فضل الله لـ «الشرق الأوسط»: «حزب الله» لا يتنصت.. ومن لديه دلائل فليبرزها

التنصت غير الشرعي ينافس «الاعتراض» الرسمي للاتصالات في لبنان

TT

لا يزال التنصت «الشرعي وغير الشرعي» الشغل الشاغل للبنانيين الذين باتوا يخشون على سلامة اتصالاتهم أكثر من أي وقت مضى، في ضوء السجالات والاتهامات التي يتبادلها فريقا «14آذار» و«8آذار» حول هذا الموضوع. وفيما ترى قيادات الأكثرية البرلمانية أن هناك «تنصتا غير شرعي يتم على قدم وساق» من جانب جهات غير رسمية، وإيحاءات تطال «حزب الله» في هذا المجال، بالإضافة إلى وجود «عرقلة» من وزير الاتصالات جبران باسيل لعمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري وعرقلة لعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية في جرائم مختلفة، تقول قوى المعارضة إن جهاز المعلومات في قوى الأمن الداخلي «يتخطى القانون بالحصول على المعلومات الهاتفية بالجملة».

ولم يمنع إعلان الحكومة بدء تطبيق القانون 140، الذي يضبط عملية التنصت، استمرار الجدل حوله، والمرشح للتفاقم بعد المعلومات التي كشفها النائب وليد جنبلاط وحديثه عن وجود أمنيين «من العهد السابق» في وزارة الاتصالات.

وقد فاق عدد الذين حضروا اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات في البرلمان اللبناني الخميس الماضي عدد أعضاء اللجنة الـ12 بأضعاف، إذ وصل إلى 62 نائبا، ما اضطر رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله إلى نقل مكان الاجتماع من قاعات اللجان إلى «المكتبة العامة» في المجلس، بعدما دخلت السياسة إلى الموضوع من أوسع أبوابه.

ولم يبحث المجتمعون في جدول الأعمال الأساسي، الذي يتطرق إلى مناقشة ملف تطبيق القانون 140، وخفض أسعار التخابر الهاتفي، بقدر ما بحث في موضوع «التنصت» الذي كان الشغل الشاغل للنواب الذين حضروا الاجتماع. ويؤكد رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله «الجانب التقني» للملف، معتبرا أن ما جرى هو «معركة تطبيق القانون»، ومشيرا إلى وجود «فوضى عارمة وسحب معلومات خاصة بالجملة» وإلى أن القانون يقول إن وزيري الداخلية والدفاع «هما من يقرران الرقابة الإدارية وحجم المعلومات بذريعة الاعتبارات الأمنية». وقال: «الاعتبارات الأمنية لا تعني مخالفة القانون، فإذا كان القانون غير مناسب، فليعدلوه بدلا من أن يخالفوه».

ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الكثير من الناس أخذوا الموضوع نحو التجاذب السياسي، فيما نحن كلجنة يهمنا تطبيق القانون. وهذا لا يتعلق بموالاة أو بمعارضة». واعتبر أن «النائب الذي يترك هاتفه خارجا خوفا من وجود من يراقبه لا يمكن إلا أن يكون متضررا من التنصت». وأكد أن لجنة التحقيق الدولية «لا تزال تحصل على المعلومات الكاملة»، مشيرا إلى وجود بروتوكول بين الدولة اللبنانية واللجنة يخول هذه الحصول على المعلومات التي تطلبها، و«هو يطبق. وطلبات اللجنة محددة». ونفى فضل الله وجود تنصت يقوم به «حزب الله»، مؤكدا أن نواب الحزب هم من طالبوا داخل اللجنة وخارجها بمكافحة التنصت غير الشرعي. وذكر أن أيا من النواب لم يتهم الحزب ولم يكن هذا موضع نقاش. وأوضح أن نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» قالوا مع ذلك إنه إذا كانت لدى أي طرف معطيات أو دلائل على تنصت غير شرعي فليقدمه إلى المجلس النيابي والحكومة والنيابة العامة، معتبرا «هذه الاتهامات سياسية. وهي جزء من السجال، لكن الوقائع شيء آخر».

وشدد على أن «احتمال وجود تنصت غير شرعي، لا يمكن أن يبرر التنصت الرسمي ومخالفة القانون». وقال: «رغم السجال السياسي الداخلي، كان يفترض التعامل مع هذا الموضوع بجدية، لأن الاتهامات والسجالات ومحاولة إخراج الملف عن مساره لا تحقق النتائج المرجوة، ولا يمكن التذرع بأي سبب لتبرير المخالفات الخطيرة». وأعلن عن اجتماع لاحق سوف تعقده اللجنة الخميس المقبل للاستماع إلى المعنيين بالملف، وفي ضوئه سترفع النتائج إلى رئيس المجلس نبيه بري ليحدد المقتضى.

في المقابل، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف، لـ«الشرق الأوسط» أن جميع القوى السياسية اللبنانية تملك القدرة على التنصت، مشيرا إلى سهولة الحصول على تقنيات اعتراض المخابرات الهاتفية، حتى الخليوية منها. وشدد على ضرورة وضع ضوابط ومحاولة منع أي تنصت، مستغربا التركيز على «التنصت الرسمي، فيما هناك أجهزة رسمية وغير رسمية تتنصت لحسابها». وتحدث عن «دور مهم» للضابطة الجمركية في منع تهريب أجهزة التنصت إلى لبنان، لكنه رأى أن «من يهرب الصاروخ يمكن أن يهرب بسهولة حقيبة للتنصت».

وقال إن التنصت الرسمي «ليس تنصتا بالمعنى الحرفي، بقدر ما هو اعتراض للتخابر لكشف جرائم حصلت أو يمكن أن تحصل عبر تقاطع المعلومات حول الأرقام التي تتصل والمكان والزمان. وتقاطع المعلومات هو الذي مكن من الكشف عن الكثير من الجرائم من دون تسجيل مضمون المخابرة». وأشار، ردا على سؤال عن الأجهزة غير الرسمية التي تمارس التنصت، إلى أن «الحدود مكشوفة ويمكن من خلالها للسوري والإسرائيلي وغيرهما التنصت، كما يمكن لأحزاب وقوى سياسية أن تفعل».

ورأى يوسف أن قوى «8آذار» تحاول توجيه الأنظار إلى «الاعتراض الرسمي، وتحديدا من جانب جهاز المعلومات في قوى الأمن الداخلي، فيما الأجدر بنا متابعة التنصت غير الرسمي». وقال: «يجب أن تكون لوزير الاتصالات مقاربة لحماية السنترالات الهاتفية، لأن بإمكان أي كان أن يدخل إليها ويزرع أجهزة تمكنه من التنصت عبرها، بالإضافة إلى ضبط الوضع في الشركات المشغلة للهاتف الجوال»، معتبرا أن الأهم هو «تلكؤ الوزير عن إعطاء المعلومات وتعريض البلاد لأخطار جمة وحجب المعلومات عن لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري تحت ذريعة أنه يطبق القانون». ورأى أن «البطولات الوهمية التي يحاول الوزير القيام بها هي مجرد استغلال انتخابي – سياسي، فيما الواقع أمر آخر»، متسائلا عن سبب وضع باسيل ضابطا متخصصا في التنصت في وزارته إذا كان رافضا للمبدأ بحد ذاته.