البرلمان اللبناني يتجه إلى تشكيل لجنة تحقيق في موضوعي التنصت الشرعي وغير الشرعي

في جلسة تعقد اليوم وتصفها مصادر نيابية «بامتحان للجميع»

TT

تتجه الأنظار اليوم إلى مجلس النواب اللبناني الذي سيناقش مجددا موضوع التنصت غير الشرعي وغير القانوني وما رافقه من سجال قانوني وسياسي، مع إصرار لافت لرئيس المجلس نبيه بري الذي قد يفاجئ المجتمعين في جلسة لجنة الإعلام والاتصالات بحضور الجلسة السرية التي ستتحول إلى ما يشبه الجلسة العامة لتحديد «المسؤول عن التقصير في تصنيف القانون 140 المتعلق بصون سرية التخابر».

وتوقعت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» أن ينتهي الاجتماع الى طلب لجنة تحقيق نيابية. ورجحت ان تشهد الجلسة سخونة في النقاشات، كما ستشهد حضورا نيابيا حاشدا خصوصا بعدما تمّ إلغاء كل نشاطات المجلس. وقد تتحول الجلسة إلى مساءلة لوزراء الداخلية والعدل والاتصالات، فضلا عن مساءلة مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا الذين سيحضرون الجلسة.

ولفتت مصادر نيابية إلى أن ما تمّ التوصل إليه في الاجتماع الوزاري في السرايا الحكومية «ليس كافيا. وهو خطوة أولى وتطبيق جزئي للقانون» وأن «جل ما تم هو وضع آلية اتخاذ القرار بشأن التنصت، حيث سحب من يد مدعي عام التمييز ووضع في يد الوزراء المعنيين بإشراف رئاسة الحكومة».

وأوضحت أن ما ستركز عليه لجنة الاعلام والاتصالات في جلستها اليوم هو وضع حد لمخالفة القانون بشأن سحب جميع المكالمات الهاتفية من الشركتين اللتين تشغلان الهاتف الخليوي (الجوال) والعودة إلى تطبيق القانون الذي يمنع سحب المكالمات الهاتفية. كما سيتركز البحث على آلية تطبيق القانون من دون تعديل أو تغيير.

وأشارت المصادر نفسها إلى ان المعطيات التي ستظهر نتيجة النقاشات امام اللجنة سيضعها رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله بتصرف الرئيس بري، مشيرة الى أن تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف التنصت بات مطلبا نيابيا عاما، لأن الامر بات يطال الجميع وخطر التنصت لم يوفر أحدا من المعارضة أو الموالاة. كما أن الجلسة ستكون امتحانا للجميع.

وقال رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله إن «المطلوب كمجلس نيابي هو تطبيق القانون والتزامه بمعزل عن التسييس والانقسام السياسي، خصوصا ان هذا التنصت يطال الجميع من دون استثناء كما يطال كل شرائح المجتمع اللبناني».

وفي هذا الاطار، رأى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري أن «قضية التنصت المتداولة منذ أسابيع هي قضية محورية لا يجوز أن تخضع للابتزاز السياسي ومحاولات التهويل الإعلامي الجارية على غير صعيد». ونقل عنه زواره أمس أن «الاقتراح الداعي الى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في هذا الموضوع هو مسؤولية نيابية لا يجوز التخلي عنها. ويجب ان يأخذ طريقه الى التطبيق بأسرع ما يمكن لمكافحة أي مخالفة للقانون. ونحن من جهتنا سنقف وراء مثل هذه اللجنة وسندعم خطواتها في سبيل مكافحة التنصت على كل الأراضي اللبنانية من دون استثناء، خصوصا أن الجميع يعلم أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان سباقا في كشف الغطاء عن فضائح التنصت ومواجهتها في أحلك الايام وأصعبها. ونحن على طريقه نريد ان يصار الى وضع حد لهذه الآفة في حياتنا السياسية والعامة والخاصة».

