الجامعة العربية تعتبر الحديث عن بديل لمنظمة التحرير.. خطيرا

اجتماع وزاري مفاجئ في أبوظبي لبحث الأزمة الفلسطينية.. وتوقعات بموافقة حماس على التهدئة

الرئيس مبارك لدى استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس (إ.ب.أ)
TT

ألقت الخلافات الفلسطينية بظلالها على اجتماع عقده الرئيسان المصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أمس في القاهرة، لبحث الجهود التي تقوم بها مصر من أجل التوصل إلى اتفاق حول هدنة في قطاع غزة وإلى مصالحة وطنية فلسطينية. وقالت مصادر بالرئاسة المصرية إن الخلافات الفلسطينية العميقة والتطورات الجارية في الأراضي المحتلة ومحاولات التدخل الخارجي لتعميق الفرقة الفلسطينية والعربية، بُحثت في الاجتماع. وأضافت المصادر أن جلسة المشاورات تطرقت إلى الخروقات الجارية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وما يمكن أن تؤدي إليه من تداعيات. وعقب الاجتماع، غادر الأمير سعود وأبو الغيط بشكل مفاجئ القاهرة أمس، إلى أبوظبي، ولم يصدر أي إعلان رسمي عن هذه الزيارة المفاجئة للوزيرين المصري والسعودي. وألمحت مصادر في وزارة الخارجية المصرية إلى أن اجتماعا مصغرا لوزراء الخارجية العرب سينعقد في أبو ظبي اليوم، إلا أن الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير محمد صبيح، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد أي معلومات حول هذا الاجتماع حتى مساء أمس»، مؤكدا في الوقت نفسه على «خطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية».

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة من حركة فتح، في العاصمة المصرية أمس، إن حركة حماس تتفاوض في القاهرة على التهدئة والمصالحة «بشكل غير جدي»، لأنها تريد أن تحقق مصالحها التي تعينها على إعلان «إمارة إسلامية في قطاع غزة». وأضافت المصادر التي طلبت عدم تعريفها: «لدينا معلومات أن حركة حماس تستغل الوقت، لا من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، ولكن من أجل ترسيخ حكم حماس في القطاع. في الحقيقة لا يعنيهم عقد صلح مع الرئيس محمود عباس، ولا يعنيهم الوحدة (السياسية) بين الضفة الغربية وغزة، بل يعنيهم أمران: الأول التهدئة مع إسرائيل، والثاني فتح معبر رفح». وأشارت المصادر ذاتها إلى أن لديها مخاوف جدية من إعلان حماس وعناصر أخرى عن كيان بديل لمنظمة التحرير، بدعم من دمشق وإيران، قائلة إن حماس لا يعنيها إصلاح المنظمة بقدر ما يعنيها توجيه ضربات إلى الرئيس أبو مازن، ولا تخدم القضية الفلسطينية، بل تعيدها إلى الوراء عشرات السنين. وحول توجه كل من وزيري خارجية السعودية ومصر إلى دولة الإمارات، أبوظبي، عقب اللقاء الثلاثي، قالت المصادر إن التطورات الجارية على الأرض «أصبحت تستدعي مزيدا من الحركة واللقاء بين وزراء خارجية الدول العربية المعنية بالمصالحة ورأب الصدع. الكل في سباق مع الزمن، لتحقيق الحوار الفلسطيني، ومنع وقوع كارثة تقضي على القضية الفلسطينية بسبب التدخلات الإقليمية في الشأن الفلسطيني والعربي»، في إشارة إلى إيران. وألمح المصدر إلى أن اجتماعا سيعقد في أبو ظبي اليوم لوزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والإمارات والكويت، إضافة إلى تونس والمغرب. وبينما غادر الرئيس محمود عباس والوفد المرافق بعد ظهر أمس القاهرة، متوجها إلى فرنسا، قال صبيح لـ«الشرق الأوسط» إن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي التقى خادم الحرمين الشريفين يوم أول من أمس، يواصل اتصالاته مع الفصائل الفلسطينية لتدارك الانقسام الفلسطيني. وحول وجود عقبات تعترض المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، قال الأمين العام المساعد: «نعم توجد عقبات كبيرة، لا بد من تذليلها. الكلام عن بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية كلام خطير، ولا يمكن أن ينجح، لكن الإصلاح من داخل المنظمة أمر واجب»، محذرا في الوقت نفسه من التدخلات الخارجية والتراشق الإعلامي. وقال: «الخيار الآخر، غير الحوار بين الفلسطينيين، سيكون مدمرا للقضية الفلسطينية».

