علاوي يبرز مجددا ندا محتملا للمالكي.. مستفيدا من أداء قائمته الجيد في الانتخابات المحلية

تكريت تحتضنه وتقدر معارضته لحل الجيش السابق و«اجتثاث البعث»

ملصق انتخابي لقائمة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي على جدارية للرئيس السابق صدام حسين في تكريت ( «نيويورك تايمز»)
TT

عاد إياد علاوي - أول رئيس وزراء للعراق بعد أن أعاد الأميركيون السلطة إلى العراقيين في يونيو (حزيران) 2004 - من جديد في الانتخابات المحلية الأخيرة، وتشير عودته التمهيدية غير الرسمية إلى أنه يعدّ نفسه كمنافس محتمل لرئيس الوزراء الحالي نوري المالكي.

وعلى ما يبدو - هنا في محافظة صلاح الدين، ذات الأغلبية السنية - فإن القائمة العراقية الوطنية التابعة لعلاوي قد حازت على أغلبية الأصوات، كما أوضحت الإحصاءات غير الرسمية أن حزبه من بين أكثر ثلاثة أحزاب حصدا للأصوات في محافظتين أخريين على الأقل. وتعد المكاسب المحتملة التي قد تذهب إلى قائمة علاوي هي الإشارة الأخيرة للنزوع نحو الزعماء والقادة العلمانيين، ممن يؤيدون الدولة المركزية، فضلا عن دور الانتخابات المحلية في إعادة الرص المحتمل لصفوف السلطة. ومثالا على ذلك، في محافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية نجد ائتلافين سنيين يتنافسان على انتزاع السلطة من الحزب الإسلامي العراقي الحاكم، وهو تكتل سني آخر مستقر على رأس السلطة منذ عام 2005، وبدورهما أعلن الائتلافان أنهما لن يقبلا أي نتائج تعيد الحزب الإسلامي إلى السلطة من جديد. ومن جانبها مدت الحكومة المحلية فرض حظر التجوال لليوم الثاني، وأوضح مسؤول أمني لم يرغب في الكشف عن اسمه نظرا إلى أنه غير مخول للحديث مع الصحافة، أن ثمة احتمالية لسريان فرض حظر التجوال حتى ظهور النتائج النهائية للانتخابات.

وفي المقابل بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد، بدا أن هناك قدرا ضئيلا من القلق بشأن قبول نتائج الانتخابات. ويبدو أن علاوي قد فاز بهذه الانتخابات في تلك المحافظة، على أساس كونه ناقدا قويا لسياسات ما بعد الغزو الأميركي، والتي أضرت بدورها بالأعضاء السابقين بحزب البعث التابع لصدام حسين ومن عملوا أيضا في حكومته. وحري بالذكر أن علاوي نفسه علماني شيعي، فضلا عن أنه بعثي سابق تحول إلى زعيم للمعارضة في المنفى خلال عهد صدام حسين.

ويقول حميد حمود القيسي محافظ صلاح الدين، مشيرا إلى بول بريمر الثالث، الحاكم المدني للعراق بعد الغزو: «قبل عام 2004 دعا علاوي إلى قلب قرار بريمر بشأن حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية، والخاص بقانون اجتثاث حزب البعث». ومن المعروف أن بريمر قد حل الجيش، كما أصدر قرارا شاملا يقضي بحظر تعيين البعثيين السابقين في الأجهزة الحكومية، وهي الخطوة التي تحدث العديد من المحللين السياسيين عنها بأنها ساعدت على تقوية شوكة التمرد. وأضاف القيسي: «ترددت أصداء كلمات علاوي بين كل من عملوا في تلك الهيئات التي تم حلّها، وهذا مردّه إلى أن الأفراد شعروا أنها عقوبة جماعية ضدهم».

