توريدها إلى الخزانة العامة، وكذلك مطالبات الكويت عن بيع شركة الزيت العربية نفطا للعراق خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية». وتهدف اللجنة إلى التحقق والتقصي «فيما إذا كان أي من هذه القضايا يتضمن شبهة التربُّح أو الكسب غير المشروع، أو الحصول على عمولات من أي نوع كان، لصالح أي جهة أو شخص، شارك فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وما إذا كانت أي من القضايا تتضمن فعلا أو امتناعا يعاقب عليه قانون حماية الأموال العامة».

وبناء على قرار تشكيل اللجنة، فإن الحكومة ستقدم تقريرا للبرلمان «خلال شهرين، يتضمن بيانا مفصلا عن الإجراءات التي اتبعت في كل هذه القضايا، والجهات التي شاركت في دراستها، أو إبداء الرأي فيها، أو الموافقة عليها، مع بيان موقف كل جهة، والأسباب التي استندت إليها في إبداء الرأي أو الموافقة».

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وزير النفط بالوكالة الشيخ الدكتور محمد الصباح، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية أن «الحكومة تجدد ثقتها الكاملة في القيادات النفطية، وقدراتهم في إدارة القطاع النفطي، وفي الدفاع عن الحق الكويتي في الدعوى القضائية التي سترفع ضد الكويت من الجهة المتضررة من إلغاء صفقة (داو كيميكال)، فالجميع، مجلسا وحكومة، يتفقون على المحافظة على مصلحة الكويت، والجميع يريد أن تكون الحقيقة جلية وواضحة».

إلى ذلك، أرجأت الحكومة الكويتية، أمس، تقديم خطتها الرامية إلى حل الأزمة التي يتعرض لها الاقتصاد الكويتي، للبرلمان، وأتى القرار الحكومي، بهدف دراسة الخطة وحزمة القوانين اللازمة للتشريع بشكل مستفيض، قبيل تقديمها رسميا للبرلمان، لإقرارها بشكل نهائي.

وعلى الصعيد ذاته، نفى وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي، أمس، دراسة الحكومة إنشاء صندوق إنقاذ بخمسة مليارات دينار كويتي (نحو 17 مليار دولار) لمساعدة الشركات المتعثرة جراء الأزمة المالية العالمية. وقال الوزير لـ«رويترز» إن «هذا غير صحيح»، في رد منه على تقارير صحافية كشفت أمس هذا التوجه الحكومي، معلنا أن «الحكومة كانت تناقش خطة إنقاذ وضعها البنك المركزي، من المتوقع إحالتها إلى البرلمان من أجل إقرارها»، وهو الأمر الذي يتوقع أن يتم خلال هذا الأسبوع.