كروكر لـ«الشرق الأوسط»: نصيحتي لخلفي في بغداد أن يتحلى بالصبر الاستراتيجي

السفير الأميركي الذي توشك مهمته في بغداد على الانتهاء: الانتخابات المحلية ستؤسس الديمقراطية

ريان كروكر (أ.ب)
TT

كان السفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر معروفا في الأوساط السياسية والدبلوماسية الأميركية منذ سنوات، بسبب فترات عمله في مناطق تعتبر من الأصعب في مواقع عمل الدبلوماسيين الأميركيين، فقد عمل في بيروت وإسلام آباد، وقبلها بغداد في الثمانينات من القرن الماضي. ولكن توليه منصب السفير الأميركي في بغداد مارس (آذار) عام 2007 جاء في وقت ذروة العنف في العراق، وعدم شعبية السياسة الأميركية في الولايات المتحدة وحول العالم. إلا أن كروكر استطاع أن يبني تحالفا جيدا مع قائد القوات الأميركية في العراق حينها ديفيد بترايوس، وعلاقات جيدة مع القادة العراقيين أسهمت في تخطي عقبات أساسية في العراق، على رأسها مواجهة العنف الطائفي. ويستعد كروكر الآن لمغادرة العراق، إذ تنتهي فترة عمله في بغداد للمرة الثانية، بعد أن عمل دبلوماسيا هناك قبل أكثر من 20 عاما. وقرر كروكر التقاعد من وزارة الخارجية الأميركية، التي انضم إليها عام 1971 مع انتهاء مهامه في العراق. وخص «الشرق الأوسط» بحوار مطول عبر الهاتف من بغداد حول فترة عمله في العراق وتطلعه إلى المستقبل:

* الرئيس باراك أوباما عبّر عن رغبته في سحب القوات الأميركية خلال 16 شهرا من توليه منصبه، هل أصبح ذلك السياسية الرسمية للولايات المتحدة؟

- ربما اطلعتم على بيان البيت الأبيض قبل بضعة أيام، تشرفت بفرصة الحديث مع الرئيس أوباما خلال يومه الأول الكامل في البيت الأبيض مع الجنرال ريموند أوديرنو، من خلال الأقمار الصناعية في بغداد، وأعطينا الرئيس تقييمنا حول تطور الأمور هناك. وكما قال الرئيس في بيانه، فإنه ملتزم بانسحاب مسؤول من العراق، وقد سأل المخططين أن يطوروا الخيارات المطروحة من أجل طريق إلى الأمام. وهذا ما وصلنا إليه.

* متى تتوقعون أن يخرج المخططون بخطة للطريق إلى الأمام؟ هل هي مسألة أيام أم أسابيع؟

- أعتقد أنها ستكون عملية من الاستشارة الدقيقة والتفكير، ولا يمكن لي تحديد موعد زمني لها. الرئيس قد قال ذلك لنا، ويقول ذلك منذ فترة، بأنه ملتزم بانسحاب مسؤول، مع التأكيد على المسؤولية.

* ما أهمية الاتفاقين لوضع القوات الأميركية وللإطار الاستراتيجي في تحديد العلاقات الأميركية - العراقية مستقبلا؟

- أظن أنهما في غاية الأهمية. مع بداية العام، أمر مهم جدا حدث، العراق لم يعد خاضعا لقرارات البند السابع للأمم المتحدة، مثل ما كان عليه منذ عام 2003، والاتفاقان يحكمان علاقتنا الثنائية الآن. التركيز كان على الاتفاق الأمني، وذلك مفهوم، ونحن ملتزمون بتطبيق كامل ومفتوح لهذا الاتفاق، ومع اقترابنا من نهاية الشهر الأول، أظنه يتقدم بشكل جيد جدا.

