النجف: الموتى يستقبلون الدعايات الانتخابية بين قبورهم

مرشح تفادى تمزيق صوره فعلقها في الهواء الطلق.. وآخر في أعالي النخيل

ملصقات انتخابية على جدار مقبرة في النجف («الشرق الأوسط»)
TT

مع اقتراب موعد إجراء الاقتراع لانتخابات مجالس المحافظات، وتصاعد حدة الصراع الانتخابي لكسب أصوات الناخبين، ازداد قلق المرشحين في محافظات الفرات الأوسط، ما دفعهم إلى استخدام أساليب غريبة في إيصال دعايتهم الانتخابية إلى المواطنين.

إذ قام البعض منهم بتعليق ملصقاتهم الانتخابية على أشجار وجذوع النخيل، فيما راح البعض يلصق دعايته على مقابر الموتى، بدلا من أن يقرأ الفاتحة عليهم، بل إن البعض استخدم الفراغ بين الأرض والسماء لإيصال دعايته تفاديا لمزاحمة الآخرين وتمزيق دعايته، ومنهم من وضع رغيف خبز مع صورته متعهدا بالقضاء على الأزمة المالية التي عصفت بالعالم.

وقال جاسم الإبراهيمي (فلاح من ناحية القادسية جنوب النجف): «أحرص على النهوض دائما قبل شروق الشمس، وأخرج لبستاني الصغير الذي لا تتجاوز مساحته ثلاثة دونمات، إذ تكثر فيه أشجار النخيل، ففوجئت بقمم نخيلي مغلفة بالدعايات الانتخابية!». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «البوسترات الدعائية كانت لائتلاف دولة القانون، تتوسطها صورة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وعلقت الدعاية في الليل دون أن يكلفوا أنفسهم بالاستئذان مني».

وأشار الإبراهيمي إلى أن «تعليق الدعايات الانتخابية على أشجار النخيل هي حالة فريدة من نوعها، ولم تستخدم من قبل في مناطقنا»، وأضاف: «خاطبت صورة رئيس الوزراء: لماذا لا تذكرنا في الأيام العادية وتذكرنا فقط في أيام الانتخابات؟».

وابتسم الإبراهيمي وقال: «تمنيت أن أخاطبه شخصيا بأن يزيد أسعار محصول الشلب ويراعي الخدمات في مناطقنا، وسوف نصوت لقائمة آنذاك».

وفوق مستشفى «ابن بلال» الأهلي، الواقعة على طريق نجف كوفة، يحلّق فوق سمائها بالون أبيض اللون على شكل طائرة رسم عليها اسم وصورة مرشح قائمة «مدنيون ديمقراطيون»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة البالون جاءت بعد التفكير في مكان لا يمكن التجاوز عليه، من قبل القوائم الأخرى، في ظل التزاحم الشديد الذي لم يترك مكانا على الأرض».

وأضاف المرشح عبد الكريم بلال أن «طول البالون 6 أمتار وعرضه أكثر من مترين، تم صناعته خارج النجف وبتكاليف رخيصة الثمن، تم دفعها من تبرعات المواطنين»، مؤكدا أن «صناعة البالون جاءت للهروب من تمزيق الدعايات الانتخابية وضياع أسماء المرشحين، بين الكم الهائل من الدعايات التي غطت كل شيء». بينما أبدى مواطنون فرحهم بهذه الفكرة التي لا تشوه المدينة، وفي نفس الوقت تدل على حرص مرشحي القائمة على عدم إلصاق دعايتهم على جدران المنازل أو جسور المشاة أو على العلامات المرورية. ولجأ مرشحون آخرون إلى تعليق ملصقاتهم الدعائية على مقابر الموتى، لقلة الأماكن والتنافس الكبير عليها. ويقول الدفان ماجد الساعدي: «هذا أمر غريب جدا، وعلى مفوضية الانتخابات ملاحظة ذلك ومعاقبة المقصرين».

وأضاف الساعدي أن «الكثير من أهالي الموتى تذمروا من القضية لدى زيارتهم قبور موتاهم، معلقين بأن «الزائر في حيرة من أمره، بين قراءة سورة الفاتحة على الميت أو (انتخبوا مرشحكم الفلاني)»، مضيفا أن «المرشحين عجزوا عن إقناع الإحياء بانتخابهم، لذا لجأوا إلى الموتى».

فيما قال زميله جواد أبو صبيع: «يبدو أن المرشحين يئسوا من استمالة الإحياء إلى برامجهم الانتخابية، لذا ملأوا المقابر بالملصقات، علّهم يستميلون الموتى، متناسين بيت الشعر الذي يقول: لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّا.. ولكن لا حياة لمن تنادي».

أما أحد المواطنين، فقد انتقد أحد المرشحين في مدينة الحلة، الذي وضع رغيف خبزا مع صورته، وقال: «نحن لسنا جياعا نطلب الخبز، ولم نصل إلى هذا المستوى بعد، وهذه الدعاية هي استهانة بكرامة المواطن العراقي»، مضيفا أن «هذه الدعاية تذكرنا بطرح صدام حسين (الرئيس العراقي الأسبق) الذي كان دائما يقول: إن العراقيين كانوا حفاة وأنا ألبستهم الأحذية».