عباس: مشعل يلعب في الوقت الضائع.. وحماس تؤكد: لن نقبل إلا بقيادة تحمل البندقية

استمرار الجدل حول منظمة بديلة وفتح تهاجم «الصهاينة العرب»

القيادي في حماس خليل الحية يخاطب أمس أنصار الحركة أمام مبنى البرلمان المدمر (أ.ف.ب)
TT

اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل «يلعب في الوقت الضائع»، بمحاولته إنشاء مرجعية جديدة بدل منظمة التحرير الفلسطينية. وقال عباس، في رام الله أمس في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السلوفيني دانيلو تورك، «عندما يتحدث عن إنشاء منظمة، فإنه يريد تدمير صرح عمره 44 عاما، ومعترف به من قبل العرب والمسلمين والعالم، و120 دولة معترفة بمنظمة التحرير، وإذا أراد أن يهدم هذا المعبد فلن يستطيع، لأن أحدا لن يكون معه لا من شعبنا ولا من غيره».

واستمر الجدل، واحتد، بين حركتي فتح وحماس بعد دعوة مشعل إلى تشكيل مرجعية جديدة للشعب الفلسطيني، ونظمت حماس أمس مسيرات دعما لدعوة مشعل، وقال القيادي البارز في الحركة خليل الحية، إنه لن يقبل بعد الآن أن يقود الشعب الفلسطيني إلا من يحمل البندقية. وكانت فتح قالت إنها ستتصدى لمحاولة إيجاد بديل لمنظمة التحرير، معتبرة الخطوة «مؤامرة إيرانية» بمشاركة سورية. وقال عباس «الانقلاب الذي حصل في قطاع غزة لن يتكرر في الضفة الغربية، وانقلاب حماس نجح في القطاع لأننا كنا لا نريد مواجهة مسلحة».

وشن عزام الأحمد، رئيس كتلة فتح البرلمانية هجوما شديدا على مشعل لمحاولاته «الانشقاقية والانقلابية» ضد منظمة التحرير. واعتبر الأحمد أن مشعل «يعيش في وهم أنه حقق نصرا عظيما في غزة مما حدا به إلى إطلاق مبادرة لتشكيل مرجعية فلسطينية جديدة ليقطع بذلك الطريق على المحاولات الجادة لاستئناف الحوار الفلسطيني». وتابع الأحمد «لم يكن مشعل وحدويا في يوم ما، لا هو ولا حماس، ولم يكونوا شركاء لنا في العمل الوطني الفلسطيني وعندما تأسسوا كانوا انشقاقيين ولا أريد أن أتحدث عمن دعمهم.. إنهم يستمرون في محاولاتهم ليكونوا بديلين للمنظمة وفشلوا وسيفشلوا». وهاجم الأحمد كذلك من وصفهم بالصهاينة العرب، لسعيهم لتدمير منظمة التحرير مؤكدا عزم فتح والمنظمة على التصدي لهم بأي ثمن. وقال الحية، إن حركته (حماس) لطالما مدت يديها كثيرا للحوار الوطني، ولطالما دعت لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن «أصحاب المقاطعة السوداء في رام الله وضعوها (المنظمة) في ثلاجة الموت واستحضروها في وقت التنازلات». وقال الحية مخاطبا السلطة في رام الله، «لقد وقعنا معكم إطارا لإعادة تشكيل منظمة التحرير، لكن بقي القرار عندكم منسجما مع القرار الصهيوني والأميركي». وتساءل الحية، «هل أحييتم ميتا من ثلاجة الموتى اسمه منظمة التحرير».

وشدد الحية على أن الشعب الفلسطيني، بعد «أن قدم كل هذه التضحيات لن يقبل بقيادة تساوم على الثوابت وتبيع الحقوق»، متسائلا، «أين هي المنظمة وأين هم قياداتها، وأين كانت وقت الحرب، أما كانت تنتظر لتعلن هزيمة شعبنا». وتابع «آن الأوان للشعب أن يرى قيادة جديدة تحمل همومه.. قيادة تحمل البندقية والمقاومة، ونحن ماضون لحمل راية الأمة وثوابتنا، ولن نتراجع عنها، فحقوقنا لا تفريط فيها، فلن يقبل شعبنا بعد اليوم قيادة قبلت الذل والمهانة، لقد آن الأوان».

وفاخر الحية «بنصر» حماس في الحرب ضد غزة، وقال «لقد أرادوها حربا ضروسا وقتلا وتشريدا وأردناها عزا وانتصارا، وكانت الهزيمة حليفتهم وكان الانتصار حليفنا، نحن اليوم وآيات الله تتجلى على رؤوسنا ونقول الله مولانا ولا مولى لهم، والعزة لنا ولا عزة لهم». وأوضح الحية أن «العدو وأعوانه أرادوا للشعب أن تنهار قواه وأن ينقض عن المقاومة، وإذا بها أصبحت أنشودة الصغار وتتردد في كل العالم، فهي المقاومة التي وقفت شامخة وانتصرت». وأعرب الحية عن استغرابه من «موقف السلطة في رام الله» قائلا، إن «من العجب العجاب، أن الأمة كلها تقول إن المقاومة انتصرت في غزة، إلا المقاطعة السوداء في رام الله»، وأضاف، «ألم تقولوا انتصر الشعب في اليوم الثاني لوقف إطلاق النار، فما الذي دهاكم أم أن الرهانات قد سقطت».

وكانت فتح، كبرى فصائل المنظمة، أكدت أن محاولات مشعل «المشبوهة» ستبوء بالفشل، وقررت الحركة تسيير مسيرات شعبية في الضفة الغربية، تنديدا بتصريحات مشعل. وأكد رأفت ناصيف عضو القيادة السياسية لحماس لـ«لشرق الأوسط»، أن حماس تعمل الآن على إيجاد مرجعية وطنية تتشكل من كل القوى الموجودة على الأرض وشخصيات مستقلة لحين الوصول إلى توافق وطني وستكون هذه المرجعية جزءا من اتفاق لاحق مع فتح». واعتبر ناصيف أن الخطوة «استثنائية» لسد الفراغ الحالي الناتج عن عدم التوافق بين فتح وحماس.

وكان موقع حماس الرسمي قال إن لجنة المتابعة العليا المنبثقة عن المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي انعقد في دمشق شهر يناير (كانون ثاني) 2008 «تدارست تشكيل قيادة وطنية موحدة تكون مرجعية وطنية جديدة تمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وتكون على مستوى تطلعاته وإنجاز الحقوق والحفاظ على الثوابت الوطنية». وحسب الموقع فإنه سيتم إعداد مشروع لهذه المرجعية خلال شهر واحد. وقالت مصادر فلسطينية إن هذه الخطوة «جاءت في ظل تعنت محمود عباس ورفضه إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية وديمقراطية حسب اتفاق القاهرة 2005». وهذه المرة الأولى التي تجاهر فيها حماس بأنها تسعى لتشكيل مرجعية فلسطينية غير منظمة التحرير، بعد أن نفت ذلك مرارا. وكان مشعل قال خلال الاحتفالية بنصر غزة التي أقيمت في قطر إنه «لا يمكن تحقيق مصالحة والشعب الفلسطيني في الداخل والشتات بلا مرجعية وطنية، وأن منظمة التحرير الفلسطينية التي تُمنع حماس من دخولها أو العمل على إعادة بنائها، لا تشكل مرجعية وطنية بل تشكل حالة عجز وأداة للتقسيم».