ولكني أعتقد أن اتفاق الأطر الاستراتيجية هي الوثيقة المهمة حقا، لأنها تحدد وتبلور العلاقة الأميركية - العراقية مستقبلا، وفي المجالات كافة، الأمن والاقتصاد والطاقة والخدمات والتقنية الإلكترونية والتعليم والثقافية والتعاون العلمي وسيادة القانون. وقد أسسنا الهيئات التنسيقية المشتركة في هذه المجالات، وكان لدينا اجتماع أولي لهيئة التنسيق العليا قبل نهاية إدارة (الرئيس السابق جورج) بوش برئاسة رئيس الوزراء (العراقي نوري) المالكي ووزيرة الخارجية (السابقة كوندوليزا) رايس، ونحن نتقدم في التطبيق في ذلك المجال أيضا. أعتقد أنه إطار حقيقي لعلاقات وثيقة وتعاونية ومفيدة للطرفين في كل المجالات، وأعتقد أن الوقت مناسب لهذه الاتفاقية، لأن الأمن تحسن، ويستمر في التحسن، وتركيزنا سيكون في هذه المجالات بشكل متزايد.

* إذن، شكلتم اللجان؟ كانت هناك تقارير عن تأخير في إنشائها! - نعم، لقد عملنا على عضوية اللجان من طرفنا، والعراقيون فعلوا الشيء نفسه، وقد بدأت النقاشات غير الرسمية في كل هذه المجالات.

* الموضوع الأمني يعتبر الأبرز في العلاقات العراقية - الأميركية. وهناك نوع من الخوف من قبل بعض العراقيين بأنه مع انسحاب القوات الأميركية، يصبح العراق أقل أهمية في الأجندة الأميركية، هل سيبقى العراق جزء مهما من السياسة الأميركية الخارجية؟

- نعم، بالطبع، وهذا ما كنا نتحدث عنه للتو، وهو جزء من أهمية الاتفاقية الاستراتيجية. العراق بلد مهم جدا في هذه المنطقة، وفي المجتمع الدولي، وسيكون محط تركيز للسياسة الأميركية مستقبلا، ولا يوجد شك حول ذلك. العراق في قلب الشرق الأوسط، وسلبا أو إيجابا. ما يحدث في العراق والطريقة التي يضع العراق نفسه بها في ما يخص علاقاته مع جيرانه، سيكون له تأثير كبير. نحن في مرحلة الآن نشهد فيها وضعا أفضل بكثير، وبالطبع لدينا مصلحة قوية، ليس فقط في الإبقاء على هذه العلاقة، بل تطويرها من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي.

* في تقديرك، هل القوات العراقية جاهزة للسيطرة على البلاد، خصوصا مع انسحاب القوات الأميركية من المدن بحلول الصيف المقبل؟

- بالطبع، القوات العراقية تسيطر من الآن على عدد من المدن العراقية، وهم يقومون بعمل جيد في الإبقاء على النظام والسلام في المدن. وفي الكثير من هذه المدن والمحافظات لا توجد أي قوات أميركية، حتى لا تقوم بدور مساند. وليس لدى القوات العراقية القابلية فقط للقيام بذلك، بل هم يقومون بها. وإنني واثق جدا، بناء على ما رأيته من جودة وعدد القوات العراقية الأمنية، أنهم سيكونون قادرين جدا على تولي السلطة تماما، كما تنص الاتفاقية الأمنية.

* إذن لا يوجد خطر من انسحاب متسرع؟

- لا أظن أنه سيحدث ذلك مرة أخرى. الرئيس قد تحدث بوضوح عن انسحاب مسؤول، فلا أرى أي احتمال انسحاب متسرع. وبالطبع سيكون ذلك أمرا خطيرا جدا، ويمكن أن يكون أمرا يؤدي إلى عدم الاستقرار، ولكنه في الوقت نفسه أمر مستبعد جدا.

* ما أهمية انتخابات يوم السبت المحلية في جعل المواطنين العراقيين كافة يشعرون بأن الحكومة تمثلهم؟

- من الواضح أن الانتخابات مهمة جدا من أجل تطور العراق الديمقراطي، وفي الديمقراطية الجديدة، الدورة الثانية من الانتخابات، وهذه ستكون الانتخابات المحلية الثانية للعراق، تكون بأهمية الدورة الأولى، لأنها تصلّب وتؤسس الديمقراطية. وأظن أن هذه الانتخابات ستكون مهمة في جعل العراقيين يعبرون عن آرائهم، والانتخابات هي الطريقة التي تحسم التنافس السياسي في الدول الديمقراطية. وهناك الكثير من التكهنات حول الأحزاب التي ستكون لديها السلطة في مناطق معينة، ولكن الشعب العراقي هو الذي سيحدد ذلك، ولكنا سنرى ذلك يوم السبت. ولكنني أشدد على أنه بالطبع من المهم جدا أن تكون هذه الانتخابات، وأن يعتبرها الشعب العراقي، حرة وعادلة وشرعية. وأعلم بأن مفوضية الانتخابات العليا العراقية، وبدعم من الأمم المتحدة، تعمل جاهدة جدا من أجل وضع جميع الاستعدادات لانتخابات جيدة.

