أول وزير خارجية إيراني بعد الثورة: أوضاع الإصلاحيين تزداد صعوبة يوما بعد يوم

كروبي يؤيد الحوار مع الأميركيين.. ولاريجاني يتعهد بعدم الاتصال بهم خلال اجتماع ميونخ للأمن

TT

قال زعيم حركة «حرية إيران» إبراهيم يزدي، إن أوضاع السياسيين والناشطين المحسوبين على التيار الإصلاحي مثله في إيران، تزداد سوءا يوما بعد يوم. وأوضح يزدي في تصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء أمس: «بشكل متواصل يوجهون إلينا الاتهامات بمحاولة تقويض السلطات، يتهموننا بثورة ناعمة». وأوضح زعيم حركة «حرية إيران»، المحظورة رسميا من قبل السلطات، أن تضييق الخناق على الإصلاحيين والناشطين السياسيين في إيران، يعود إلى عدة عوامل متداخلة، من بينها الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، والتي سيعمل التيار المحافظ على الفوز فيها لاستكمال إحكام سيطرته على البرلمان والمؤسسة التنفيذية والقضائية. كما أشار يزدي إلى أن الوضع الاقتصادي في إيران، وانتخاب باراك أوباما رئيسا لأميركا، من العوامل الأخرى التي تدفع المحافظين في إيران إلى تشديد قبضتهم على الحركة الإصلاحية ورموزها. وتابع يزدي متحدثا حول المحافظين: «إنهم يكرهون هذه الحالة من عدم وضوح الأشياء أمامهم، مثل الاقتصاد المتردي، ورئيس جديد في أميركا، وعندما يحدث هذا فإنهم يردون بمحاولة إبقاء كل شيء على ما هو عليه، وأن يرسلوا رسائل تحذيرية». وتابع يزدي الذي شغل منصب وزير خارجية إيران في أول حكومة بعد نجاح الثورة الإيرانية 1979: «أعتقد أن هذا ما حدث خلال الأشهر الماضية»، مشيرا إلى الحملات على الطلاب والناشطات من النساء. وقال يزدى إن السلطات الإيرانية «تحب أن تسيطر على كل شيء»، مشيرا في هذا الصدد إلى إغلاق مكتب المحامية الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي، في إيران نهاية 2008، بدعوى أنها لا تمتلك ترخيصا لمكتب المحاماة الذي يقوم أساسا بالدفاع عن حقوق الإنسان، ويدافع عن المتهمين في قضايا سياسية من صحافيين وناشطين سياسيين. وقال يزدي، تدليلا على عدم اتساع صدر الحكومة لأي تحركات، إن الشرطة منعته الشهر الماضي من إقامة تجمع من 20 إلى 30 شخصا لدعم شيرين عبادي، بعد إغلاق مركزها، محذرا من أن الهوة تتسع بين الشعب الإيراني والحكومة. وأضاف: «كلما اتسعت الهوة أكثر بين النظام والشعب، ازداد خوفهم (السلطات). وكلما زاد خوفهم، ازدادوا قسوة».

ويأتي ذلك فيما قالت سوزان طهماسبي الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة في إيران، إن ناشطة إيرانية بدأت تنفيذ حكم بالسجن لمدة ثلاثة أعوام لمشاركتها في مظاهرة عام 2006 تطالب بمنح المرأة مزيدا من الحقوق. وذكرت طهماسبي أن علية أغدامدوست كانت ضمن 70 شخصا اعتقلوا في أثناء المظاهرة في طهران، وأن هذا أول حكم بالسجن ينفذ. وكان قد صدر حكم بالسجن ثلاث سنوات وأربعة أشهر على أغدامدوست وجلدها 20 جلدة. وفيما بعد خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن ثلاثة أعوام. وقالت طهماسبي: «بدأ تنفيذ الحكم أمس».

وتستأنف طهماسبي حكما بالسجن لمدة عامين وُقف جزئيا، صدر ضدها لمشاركتها في نفس المظاهرة في 12 يونيو (حزيران) عام 2006، ووجهت اتهامات جنائية إلى 14 من بين المحتجين الذين ألقي القبض عليهم في أثناء المظاهرة، منها نشر دعاية ضد النظام الحاكم. وقالت الشرطة الإيرانية إن المظاهرة لم تكن قانونية لعدم حصول المحتجين على تصريح. وذكرت طهماسبي إن الدستور الإيراني يجيز المظاهرات السلمية. ولم يصدر تعليق فوري من السلطات القضائية. وقال موقع حملة حقوق المرأة في إيران إن أغدامدوست اقتيدت من منزلها بمدينة فومان الشمالية تحت حراسة الشرطة إلى مكتب تنفيذ الأحكام لتبدأ تنفيذ الحكم الصادر ضدها.

