الأحزاب الدينية تخفق في إقناع ناخبين شيعة لإرجاء زيارة المراقد للمشاركة بالانتخابات

زوار أصروا على مغادرة مدنهم للتوجه إلى النجف وكربلاء.. ويؤكدون: ما الذي جنيناه من فوز رجال الدين؟

مرشح للانتخابات المحلية، من ذوي البشرة السمراء، في مدينة البصرة وقد علق في مقره صورة الرئيس الأميركي باراك أوباما (أ.ب)
TT

أعرب عشرات المئات من الناخبين، الذين غادروا محافظة البصرة أمس باتجاه كربلاء سيرا على الأقدام، لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين، عن عدم امتثالهم لدعوة ممثل المرجع الديني علي السيستاني، الرامية بعودتهم إلى مساكنهم للمشاركة في الانتخابات المحلية، ومن ثم التوجه مرة أخرى إلى العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، كما لم تنفع حجج رجال الدين ومرشحي القوائم الانتخابية للتيارات الدينية وأنصارهم من إقناعهم بالعودة.

وكان المرجع الأعلى قد دعا الناخبين إلى التوجه إلى المراقد في مدينتي النجف وكربلاء، لإحياء الأربعينية، في أعقاب انتهاء موعد إجراء الانتخابات المحلية، لكي يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم أولا.

وشهد طريق بصرة - عمارة أمس قيام أتباع التيارات الدينية بتوزيع نسخ مطبوعة من دعوة المرجع الديني على الناخبين المغادرين، وانتشار العشرات من رجال الدين وأتباعهم، الذين لاحقوا المشاة بسياراتهم من تقاطع مطار البصرة وحتى القرنة (70كلم) شمالي البصرة، مطالبين إياهم بالعودة للمشاركة في الانتخابات، باعتبار أن الفترة الزمنية بينهما تمتد إلى 15 يوما، وهي كافية للوصول إلى مدينة كربلاء.

من جانبه توقع عقيل الخزعلي محافظ كربلاء زيادة كبيرة في عدد الزوار لهذا العام، بمناسبة أربعينية الإمام الحسين التي تصادف الخامس عشر من الشهر القادم. وقال الخزعلي في اتصال هاتفي من مدينة كربلاء لـ«الشرق الأوسط» إن الاستعدادات الأمنية في كل محافظات العراق تمنع دخول السيارات بين المحافظات القريبة والبعيدة، مؤكدا أنه لا حظر على سير الأشخاص. وأشار الخزعلي إلى أن «الزائر بإمكانه التوجه إلى كربلاء مع إجراءات أمنية مشددة في هذه الأيام في أثناء التفتيش، من أجل سلامة الجميع»، مؤكدا أنه «من غير الممكن أن تصادر آراء الناس بين التوجه للانتخابات أو التوجه لأداء مراسيم الزيارة سيرا على الأقدام، وهذا الأمر يقرره الفرد وحده دون تدخل الحكومة أو أية جهة كانت». وأعرب عدد من الزوار الذين قضوا ساعة استراحة في خيمة نصبها أحد شيوخ العشائر بمنطقة كرمة علي (20 كلم) شمالي المدينة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن «خيبة أملهم» في التيارات الدينية التي «لا تهتم إلا بمصالحها»، وأن ممارسة شعائرهم الدينية التي حرموا منها في النظام السابق هي «أثمن» من المشاركة في الانتخابات التي «لا يجنون» من نتائجها شيئا، على حد تعبيرهم.

وقال عبد الكاظم محمد (33 عاما): «كنا نحرص على المشاركة الفاعلة في الانتخابات الماضية عام 2005، ومن هذه المشاركة فازت القوائم الدينية»، وأضاف متسائلا: «ما الذي جناه الناخبون من هذا الفوز؟»، وأجاب بالقول: «المزيد من الدماء، واستفحال الطائفية، وتهجير العوائل، وزيادة البطالة، واستفحال الفساد المالي، وتحول المحافظة إلى مدينة أرامل وأيتام ومعاقين».

بينما يرى سلمان عبود (44 عاما) أن «الذين فازوا في الانتخابات السابقة ميزوا أنفسهم عن سكان المدينة بوضع الكتل الكونكرتية أمام بيوتهم، وقيام حراسهم بقطع الشوارع عند خروجهم وعودتهم، بدلا من فتح أبوابهم وسماع مظالم الناس». وتابع أن «تلك الإجراءات الفوقية والمتعالية لم يفعلها حتى النظام السابق، ولهذا فإن القادمين سيفعلون الشيء ذاته، وبالتالي فإن المؤمن لا يُلدغ من جُحر مرتين».

وأكد زامل رمضان (49 عاما) أن «إصرارنا على استمرار المسير وعدم مشاركتنا في الانتخابات القادمة يعود إلى عدة أسباب، من بينها اختلاط أوراق الأحزاب والتيارات الشيعية أمام الناخبين، فمن جهة يدّعي المجلس الأعلى الإسلامي (بزعامة عبد العزيز الحكيم) الذي ركب موجة عاشوراء والطقوس الحسينية، التمسك بخط المرجعية في حين أعلنت المرجعية مرارا أن لا أحد يمثلها، فيما يتسابق تيارا الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، والإصلاح والتغيير بزعامة رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري، على زعزعة ثقة الناخبين بما باتوا يسمونه أدعياء التمسك بالمرجعية والدين. وإذا كان لحزب الفضيلة الإسلامي موقف مختلف من أطروحات الأحزاب الشيعية، فلم تكن الصورة واضحة أمام أتباع التيار الصدري، وسط عزف منفرد لتيار الحسني الصرخي الذي يدين الجميع».

وتوقع زاهر صيهود (49 عاما) أن «الأحزاب الدينية التي تحاول إرجاع الزوار للانتخابات تعتقد أن هؤلاء سيصوتون لها، في الوقت الذي انتقل الولاء من الطائفة إلى العشيرة»، وأضاف أن الولاء للعشيرة ينتشر في «القرى والأرياف والمناطق الفقيرة، بينما سيصوت سكان مركز المدينة للكفاءات، بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى»، مدعيا أن هذا الرأي ليس شخصيا فحسب، وإنما هو مستمد من أحاديث الكثير من الأهالي.