* الأسبوع الماضي، قلت إن هذه الانتخابات ستكون حرة وعادلة، ولكنها لن تكون مثالية، ماذا تعني بذلك؟

- من المؤكد أنه ستكون هناك بعض القضايا، ربما من المؤكد ستكون هناك هذه القضايا، مثل القضايا الأمنية، كما أنني أتوقع شكاوى، لأن هناك دائما شكاوى، وهذا ما حدث في الانتخابات السابقة. وهذا ما أعني بأنها لن تكون مثالية، وقلما تكون الانتخابات مثالية - إذا تذكرين انتخابات الولايات المتحدة عام 2000 - ولكن أظن أنها ستكون انتخابات جيدة، وبالتأكيد الاستعدادات موجودة من أجل ذلك.

* أريد أن أسألك عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كيف تقيمه؟

- بالطبع هذا التقييم يعود إلى الشعب العراقي وممثليه، لأنه قائد اختير بشكل ديمقراطي. ولكن كان لي شرف العمل معه، ومع غيره من قادة العراق، خلال السنتين الماضيتين اللتين عملت فيهما هنا. لقد اتخذ عددا من القرارات الصعبة والشجاعة، على سبيل المثال مواجهته للميليشيات، وفرض سلطة الدولة في البصرة العام السابق. مرة أخرى، إنه ليس موقعي للتقييم، ولكن كان شرفا لي للعمل معه ومع آخرين من قادة العراق. كلهم يتحلون بالشجاعة والعزيمة.

* لقد سمعنا اتهامات موجهة إلى رئيس الوزراء العراقي بأنه دكتاتوري، وبخاصة أنه كانت هناك جهود لمنع ذلك من خلال الدستور ووضع الأطر للمحاسبة، ما رأيك بهذه الاتهامات؟

- هذه النقطة مهمة، العراق لديه دستور أسس مؤسسات دولة وطرق للمحاسبة، فمجلس النواب لديه سلطات واسعة: السيطرة على الميزانية ودور رقابة على الفرع التنفيذي للسلطة. الدستور وهذه المؤسسات تشكل الضمان للعراقيين بأن أيام الدكتاتورية هنا قد انتهت. وأعطي مثالا صغيرا: الاتفاقان اللذان تفاوضنا عليهما، فتحت النظام الأميركي تفاوضنا على أساس أنهما أمران تنفيذيان، مما يعني أن الرئيس لديه الصلاحية في توقيع الاتفاقين، من دون الحاجة إلى ما صدقة مجلس الشيوخ. ولكن في النظام العراقي، لم يكن بإمكان الرئيس فعل ذلك؛ كان عليه العودة إلى مجلس النواب، فالنظام مختلف، ولكنه يعبر عن مثال للحدود الدستورية على قوة أي جزء من الحكومة.

* إلى أي درجة يشكل عدم الثقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان مشكلة؟

- من المهم أن يتذكر الجميع ما مر على العراق، كم عانى كل فصيل من الشعب العراقي في عهد (الرئيس العراقي السابق) صدام (حسين) من السنة والشيعة والأكراد. صدام حسين آذى المجتمع وقتل شعبه وخلف وراءه إرثا من الشعور بالخوف. لا يمكن نسيان ذلك خلال سنوات قلة، خصوصا أنك تحاول بناء بلد فيه سلطات على مستويات عدة، وما زال التفاوض قائما على السلطات. لا أجده من المفاجئ أن هناك شعورا قويا بالخوف، وأراه في جميع عناصر المجتمع، الأكراد بالطبع، ولكن أيضا السنة والشيعة، بالإضافة إلى الأقليات. المهم أن يقدّر كل القادة السياسيين بأن الجميع عانى، والجميع لديه مخاوف، ويجب أن يلتزم القادة بحل هذه المسائل بطريقة بناءة وعقلانية. وهذا ما رأيناه الخريف الماضي، وما أتوقع سنراه بعد الانتخابات، الاجتماعات بين الأحزاب الخمسة الرئيسية بالإضافة إلى المجلس التنفيذي، للحديث حول الأمن، وتقاسم السلطة والاقتصاد، بما فيه المشتقات النفطية، هذا هو الطريق إلى الأمام.

