الإمارات: نواب البرلمان يوافقون بـ«الإجماع» على التعديلات الدستورية ويعتبرونها تاريخية

تمديد عضوية المجلس إلى 4 سنوات.. وإلزام الحكومة بإبلاغه بالمعاهدات والاتفاقات الدولية

جانب من جلسة المجلس الوطني الإماراتي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

اكتفى أعضاء المجلس الوطني الإماراتي بالموافقة «بالإجماع» على مشروع قانون التعديل الدستوري، وكان لافتا أن جلسة يوم أمس، التي أقرت فيها هذه التعديلات، لم تشهد أي مطالبات من قبل الأعضاء بمزيد من الصلاحيات لمجلسهم، واتفقوا على وصف التعديلات بـ«التاريخية».

وأجرت الإمارات تعديلات دستورية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تم بموجبها تمديد عضوية المجلس الوطني الاتحادي لتصبح أربع سنوات بدلا من سنتين، كما قضت أيضا في المادة 91 من الدستور،بأن تتولى الحكومة «إبلاغ المجلس الوطني الاتحادي بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تجريها مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية المختلفة».

غير أن التعديلات الدستورية هذه لم تتضمن مزيدا من الصلاحيات للمجلس المعين نصفيا، وبانتخابات جزئية للنصف الآخر، كما لم تتضمن توسيع دائرة انتخاب أعضاء المجلس، التي تتم عن طريق المجمع الانتخابي، ووصفت التعديلات الدستورية الخاصة بالمجلس الوطني الاتحادي، وهي أربع مواد دستورية، بالتعديلات الإجرائية والشكلية.

وعند فتح باب مناقشة مشروع قانون التعديلات الدستورية، الذي أحالته الحكومة للمجلس «لاستكمال الإجراءات الخاصة بإصدار التعديلات الدستورية»، تداخل أكثر من 10 أعضاء بالمجلس للإشادة بالتعديلات ووصفها بالتاريخية، في حين أن تقرير اللجنة التشريعية والقانونية التي درست التعديلات، خلا من أي تعديل أو إضافة تذكر على مشروع القانون، قبل أن يوافق الأعضاء بالإجماع على المشروع.

ووصف النائب الأول للمجلس علي جاسم »اليوم السابع والعشرين من يناير 2009 نحتفل تحت قبة هذا المجلس باعتماد 4 مواد دستورية» باليوم التاريخي.

وقالت النائبة نجلاء العوضي «في غضون سبعة وثلاثين عاما تمكنا من النمو والازدهار»، واعتبرت التعديلات نموذجا للتطور والاعتدال السياسي، مؤكدة على اختلافها مع من الأعضاء الذين يطالبون بمزيد من التعديلات الدستورية، وهو ما استدعى مراقب المجلس لطلب نقطة نظام والرد عليها، بأن أحدا من الأعضاء لم يطالب بمزيد من التعديلات الدستورية.

غير أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات والكاتب الإماراتي الدكتور عبد الخالق عبد الله، استغرب وصف المجلس الوطني في بلاده للتعديلات الدستورية بالتاريخية، وقال «لا نعهد من شعب أو حكومة الإمارات أو نواب المجلس تضخيم إنجازاتنا.. الإماراتيون معروفون بتواضعهم عند الإنجازات وليس التوقف عندها»، وأضاف «لسنا مع تضليل أحد، ولا نسعى لتضليل الشارع، فالجميع يعلم أن التعديلات الدستورية، التي نشكر السلطات عليها، هي تعديلات شكلية ولم تكن جوهرية».

ويعتقد الدكتور عبد الخالق عبد الله أن التعديلات «مست بعض الأمور الهامة، وتركت أمورا أخرى، وبما أننا نبحث عن إصلاح سياسي وديمقراطي يرتقي بدولة الإمارات، فعلينا ألا نركن لتعديلات دستورية محدودة».

ويقول الدكتور عبد الخالق إن الإمارات أمامها مخاطر كثيرة وتحديات أكثر، «وعلى السادة النواب ألا ينظروا بعين واحدة، بحيث يروا البياض والإنجاز فقط، ويتركوا ما سواه».

وحول أهم التعديلات الدستورية التي يترقبها الشارع الإماراتي، يقول الدكتور عبد الخالق عبد الله «نحن نعتمد على خطاب (الشيخ خليفة بن زايد) رئيس الدولة، لذا نحن ننتظر تعميق الإصلاح السياسي الديمقراطي الذي جاء في هذا الخطاب، عبر مجلس منتخب بصلاحيات دستورية، مما يساعد على تعزيز الحريات وإضفاء حق المواطن على بلده».

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، أن أي تعديل دستوري مقبل يجب أن يساعد على تعزيز دور الدولة الاتحادية على حساب الإمارات المحلية، وأضاف «ما نراه حاليا على أرض الواقع تراجعات دستورية بطغيان المؤسسات المحلية على المؤسسات الاتحادية».

أما النائب الأول لرئيس المجلس أحمد بن شبيب الظاهري، الذي ترأس جلسة الأمس بسبب سفر الرئيس، فقد رد على هذه التساؤلات، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بالقول إن مشروع القانون هذا، أتى من المجلس الأعلى (أعلى سلطة في الإمارات)، «وبالتالي فإن الدستور لا يسمح للمجلس بمناقشة مثل هذه المطالبات أو التعديلات في العلن، وإنما لنا طرقنا الأخرى التي نوصل بها مطالبنا لحكام الإمارات».

ويشرح أحمد الظاهري بالقول إن مناقشة التعديلات الدستورية «هي من صميم اختصاص المجلس الأعلى (الذي يجمع حكام الإمارات)»، مضيفا «حرص المشرع في الإمارات أن يوزع الصلاحيات، باعتبار أن دولة الإمارات ذات نظام اتحادي، ويجب أن تحظى مثل هذه التعديلات بقبول جميع حكام الإمارات».

من جانبه، ووصف الدكتور أنور قرقاش جلسة الأمس، بأنها جلسة تاريخية «تعزز مرحلة التمكين التي أطلقها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدول». وقال قرقاش «إننا أمام مسيرة ناجحة بكافة المعايير، تمثل شعلة وإضاءة في العمل الوحدوي والعربي.. ونحن على الطريق الصحيح في ظل قيادة واعية». وشمل التعديل الدستوري رقم 1 لسنة 2009، في المواد التي تخص المجلس الوطني الاتحادي، في مادته الثانية والسبعين، أن تكون العضوية في المجلس الوطني الاتحادي أربع سنوات ميلادية، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، بدلا من سنتين كما كان سابقا.

أما المادة الثامنة والسبعون، فتم تعديلها، بحيث تكون مدة انعقاد المجلس السنوية لا تقل عن سبعة أشهر، بدلا من ستة أشهر قبل التعديل.

وفي المادة الثامنة والخمسين، التي تم تعديلها لتصبح، يكون للمجلس أمانة عامة يرأسها أمين عام، وتحدد اللائحة الداخلية اختصاصاته، ويتولى المجلس وضع مشروع لائحته الداخلية، وتصدر بقرار من رئيس الاتحاد، بناء على موافقة المجلس الأعلى للاتحاد.

أما المادة الحادية والتسعون فتشير إلى أن الحكومة تتولى إبلاغ المجلس الوطني الاتحادي بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تجريها مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية المختلفة، مشفوعة بما يناسب من بيان، وتحدد بقرار من رئيس الاتحاد المعاهدات والاتفاقات الدولية التي يتوجب على المجلس الوطني الاتحادي مناقشتها قبل التصديق عليها.