ميليباند: لدينا فرصة لحل خلافات العالم

مشروع ينظر إلى إدارة أوباما لإحداث التغيير والتمسك بالعمل المشترك

TT

تعتبر أوساط سياسية وأكاديمية في أوروبا والولايات المتحدة أن التغييرات التي طرأت على العالم في الأشهر الأخيرة، من الأزمة الاقتصادية إلى انتهاء إدارة الرئيس السابق جورج بوش، تشكل فرصا شبيهة بتلك التي تلت الحرب العالمية الثانية، وأدت إلى قيام «نظام عالمي» مبني على مؤسسات دولية وقوى محددة تسير غالبية أحداث العالم. وشدد وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند على أهمية معالجة التغييرات في العالم، مستشهدا، في أثناء جلسة نقاش في لندن أمس، بالرئيس الأميركي باراك أوباما الذي قال: «العالم تغير، وعلينا التغير أيضا». ولكن ميليباند طالب الولايات المتحدة بالعمل مع أوروبا لمعالجة هذه التغييرات، قائلا: «كثيرون بين وزراء الخارجية الأوروبيين يشعرون بأن هناك فرصة، ربما الأخيرة، لوضع إطار لحل خلافات العالم، بناء على القيم الأوروبية - الأميركية». وأضاف أن هناك رغبة أوروبية بتحديد وضع العالم الجديد بناء على القيم «عبر الأطلسي»، ولكنه لم يحدد هذه القيم.

وكان ميليباند المتحدث الرئيسي في ندوة أقامها معهد «تشاثام هاوس» أمس لإطلاق كتاب يعتبر ثمرة مهمة لمشروع «إدارة عدم الاستقرار العالمي»، الذي يضم مفكرين ودبلوماسيين مرموقين، ويديره معهد «بروكينغز» البريطاني بالتعاون مع «مركز التعاون الدولي» لجامعة نيويورك و«مركز الأمن والتعاون الدولي» لجامعة ستانفورد. وعلق وزير الخارجية البريطاني على الكتاب والخطوات المطلوبة لاستقرار العالم، قائلا: «هناك السلطة والمسؤولية من جهة، والنظام والحرية من جهة أخرى»، مؤكدا على ضرورة التوصل إلى اتزان بين الجهتين. وعدّد ميليباند 3 تغييرات جوهرية في العالم، أولها اعتماد كل دولة على الأخرى في عصر العولمة، وبعدها التحول في القوة «من الغرب إلى الشرق ومن الحكومة إلى الفرد»، ولفت إلى أن التغيير الثالث البارز يتجسد في الأزمة الاقتصادية، موضحا أن الأزمة تسببت في ظهور «قوتين مختلفتين تشد كل واحدة في اتجاه، الأولى تريد المزيد من الحماية الاقتصادية الوطنية وتريد أن تتحصن، بينما القوة الثانية تدفع في اتجاه تجديد الأسلوب المتعدد الأطراف ومعالجة المشكلات الدولية في إطار دولي». وأضاف: «إذا لم نجدد العمل المشترك لا يمكن لنا معالجة المشكلات». وجدد ميليباند مطالبة حكومته بإصلاح الأمم المتحدة، قائلا: «الأمم المتحدة أنشئت لمنع دولة قوية من التعدي على حقوق دولة أخرى، على أساس قوتها الدولية، وعليها استخدام هذه القوة بمسؤولية». وأضاف: «النظام الدولي لم يؤسس لمعالجة مشكلة الدول الضعيفة، وهذا ما نراه الآن في دول مثل أفغانستان». ولفت إلى ضرورة «العمل على دعم الحكومة الأفغانية المستقلة، فلا أحد يريد إنشاء مستعمرة هناك»، معربا عن ترحيبه بقرار «الرئيس أوباما للتركيز على أفغانستان وباكستان معا، فلا يمكن استقرار أفغانستان دون استقرار باكستان».

من جهته قال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق (في إدارة بيل كلينتون) ساندي بيرغر: «الأزمة الاقتصادية تشكل فرصة لخلق منظمات ومؤسسات مناسبة» للقرن الـ21. وقال بيرغر «من أجل التقدم، نحن نحتاج إلى قيادة أميركية، والتي افتقدناها منذ 8 سنوات، ولكنها عادت الآن».

من جهته اقترح السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة توماس بيكرينغ مراجعة حق النقض «الفيتو» التي يتمتع بها أعضاء مجلس الأمن الدائمون. وقال بيكرينغ: «حان الوقت ليخفف الأعضاء الدائمون استخدام الفيتو، ربما الآلية الأفضل إعطاء حق الفيتو لدولتين أو ثلاث تتفق على موقف واحد، بدلا من إعطاء دولة واحدة حق تعطيل العمل». وأثير النزاع العربي - الإسرائيلي في نقاش أمس، حيث جدد ميليباند مطالبته بـ«حل 23 دولة» للقضية، بدلا من دولتين فقط. وشرح بأنه متمسك بحل الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية، للنزاع، لكنه أضاف أن «الحل يكمن في اتفاق 22 دولة عربية مع إسرائيل». ولفت بيكرينغ إلى أن فكرة ميليباند جيدة، ولكنه أشار إلى ضرورة شمل إيران، قائلا: «إيران في الوسط، لن تحل (أزمة) العراق دون دور إيراني، وأفغانستان لن تحل دون الدور الإيراني، كما أن تركيا ضرورية بسبب قضايا مثل المياه والأكراد». وأيد بيرغر هذا الرأي قائلا: «علينا تثبيت وقف إطلاق النار بالتعاون مع المصريين والسعوديين والأوروبيين، ويجب تقوية عمل الرباعية الدولية في تقوية السلطات الفلسطينية»، لكنه أضاف: «لا يمكننا التفاوض والدار منقسمة»، في إشارة إلى خلافات حماس وفتح، ليتابع أن «الدور التركي في المسار السوري مشجع جدا».