* ما التحديات الرئيسية التي تواجه العراق؟

- العراق سجل انجازات مهولة، خصوصا خلال السنتين الأخيرتين، ولكنه أيضا يواجه تحديات كبيرة، وكنا نتحدث للتو عن أحدها. ما مسؤوليات كل مستوى من الحكومة؟ يجب أن يعملوا على ذلك. هناك أيضا تحدي الأراضي المتنازع عليها وحدودها، مرة أخرى هذا إرث من عهد صدام. فقد أعاد رسم الخريطة العراقية لمعاقبة مجموعات عراقية. وعلى القادة العمل على هذه المشكلة. هناك قضية سيادة القانون، فالعراق، مثلما يعترف القادة العراقيون، يعاني من مشكلة كبيرة، وهي الفساد، ويجب معالجة ذلك لأنه مضر جدا للتنمية الاقتصادية وللثقة العامة. وهناك تحديات أوسع لسيادة القانون، وهناك مجموعة من العراقيين الشجعان الذين يعملون على هذه المسألة، فقد اغتيل أكثر من 35 قاضيا عراقيا منذ عام 2004، من أجل تخويف القضاء ومنعه من العمل، ولكن لم يتوقفوا عن العمل. وبناء على ما رأيناه من العزيمة والشجاعة والقدرة العراقية، سيمكنهم التعامل مع هذه التحديات.

* كيف ترى الدور الإيراني في العراق اليوم؟

- من الأفضل توجيه هذا السؤال إلى العراقيين. ولكن إذا رأينا ما وصلنا إليه الآن، فعلى الإيرانيين التفكير طويلا حول العلاقة التي يريدونها مع العراق. العراق وإيران دولتان جارتان، وستبقيان جارتين، ولديهما تاريخ طويل وصعب، خصوصا في الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988. من الواضح أنه ليس من مصلحة أي منهما رؤية العلاقات تعود في ذلك الاتجاه، العراقيون - بالتأكيد - لا يريدون ذلك، ولا الإيرانيون. ولكن لذلك من الضروري أن يتخذ الإيرانيون نظرة بعيدة الأمد، لأنه بالتأكيد بعض ما فعلوه، وبخاصة مساندتهم للميليشيات، خلق الكثير من المرارة في العراق، ورأينا ذلك الخريف الماضي عندما واجهت الحكومة جيش المهدي. ومن الواضح أن إيران كانت تدعم جيش المهدي، وكل العراقيين ساندوا الحكومة العراقية في مواجهته، ومن الواضح أن هذه المسألة أضرت بسمعة إيران في البلاد. مثل هذه الأفعال تبني إرثا جديدا من المرارة، وليس محلي إعطاء النصح للإيرانيين، ولكن هذه المنطقة بحاجة إلى الأمن والاستقرار، وذلك يعني أنها تحتاج إلى قرارات من القادة فيها، للتعامل بطريقة مهنية وشفافة مع دول جوارهم، وللأسف ليست هذه الطريقة التي تتعامل بها إيران في العراق.

* الولايات المتحدة لعبت دورا أساسيا في تسهيل علاقات الدول العربية مع العراق، هل تتصور أنه ما زالت هناك حاجة إلى لدور الأميركي في تقوية هذه العلاقات؟

- هذه مسألة للعراق وجيرانه من الدول العربية. نحن مسرورون بأن العرب يتقدمون ويقيمون سفارات، وهناك زيارات بين الطرفين لأنه العراق - كما يعلم الجميع في هذه المنطقة - قوة أساسية في المنطقة. والعراق فيه شعب متعدد الأعراق، ولكن العراق عضو مؤسس للجامعة العربية، ولعب دورا أساسيا في القضايا العربية منذ عقود، وكثيرا ما كان دورا سلبيا في عهد صدام، ولكن من مصلحة العراق والدول العربية بناء علاقات جديدة، تجعل العراق موقع استقرار في المنطقة، بدلا من مصدر عدم استقرار، وهذا هو الوقت المناسب لفعل ذلك. نريد رؤية تعميق العلاقات العربية - العراقية وتوسيعها.