إلى ذلك، وبعدما وضعت حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، شروطا للحوار مع أميركا، ومن بينها اعتذار واشنطن عن «الجرائم» التي ارتكبتها ضد إيران، أعلن مهدي كروبي المرشح الإصلاحي للانتخابات الرئاسية الإيرانية المرتقبة في 12 يونيو (حزيران) أنه يؤيد الحوار مع الولايات المتحدة، على ما نقلت وكالة «إيلنا» شبه الرسمية أمس. وتعد هذه أول إشارة إيجابية لأميركا من إيران، إذا ما فاز إصلاحي في الانتخابات المرتقبة.

وقال كروبي إن «الحكومة الحالية كسرت حظر التحاور مع الولايات المتحدة، عبر رسالة التهنئة (إلى الأميركيين)، ما مهد طريق الحوار». وأضاف: «بالتالي، في إطار السياسة الخارجية التي حدد المرشد الأعلى أطرها، يمكننا فتح نقاش مع الولايات المتحدة».

وكان كروبي يقصد الرسالة التي وجهها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى باراك أوباما، لتهنئته على انتخابه رئيسا، مكرِّرا في آنٍ الاتهامات الإيرانية للولايات المتحدة.

ويرأس كروبي حزب «اعتماد ملي» أو الثقة الوطنية، علما بأنه ترأّس البرلمان خلال ولاية الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، وهو المرشح الرسمي الوحيد حتى الآن. ولم يعلن أحمدي نجاد المحافظ إن كان سيترشح لولاية ثانية، إلا أن مقربا منه قال إنه سيترشح، وإن هذا شيء «تلقائي»، فيما قال مرشح من خاتمي إن الرئيس السابق سيعلن أيضا ترشحه خلال أيام.

من ناحيته، أعلن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، أمس، أنه سيشارك في المؤتمر حول الأمن في ميونيخ الجمعة، لكنه لن يتحاور مع الأميركيين الحاضرين هناك. وقال لاريجاني للصحافيين في تصريح بالفارسية ترجمته قناة «برس نيوز» الإيرانية، إن «إسهامي سيقتصر على مواضيع المؤتمر».

وجاء تصريح رئيس مجلس الشورى الإيراني ردا على سؤال حول إمكان التحاور مع مسؤولين أميركيين في ميونيخ. وأضاف أن مداخلته ستتناول على وجه الخصوص مواضيع نزع الأسلحة، وأمن الإمدادات بالغاز والنفط، والقضايا الأمنية الإقليمية، مثل أفغانستان. ويعقد المؤتمر السنوي في ميونيخ الذي سيشارك فيه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، من السادس إلى الثامن من فبراير (شباط).

وأكد لاريجاني حضوره في السادس من فبراير (شباط) فقط، موضحا أنه سيحضر «قبل أن يغادر متوجها إلى إسبانيا». وقال لاريجاني إن الولايات المتحدة «ضربت بحقوق إيران عرض الحائط» في العقود الماضية، مضيفا أن على الرئيس الأميركي الجديد أن «يحاول تسوية المشكلات التي خلقوها بأنفسهم (الأميركيون)، وإزالة العقد» في العلاقات بين البلدين. وأضاف أن «الخلاف مع الولايات المتحدة جدي»، مشددا على أنه يستلزم «خطة محددة»، خصوصا لدرس «مطالب الشعب الإيراني». وردا على سؤال حول الملف النووي، قال لاريجاني إن الوضع اليوم بات مختلفا، في إشارة واضحة إلى أن إيران طورت برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وأوضح: «يمكننا استخدام إطار المباحثات مع مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) أو أطر أخرى. المهم أن يكون لنا رؤية وتقويم أكثر دقة» للوضع الجديد. وأجرت مجموعة 5+1 في السنوات الأخيرة مفاوضات مع إيران لإقناعها بتعليق تخصيب اليورانيوم.