ارتفاع بنسبة 60% في البناء الاستيطاني بالضفة الغربية العام الماضي

تقرير سري في وزارة الدفاع: في المستوطنات يوجد بركان سياسي لا نعرف كيف ننزع فتيله

TT

تحت عنوان «يفاوضون ويستوطنون»، صدر تقرير جديد عن حركة «سلام الآن» الاسرائيلية يكشف أنه في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الاسرائيلية تجري مفاوضات حول اتفاق سلام دائم مع السلطة الفلسطينية، انشغل الكثيرُ من الإسرائيليين بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية. وارتفع حجم البناء في المستوطنات خلال سنة 2008 بنسبة 60% عنها في السنة السابقة؛ قسم منه بناء عشوائي نفذه المستوطنون من وراء ظهر الحكومة أو في وضع غضت الحكومة الطرف عنه، وقسم نفذته الحكومة نفسها.

ويتضح ان هذه الأرقام لا تشمل البناء في القدس الشرقية المحتلة، التي تعتبرها اسرائيل جزءاً من حدودها الرسمية. ففي هذه المدينة تم بناء 1184 وحدة سكن سنة 2008 مقابل 793 وحدة سنة 2007 أي بزيادة 49%. واللافت للنظر أن عروض البناء في القدس الشرقية سنة 2007، تمت بالأساس بعد مؤتمر أنابوليس، الذي اتفق فيه على بدء مفاوضات التسوية الدائمة للصراع. فقد كان عدد العروض قبل أنابوليس (نوفمبر ـ تشرين الثاني 2007) فقط 46 وحدة سكن، ولكن في الشهر الأخير من السنة، طرح 747 عرضا للبناء الاستيطاني في المدينة. ويوضح تقرير «سلام الآن» أن هناك 285 ألف مستوطن في الضفة الغربية. ويشير بحزم إلى ان الحكومة الاسرائيلية اتبعت سياسة خداع مكشوفة في البناء الاستيطاني. فقد خدعت الادارة الأميركية حين ادعت بأنها تبني فقط في الكتل الاستيطانية التي ستكون جزءا من حدود اسرائيل بعد التسوية النهائية وخدعت حتى محكمة العدل العليا الاسرائيلية نفسها. فقد أقيم 1518 مبنى جديداً في المستوطنات، بينها 748 مبنى ثابتا، 61% منها غرب الجدار الفاصل الذي تخطط اسرائيل له أن يكون حدود اسرائيل المستقبلية، والبقية 39% شرق الجدار. ومع ان اسرائيل تزعم أنها لا تسمح بالبناء على أراضٍ فلسطينية خاصة، اتضح ان قسما كبيرا من البناء يتم فوق أراض خاصة، وان مصادرة الأراضي مستمرة، حيث صودر 275 دونما من أراضي أربع قرى فلسطينية هي: العدسية قرب الخليل والخضر وحسان قرب بيت لحم وبرقين قرب نابلس. وكذبت اسرائيل في ادعاءاتها أمام الأميركيين وأمام المحكمة العليا، عندما أعلنت أنها تقوم بإخلاء البؤر الاستيطانية التي لا تعتبر شرعية حتى بحكم القانون الاسرائيلي، وحسب هذا التقرير، لم تخل أية بؤرة. كل ما فعلته هو اخلاء 34 مبنى، ولكن المستوطنين بنوا 227 وحدة سكنية اضافية فيها. وعملياً، من بين كل أربع بؤر استيطانية تم البناء في ثلاث بؤر (هناك 99 بؤرة تم البناء في 74 منها). وليس صحيحاً الادعاء الاسرائيلي بأن البناء تم من دون معرفتها، حيث اتضح حسب هذا التقرير ان وزير الدفاع ايهود باراك وافق بنفسه ولأول مرة منذ 15 سنة على بناء عمارة في قلب الخليل للمستوطنين، وان قسما من الأبنية الاستيطانية تابعة لمؤسسات رسمية. فقد بنيت عمارة للشرطة الاسرائيلية في بيت ايل المحاذية لرام الله وعدة معابد وبنايات لمجالس بلدية ومدارس تابعة لوزارة المعارف الاسرائيلية، إضافة إلى الشوارع التي تم شقها وعن البنى التحتية الأخرى وتوصيل التيار الكهربائي والهاتف لهذه المستوطنات. وأكد التقرير ان المستوطنين استغلوا فترة الحرب الأخيرة على قطاع غزة، للقيام بنهضة استيطانية طيلة الأسابيع الأخيرة. ومن كثرة هذه النشاطات وتوسيع نطاقها لم تستطع الحركة رصد معلومات دقيقة عنها.

وردت قيادة مجلس المستوطنات على التقرير بتقديم الشكر لحركة «سلام الآن» على انها «تهتم بصرف ما يصل اليها من أموال من دول أوروبا على توثيق المشروع الاستيطاني». وأضافت: «نعم، نحن الذين نبني باستمرار، وهذا هو السبيل لمنع الارهاب الفلسطيني من تطوير قدراتهم العسكرية وقصف تل أبيب ومطار اللد بالصواريخ. لكن هناك أمورا غير دقيقة في التقرير. فالحقيقة ان عدد المستوطنين زاد على 300 ألف». من جهة ثانية، كشفت صحيفة «هآرتس»، في تقرير مفصل ستنشره غدا، ان وزارة الدفاع الاسرائيلية شكلت لجنة سرية تعمل منذ أربع سنوات لمتابعة أوضاع الاستيطان، بهدف تجهيز الوزارة لمواجهة دعاوى قضائية أو أزمات دبلوماسية في العالم بسبب الاستيطان. وتوصلت هذه اللجنة الى قناعة بأن المشروع الاستيطاني وما يفعله المستوطنون على الأرض يشكل بركاناً سياسياً خطيراً، وان اللجنة تجد صعوبة في ايجاد الحلول لنزع هذا الفتيل.