وبمجرد ظهور أخبار هذا الاتجاه من قبل الحزب غمرت الدعوات والأماني القيسي، وهو نفسه أحد كبار المرشحين في القائمة العراقية الوطنية التابعة لعلاوي عن المحافظة، حيث سارت إلى مكتبه جموع المواطنين ما بين من يرتدون ملابس العمل وشيوخ القبائل، لتقبيله ومصافحته احتفاء به، رغم أن بعضهم قال إنهم لم يصوتوا له.

وتتجلى كبرى المشكلات داخل المحافظة في البطالة، ويرجع أكثرها إلى سياسات اجتثاث حزب البعث التي فرضها الأميركيون، وحل الجيش العراقي. علاوة على هذا تبنت الحكومة التي عقبت علاوي والمهيمن عليها من قبل الشيعة هذه السياسات أيضا.

وبعيدا عن الزراعة استطاع عدد قليل للغاية من التكريتيين إيجاد فرص عمل داخل الحكومة، وذلك لأنهم ينتمون إلى مسقط رأس صدام حسين، إذ تبعد بلدة صدام حسين بضعة أميال عن تكريت.

وأفاد حسين الجبارة، وهو زعيم قبلي بالمحافظة، أن أكثر من 10,000 أسرة تقدمت للحصول على المعونة، وذلك نظرا إلى أنهم فقدوا موارد رزقهم الحكومية أو في الجيش. وأردف جبارة مشيرا إلى أجهزة الاستخبارات: «إن خلفية جميع جيراننا عسكرية، ولدينا هذه المشكلة لأن الرئيس السابق كان من هنا، وكذا الحال بالنسبة إلى أغلب ضباط الأجهزة الأمنية والمخابرات والجيش». وأضاف أنه متفق مع مواقف حزب علاوي، إلا أنه لم يوضح لصالح من أدلى بصوته.

وشأنه شأن العديد ممن أُجريت مقابلات معهم، شدد جبارة على أنه في تلك المحافظة نادرا ما يكون هناك أكثر معيل داخل كل أسرة، ومن ثم إذا فقد هذا المعيل عمله فإن ذلك سيؤثر على مجموعة كبيرة من الأفراد.

وأفاد منصور الجبوري، المقدم السابق في الجيش العراقي، أن علاوي مس محنته مباشرة. وتابع: «أنا ضابط جيش، وفي الماضي لم يتكلم عن مشكلاتنا كثيرا، إلا أنه فعلها هذه المرة، وراقني الكلام، لذا فقد صوّت له. وهو يدعو إلى إبطال القوانين التي جعلتني بلا عمل». كما أصبح شقيقه، الذي كان يشغل منصب مدير عام النقابات بالمكتب الرئاسي، وهو منصب سياسي، عاطلا هو الآخر عن العمل بعد غزو العراق. ويتحدث شقيق الجبوري قائلا: «خدمت في الحكومة 30 عاما، وليس لدي راتب ولا معاش، كما لا يمكنني العمل في الحكومة مجددا بعد الآن».

ويعيش الأخوان في ضواحي تكريت، حيث مسقط رأس الكثير من البعثيين السابقين. وترتفع البطالة هناك على وجه الخصوص، وهناك العديد من اللافتات التابعة لقائمة حزب التحرير وإعادة الإعمار شديد العداوة للأميركيين، وقد اتخذ هذا الحزب شعارا له يقول: «اخرج، اخرج يا محتل».

واتجه علاوي إلى تعيين شيوخ بارزين لخوض الانتخابات ضمن قائمته بمحافظة صلاح الدين، كما اعتمد على شعبية المحافظ للمساعدة في نهوض وتعزيز حزبه. وشأنه شأن الكثيرين من تكريت، حاز المحافظ هو الآخر جزءا من المأساة، والتي منحته المصداقية كمتحدث باسم حزب علاوي، كما أنه حارب المتطرفين الإسلاميين، وفقد زوجته في تفجير انتحاري قام به «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين»، ثم لقي ابنه بعد ذلك مصرعه على يد القوات الأميركية، والتي اعتذرت بدورها بعد ذلك موضحة أنها تلقت معلومات استخباراتية خاطئة.

* خدمة «نيويورك تايمز»