إسرائيل تجند كبار المحامين والسياسيين في إسبانيا لإلغاء محاكمة قادتها بجرائم حرب

ليفني قالت إن موراتينوس وعدها بإلغاء القانون الذي يحاكم بموجبه العسكريون الذين قتلوا صلاح شحادة

TT

أثار قرار القاضي الإسباني فرنندو أندراو، محاكمة سبعة من القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ضجة كبرى في إسرائيل. وباشرت وزارتا الخارجية والعدل الاتصالات لتجنيد مجموعة من كبار السياسيين ورجال القانون في إسبانيا وأوروبا عموما لإجهاض هذا القرار وإلغاء المحاكمة.

وكان القاضي المذكور قد قبل البحث في دعوى رفعها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، يتهم فيها سبعة مسؤولين إسرائيليين بقتل 15 مواطنا فلسطينيا بريئا، بينهم 9 أطفال، خلال عملية اغتيال قائد الجناح العسكري في حركة حماس، صلاح شحادة، في يوليو (تموز) سنة 2002، والتي نفذت بإلقاء قنبلة تزن طنا من المتفجرات على منزله، مما أدى إلى قتله. ويتبين أن القضية رفعت إلى المحكمة الوطنية الإسبانية قبل ستة أشهر، وإن القاضي أندراو طلب من المتهمين السبعة تقديم لائحة دفاع قبل أن يقبل الدعوى، بهدف فحص مدى صلاحيتها القانونية. ولكن وزارة القضاء الإسرائيلية تلكأت في تقديم الدفاع. فغضب القاضي من الاستهتار الإسرائيلي به، وأصدر قراره بقبول البحث في الدعوى.

والمسؤولون الإسرائيليون السبعة المتهمون، هم الذين كانوا يتبوأون مناصب مسؤولة في تلك الفترة: وزير الدفاع، بنيامين بن إليعزر (وهو اليوم وزير البنى التحتية)، ورئيس أركان الجيش موشيه يعلون (وهو اليوم مرشح لعضوية الكنيست عن حزب الليكود)، ودان حالوتس قائد سلاح الجو (الذي أصبح رئيسا لأركان الجيش واضطر إلى الاستقالة بسبب إخفاقات الحرب الأخيرة في لبنان)، وآفي ديختر رئيس جهاز المخابرات العامة «الشاباك» (وهو اليوم وزير الأمن الداخلي)، وغيورا آيلاند رئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، ودورون ألموغ قائد اللواء الجنوبي (وهو مطلوب للتحقيق في بريطانيا أيضا، وقد كان حاول زيارتها في السنة الماضية فانتظره رجال الشرطة لاعتقاله في المطار، وعلم بذلك سفير إسرائيل في لندن فصعد إلى الطائرة الإسرائيلية حالما حطت في مطار هيثرو وطلب منه أن يعود على نفس الطائرة إلى إسرائيل).

وحسب الدعوى، فإن كل واحد من هؤلاء السبعة أسهم بدور ما في اتخاذ القرار بإلقاء قذيفة زنتها طن فوق بيت صلاح شحادة، مما أدى إلى مقتله هو وزوجته وابنته وثمانية أطفال آخرين. وقالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إنها تحدثت أمس مع وزير خارجية إسبانيا ميغيل موراتينوس، وإنه وعدها بإلغاء القانون الذي يتم بموجبه إجراء محاكمات من مثل هذا النوع. لكن المصادر الإسرائيلية رأت أن جهودا كثيرة ستبذل في الموضوع من باب الاحتياط، في حال فشل الحكومة الإسبانية في إلغاء القانون.

ويرى الإسرائيليون أن هذه المحكمة ستلغى في مرحلة معينة، وأنها جاءت في هذا الوقت بتأثير من بعض القوى السياسية الإسبانية، التي سيتم تحييدها بجهود سياسية مناسبة. ولكنهم قرروا شن حملة دولية ضخمة ضدها لكي تلغى المحكمة في أقرب وقت، وذلك خوفا من أن تفتح الباب أمام «تسونامي» من الدعاوى القضائية ضد المسؤولين الإسرائيليين، الذين قرروا ونفذوا الحرب الأخيرة على غزة، والتي شملت مئات جرائم الحرب المشابهة لجريمة اغتيال صلاح شحادة. ولهذا، فقد اتصلت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي لفني، أمس، بنظيرها الإسباني، تطالبه بالعمل على إلغاء المحاكمة. وفي الوقت نفسه بدأ المسؤولون في وزارتها حملة اتصالات لتجنيد مسؤولين سياسيين آخرين في إسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي، ضد هذه المحكمة وغيرها. كما توجهت وزارة القضاء الإسرائيلية إلى كبار المحامين في إسبانيا، ليتولوا الدفاع عن المسؤولين الإسرائيليين في المحكمة، والسعي لإبطال الإجراءات القضائية برمتها.

وحسب مصادر سياسية في إسرائيل، فإن الإسبان ردوا على ليفني بالقول إن سبب انفجار هذه القضية هو الاستهتار الذي أبدته وزارة القضاء الإسرائيلية في تقديم لائحة الدفاع. وردت وزارة القضاء الإسرائيلية بالقول إنها تأخرت فعلا في الرد، ولكن التأخير جرى لأسباب موضوعية لا بغرض الاستهتار. وقالت إن لائحة الدفاع جاهزة، وقد أُرسلت إلى مدريد قبل ثلاثة أيام، لكنها لسبب ما، لم تصل إلى المحكمة. وفي الوقت نفسه أبلغت الحكومة المتهمين السبعة المذكورين بالامتناع حاليا عن السفر إلى إسبانيا أو أي دولة أوروبية، حتى تنتهي الإجراءات القضائية. وقال مصدر قضائي إسرائيلي إنه واثق من أن هذه الإجراءات ستلغى في نهاية المطاف. الجدير ذكره أن المركز الفلسطيني الذي رفع هذه الدعاوى، يتلقى دعما قضائيا ومعلوماتيا من جهات تعمل في سبيل صيانة حقوق الإنسان في إسرائيل نفسها. وتقوم هذه الجهات حاليا بإعداد ملفات ودعاوى عديدة ضد المسؤولين الإسرائيليين، الذين قادوا الحرب في غزة.