باراك يطمئن الإسرائيليين: هدوء قريب.. وطويل الأمد في الجنوب مع غزة

تصريحاته أثارت الحيرة في إسرائيل بعد توقعات برد ساخن على صواريخ المقاومة

TT

بعد ثلاثة أيام متواصلة من التصعيد الحربي في قطاع غزة والتهديد بقيام إسرائيل بـ«جولة أخرى من الحرب»، خرج وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بتصريحات مطمئنة يقول فيها إن حدود إسرائيل الجنوبية ستشهد في القريب فترة طويلة من الهدوء. وقال باراك في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، ظهر أمس، إن إسرائيل جاهزة للرد القاسي على «اعتداءات حماس الاستفزازية في كل وقت وبكل قوة، كما عرفتم وشهدتم في العملية الأخيرة، من دون أن تتخلى عن الرغبة في توفير الهدوء». ولكنه أضاف أنه يتوقع فترة طويلة من الهدوء.

وقد أثارت تصريحات باراك هذه الحيرة في إسرائيل، حيث إنها جاءت بعد ساعات فقط من التهديد بشن جولة أخرى من الحرب على قطاع غزة ردا على استئناف إطلاق صواريخ حماس على البلدات الإسرائيلية. فقد ألغى باراك زيارته المقررة إلى واشنطن. وعقدت القيادة الحربية المؤلفة من رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، ووزيري، الدفاع، باراك، والخارجية، تسيبي ليفني، اجتماعين على يومين متتاليين للبحث في الرد على الصواريخ. وقرروا أن يكون الرد قاسيا جدا وبشكل غير مسبوق «حتى تفهم حماس أن قوانين اللعب بعد الحرب قد تغيرت، وتسعيرة الرد على كل عملية أصبحت كبيرة جدا، أكبر من قدرات حماس على التحمل». وخرجت الصحف الإسرائيلية، صباح أمس، بعناوين صارخة عن نية إسرائيل توجيه ضربة قاصمة أخرى لحركة حماس. وأكد أكثر من مصدر إسرائيلي أن القيادة الثلاثية للحرب كانت تريد أن ترسل الجيش إلى اجتياح بري جديد، بعد جولة من الغارات الحربية التدميرية على قطاع غزة فور انفجار العبوة الناسفة في الدورية الإسرائيلية، التي تسببت في مقتل جندي إسرائيلي وإصابة ثلاثة آخرين، بينهم ضابط جراحه خطيرة. ولكن ما منعها هو قدوم جورج ميتشل، مبعوث الرئيس الأميركي براك أوباما إلى المنطقة. وقالت هذه المصادر إن أولمرت، أول شخصية إسرائيلية التقت ميتشل، الأربعاء الماضي، حاول جس النبض لديه حول إمكانية الرد الحربي، فراح ميتشل يصرح بأنه يجب تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وترميم الدمار. ففهم الإسرائيليون أن واشنطن أوباما غير معنية بتوتر جديد.

وتساءل المعلقون الإسرائيليون إن لم تكن تصريحات باراك المطمئنة هذه بعد كل تلك التهديدات، هي مجرد خديعة جديدة منه، تشبه خديعته عشية الحرب على غزة في نهاية الشهر الماضي، أم هي دليل على انعطاف في المفاوضات الجارية في القاهرة بين إسرائيل وحماس حول المبادرة المصرية؟

فمن المعروف أن باراك نفسه كان قد تحدث عن احتمالات إيجابية للتهدئة، في يوم الجمعة الذي سبق الهجوم على غزة، يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وترافق ذلك التصريح المطمئن مع إدخال 100 شاحنة محملة بالمواد الغذائية من إسرائيل إلى قطاع غزة، ولكنه قبيل ظهر يوم السبت التالي نفذت إسرائيل هجومها الحربي. ولا يستبعد أن يكرر باراك التجربة مرة أخرى هذا الأسبوع.

من جهة ثانية، يصل اليوم وفد حركة حماس إلى القاهرة لمواصلة المفاوضات حول المبادرة المصرية، وسط أنباء متفائلة تحدثت عن احتمال التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار لمدة طويلة (سنة ونصف السنة أو أكثر)، ابتداء من يوم الخامس من فبراير (شباط) المقبل، واحتمال التقدم نحو صفقة تبادل أسرى تفضي إلى إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شليط، مقابل إطلاق سراح حوالي ألف أسير فلسطيني، بينهم 280 أسيرا كبيرا حددت أسماءهم حركة حماس. إلى ذلك ذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» في عددها الصادر أمس الجمعة، أن عناصر المقاومة في قطاع غزة يعكفون على البحث عن الصواريخ والقذائف التي أطلقتها الطائرات والدبابات والزوارق الحربية الإسرائيلية ولم تنفجر، ويعملون على تفكيكها واستخدام المواد المتفجرة في تركيب عبوات ناسفة. وأشارت الصحيفة إلى أن 5% من القذائف والصواريخ التي أطلقها الجيش الإسرائيلي خلال حربه على قطاع غزة لم تنفجر، منوهة إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم قنابل تزن الواحدة منها 950 و454 و227 كلغم، منوهة إلى أن عدم انفجار هذه القنابل يأتي بسبب خلل فني ناجم عن عدم انفجار الصاعق الذي يتسبب في تفجيرها. وأعربت الصحيفة عن دهشتها لإقدام المقاومين الفلسطينيين على تفكيك هذه القنابل، منوهة إلى أن المواد المتفجرة التي بداخلها ذات فاعلية كبيرة جدا، ولا يمكن مقارنتها مع فعالية المواد التي يمكن تصنيعها في البيوت والمختبرات التي تملكها حركات المقاومة. ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إنه على الرغم من أن استخلاص المتفجرات من هذه القنابل ليس أمرا معقدا، فإن هذه القنابل حساسة جدا، وبالتالي من الممكن أن تنفجر في حال تم تحريكها بشكل غير حذر.