ورأى رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع ان مشكلة التنصت «كما هي مطروحة تظهر أن لا احد مرتاح في منزله». وقال أمس: «فلنتذكر قصة اغتيال النائب انطوان غانم... غانم كان يقوم بواجب تعزية واتصل بالمحامي صديقه وقال له انه سيزوره. هذه الزيارة لم تكن مقررة. وكل الدلائل تشير الى ان أحدا كان يتعقب اتصالات النائب غانم. ومن خلال التنصت عرفوا انه سيتوجه الى مكتب المحامي». وسأل جعجع: «هل قوى الامن أو مديرية المخابرات هي من أعطت الامر بالتنصت واغتيال غانم؟ لذلك نقول أن ثمة تنصتا آخر خارج الأجهزة هو الذي ساهم في عملية اغتياله. فالقانون 140 أقر في عام 1999. ومنذ ذلك الحين حتى هذه اللحظة، التنصت في الأجهزة الأمنية يتم تبعا لعرف وتقليد معين. البعض يحاول تسجيل بطولات وهمية. والوضع سيبقى كما هو». وأشار الى مراقبة السياسيين، قائلا: «محادثاتنا الهاتفية كسياسيين - واعرف من نفسي - كثيرة ومضمونها نراه بعد يوم أو يومين في (صحيفتي) الأخبار أو السفير». ورأى «أن كل الضجة التي تثار حول التنصت لا أسس فعلية لها» وأن «المشكلة تؤخذ الى غير مكانها الحقيقي وتطرح بعدها بطولات وهمية. فالتنصت الحالي غير شرعي ويساعد في عمليات الاغتيال. وهذا ما يجب ملاحقته».

وقال النائب احمد فتفت (كتلة المستقبل) ان «هناك طلبا واضحا من السلطات أن يزوِّد الوزير المعني بالاتصالات الأجهزة الأمنية بكل ما هي بحاجة اليه لصد العمليات الإرهابية، بعكس ما كان يفعل سابقا. اما في ما يتعلق بالتنصت الفعلي فالجميع يعلم ان الشركات هي الوحيدة القادرة على إجراء التنصت على الهاتف الخليوي (الجوال). أما الهاتف الثابت فهناك إمكانية بسيطة بالتنصت عليه». واعتبر ان «القانون 140 سيطبق».

وفي المجال نفسه، سأل الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي: «هل ان تطبيق القانون يحتاج كل هذه الاجتماعات أم أنه يجب أن يكون أمرا بديهيا وطبيعيا؟ إن الحل الذي تم التوصل اليه بشأن موضوع التنصت لن يلغي شكوى هذا الطرف أو ذاك من امكانية استغلال التنصت لأسباب لا يجيزها القانون، لان الآلية المعتمدة تبقي علامات الاستفهام مفتوحة ومجال الاجتهاد واسع».

ورأى عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف ان الاجتماع الوزاري «قمع وزير الاتصالات جبران باسيل مرة أخرى وطلب منه تطبيق القانون وليس الاعتراض عليه». واعتبر أن «باسيل يتصرف بطريقة غير شرعية ويجب ان يحاسب» وأنه «لم ينتصر بل عرَّض لبنان لأخطار تلكؤه في تطبيق القانون». وآملت «حركة التجدد الديمقراطي» عقب اجتماعها أمس برئاسة وزير الدولة نسيب لحود، بأن «يكون الاجتماع الوزاري الاخير قد وضع حدا لحجب المعطيات عن الاجهزة الامنية الشرعية تسهيلا لعملها في مكافحة الارهاب والجريمة ومعاونة لجنة التحقيق الدولية».

كما آملت بأن «يكون قد أرسى قواعد سليمة وواضحة لتنفيذ القانون رقم 140». معتبرة ان «الحكم على فاعلية هذه الإجراءات وصدقيتها يعتمد على التحقق الفعلي لثلاثة معايير متكاملة هي: صون حق المواطنين والسياسيين المقدس بسرية إجراء المخابرات من كل الأنواع، وصون حق الدولة الحصري باعتراض التخابر لأغراض مكافحة الجريمة ولدواعي الأمن الوطني فقط وعبر أجهزتها الشرعية من دون سواها، وقمع كل أشكال التجاوز على هذا القانون».