وحذر صبيح مما تقوم به إسرائيل في هذا التوقيت من عدوان على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، ومن تهويد للقدس، والاستيطان، وبناء الحواجز، والخطف، والاعتقال، للحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية، وإفشال مبادرات السلام العربية. ومن جانب آخر، توقعت مصادر فلسطينية ومصرية متطابقة أن يُبلِغ وفد حماس الذي بدأ في الوصول تباعا إلى القاهرة حتى مساء أمس، المسؤولين المصريين، بردّ إيجابي على مقترح بدء تهدئة في الخامس من الشهر الجاري، مدتها 18 شهرا، إذا التزمت إسرائيل بفتح المعابر ووقف العدوان، فيما ستطلب من مصر المزيد من الإعداد بشأن الحوار الوطني. واقترحت مصر إطلاق المصالحة الفلسطينية في 22 من الشهر الحالي، بلقاءات ثنائية مع جميع الفصائل الفلسطينية، تنتهي إلى مؤتمر شامل تنبثق عنه أربع لجان لمناقشة تشكيل حكومة مؤقتة جديدة، والاتفاق على موعد، وترتيبات الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الأراضي الفلسطينية، وإعادة بناء قوات الأمن الفلسطينية، وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بما يسمح بانضمام حركتي حماس والجهاد إليها.

وقال مسؤول في حركة حماس لـ«الشرق الأوسط»، إن وفد الحركة الذي من المفترض أن يكون وصل أمس إلى القاهرة، سيبلغ القيادة المصرية بموقفها بخصوص التهدئة والحوار الوطني، مؤكدا أن حماس ليس لديها مانع من الالتزام بتهدئة لمدة عام أو عام ونصف، بشرط فك كامل للحصار وفتح المعابر كافة، بما فيها معبر رفح، ولا يجب أن يكون تاريخ الخامس من الشهر الجاري سيفا مصلتا على حماس.

وأضاف: «إننا سنبلغ المسؤولين المصريين بالموقف الذي تَشكّل لدى حركة حماس بشأن التهدئة وإعادة الإعمار، ومواقف أخرى». وجدد المصدر رفض حماس الشروط الإسرائيلية بربط قضية فتح المعابر بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، جلعاد شاليط، أو وجود قوات دولية، أو إقامة منطقة عازلة في قطاع غزة، أو التعهد بمكافحة تهريب السلاح، وقال: «من حق المقاومة الحصول على السلاح ما دام الاحتلال جاثما على أرضنا».

وعلى صعيد الحوار الوطني الفلسطيني، جدد المسؤول في حماس تمسك حركته بالحوار، مضيفا: «متمسكون بالحوار الذي يعطى المقاومة حقها، والذي يؤدي إلى تشكيل حكومة، بناء على نتائج الانتخابات الفلسطينية، لا الحوار الذي يؤدي إلى تشكيل حكومة مقبولة دوليا، لكن نفضل أن ننتهي أولا من التهدئة وفك الحصار، وفتح المعابر، ثم الانتقال إلى ملف الحوار».

وحول تصريحات خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بشأن تشكيل مرجعية بديله لمنظمة التحرير الفلسطينية، قال إن حركته لم ترد إلغاء المنظمة، وتريد خطوات عملية لإعادة بنائها فورا. واتهم المسؤول من حماس الرئيس الفلسطيني بـ«تعطيل» عملية إعادة بناء المنظمة. وقال إن «عباس وقَّع (مع الفصائل الفلسطينية) اتفاق القاهرة الذي نص بشكل واضح على إعادة بناء منظمة التحرير» و«الذي عطل ذلك هو محمود عباس شخصيا، لأننا اتفقنا على تشكيل لجنة برئاسته لبحث إعادة هيكلة المنظمة، ورفض أن يدعو إلى لقاء واحد لهذه اللجنة».

وأضاف: «قبل الحديث عن أي مصالحة فلسطينية، لا بد من الحديث عن خطوات عملية لإعادة بناء منظمة التحرير فورا، فهناك مسؤولية تقع على الجانب المصري الذي لم يضغط لتنفيذ الاتفاق الذي وُقع في القاهرة وتحت رعايتها عام 2005».