* ما نصيحتك لخلفك؟

- من المهم أن تتحلى بالصبر الاستراتيجي وأن تعي بأن تطوير العراق الجديد سيستغرق الكثير من الوقت، ولا يمكن توقع المعجزات بين ليلة وضحاها. ما يجب فعله مستقبلا هو بناء علاقة، على مراحل، يمكن للشعبين العراقي والأميركي مساندتها. وهذا ما يتطلب الكثير من الصبر الاستراتيجي. ومن المهم جدا أن نستمع إلى العراقيين وأن نتفهم ما مر عليهم، وكيف ينظرون إلى المنطقة وإلى العالم. وكما قلت، كل العراقيين عانوا في عهد صدام وبعده، عندما تصاعدت وتيرة العنف عامي 2006 و2007، ونحن كأميركيين علينا أن نفهم ذلك، وأن نفهم التجارب التي عاشها العراقيون، وعلينا الاستماع. نحن شعب لديه الكثير من الطاقة، وكثيرا ما نتصور أن لدينا أفكارا جيدة، وغالبا تكون جيدة، ولكن القليل من التواضع والبساطة في التعامل مع دولة وشعب لديهم حضارة تعود إلى قرون، صعب التخيل بعض الشيء.

* هل هناك شيء تشعر بالندم بسببه في العراق؟

- هناك دائما أمور كان بالإمكان إنجازها بطريقة أفضل، لا يوجد شك في ذلك. ولكن أعتقد أنه خلال السنتين الماضيتين، سارت الأمور بشكل جيد نسبيا، ولكن الفضل لا يعود إليّ، الفضل يعود أولا وقبل كل شيء إلى الشعب العراقي، الذي قام بخطوات شجاعة جدا في قرار الوقوف ضد الإرهاب والعنف الطائفي، ولكنني أعتقد أن زيادة القوات كانت عاملا أساسيا في ذلك. أعطت زيادة القوات العراقيين، الحكومة وقوات الأمن والشعب، الشعور بالثقة في أن الولايات المتحدة لم تتراجع أمام العنف المتصاعد والعقبات، بل كنا نتقدم لحماية الشعب. هذا القرار الذي اتخذه الرئيس بوش، أدى إلى الإنجازات التي حققها العراقيون منذ ذلك الوقت، في كل مجال. آمل أن أكون قد قمت بالمزيد أو عملت بشكل أفضل. وفي وجه هذه التحديات، هناك دائما طريقة لفعل المزيد، وإنني متأكد من أن خلفي سيفعل ذلك.

* أعلم أنه من الصعب تقييم إرث الولايات المتحدة في العراق، لأن القوات ما زالت هناك، ولكن ما إرث الرئيس جورج بوش في العراق؟

- أعتقد من الصعب الحديث عن الإرث لأي شخص في العراق في هذا الوقت، لأن هذه قصة مستمرة، فالعراق يعيد تجديد نفسه مرة تلو الأخرى، وهذه العملية ستستمر سنوات. ولكن سأعود إلى ما قلته، أعتقد أن زيادة القوات الأميركية كانت نقطة مفصلية ونقطة تحول من دائرة شرسة إلى دائرة جيدة، حيث بدأت كل خطوة إيجابية تدعم الأخرى، حتى وصلنا إلى وصلنا إليه اليوم. زيادة القوات كانت قرار الرئيس بوش، اتخذ هذا القرار رغم المعارضة الشعبية الشديدة في الولايات المتحدة، وحتى معارضة بعض مستشاريه. كان قرارا شجاعا وصائبا. ولا أقول إن ذلك إرثه في قصة متواصلة، ولكنه قرار أساسي.

* وماذا عن مستقبلك بعد قرارك التقاعد بعد سنوات من الإنجاز في وزارة الخارجية؟

- خطتي هي أن لا تكون لدي خطة. كانت السنتان الماضيتان صعبتين، وتطلبتا الكثير من الجهد، وأحتاج إلى الوقت للعودة إلى الولايات المتحدة والتفكير في ما يأتي مستقبلا. سأعود إلى غرب البلاد، وهو مسقط رأسي، وسأبني منزلا مع زوجتي، وسنفكر في ما سنفعله مستقبلا.