انتخابات مجالس المحافظات.. رابع تجربة ديمقراطية يخوضها العراقيون

منذ الإطاحة بنظام صدام حسين

TT

انتخابات المحافظات التي تبدأ اليوم تعد رابع تجربة ديمقراطية يخوضها العراقيون منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق «صدام حسين» عام 2003، إذ شهد العراق ثلاث عمليات لاقتراع شعبي ديمقراطي جرت جميعها على مدار عام 2005، لـ«اختيار أعضاء الجمعية الوطنية الانتقالية»، و«الاقتراع على مشروع الدستور العراقي»، و«اختيار أعضاء مجلس النواب العراقي»، إلا أن انتخابات اليوم ستمكن العراقيين، للمرة الأولى، من اختيار مرشحيهم بالاسم، بدلا من التصويت للكتل السياسية، كما ستشهد هذه الانتخابات مشاركة قوائم وتكتلات سياسية تخلت عن التحالفات الطائفية.

ففي انتخابات 2005 تم توزيع المقاعد عن طريق التمثيل النسبي، أي إن كل حزب أو جماعة سياسية تحصل على مقاعد في الجمعية الوطنية تماثل نسبيا عدد الأصوات التي حصلت عليه، ونظرا لانعدام الأمن، فقد أحجم الكثير من الناخبين عن المشاركة. فيما بلغ عدد الكيانات السياسية التي شاركت في هذه الانتخابات 223 كيانا، إضافة لـ35 ائتلافا سياسيا، كان أبرزها «قائمة التحالف الكردستاني»، و«قائمة الائتلاف العراقي الموحد»، و«قائمة عراقيون»، و«القائمة العراقية»، وقاطعها أبرز الأحزاب والتكتلات السنية، وفي مقدمتها «هيئة علماء المسلمين» و«الحزب الإسلامي العراقي».

وحصلت قائمة الائتلاف العراقي الموحد في انتخابات 2005 على أغلبية الأصوات بنسبة 48% تقريبا، حيث لم تكن هذه الأغلبية كافية لتشكيل الحكومة، ما أسفر عن تحالف مع قائمة «التحالف الكردستاني».

أما «الاختبار الانتخابي» الثاني الذي خاضه العراقيون، فقد جرى في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2005، للتصويت على مشروع الدستور العراقي، وكان من المرجح، حتى قبل أن يبدأ التصويت، أن يضمن الشيعة والأكراد، الذين يمثلون نحو ثلاثة أرباع عدد الناخبين البالغ قرابة 15 مليونا، تحقيق الأغلبية المطلوبة لإقرار الدستور. وبالفعل أعلنت اللجنة العليا المستقلة للانتخابات أن نحو 78% من الناخبين العراقيين صوتوا بـ«نعم للدستور الجديد»، فيما رفضه نحو 21% معظمهم من السنة.

وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) 2005 كان الموعد مع الاقتراع الثالث.. فبعد انتخاب الجمعية الوطنية التي انبثقت عنها الحكومة العراقية الانتقالية، وبعد التصويت على الدستور العراقي الدائم، توجه العراقيون لاختيار 275 عضوا في البرلمان العراقي، أو ما أطلق عليه تسمية «مجلس النواب العراقي الدائم»، ليقوموا بدورهم بتشكيل حكومة تتولى السلطة لمدة أربع سنوات، عوضا عن الحكومات المؤقتة التي تولت السلطة منذ الإطاحة بصدام حسين. وتنافس في هذه الانتخابات 6655 مرشحا و307 كيانات سياسية و19 ائتلافا، إلا أن التكتلات الرئيسية كان أبرزها «الائتلاف العراقي الموحد»، وضم الأحزاب الشيعية الدينية مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وحزب الدعوة الإسلامية، والتحالف الكردي، كما ضم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، والقائمة العراقية الوطنية بقيادة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، وقائمة المؤتمر الوطني العراقي، وعددا من التجمعات السنية.

وقد شهدت هذه الانتخابات، على عكس الأولى والثانية، مشاركة بعض القوى السنية، ما أسهم في تقليل الخلل الذي كان موجودا في التركيبة السياسية العراقية.

وقد حازت قائمة الائتلاف العراقي الموحد على 128 مقعدا من العدد الإجمالي لمقاعد مجلس النواب من أصل 275 مقعدا، وحلت قائمة التحالف الكردي في المرتبة الثانية بعد حصولها على 53 مقعدا، بينما حصلت جبهة التوافق السنية على 44 مقعدا وحلت في المرتبة الثالثة.

وبغض النظر عن نجاح هذه الانتخابات أم لا، أو إنها أفرزت الأصلح ومن يستحق تمثيل العراقيين من عدمه، إلا أنها، وبإقرار غالبية العراقيين، أرست قواعد للديمقراطية في البلاد بعد عدة عقود من «الانفراد بالحكم». ويرى المراقبون أنه سيتوجب على المسؤولين العراقيين تقويم هذه التجارب، والعمل على إصلاح ما بها من عيوب، وإزالة جميع الممارسات التي تعكر صفوها، خاصة فيما يتعلق بالمحاصصة الطائفية، من أجل تأسيس حراك سياسي ديمقراطي تنتشر فيه روح المواطنة والحرية.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»