أبو علي.. العدوان يقضي على آمال ابنه في الزواج ويحرق صورته التذكارية الوحيدة مع والده

دمر منزله الذي كلف بناؤه 100 ألف دينار أردني لكنه يحمد الله على سلامة أسرته

TT

يمكن ملاحظة مظاهر الحرج على محيّا صلاح العايد، 51 عاماً، عندما ينشب الجدل بينه وبين جيرانه بخصوص توقعاتهم المستقبلية إزاء التطورات في قطاع غزة على صعيد التهدئة وقضية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط ونتائج الانتخابات الإسرائيلية.

فالعايد الذي يحب الحوار في القضايا السياسية يكتشف أنه لا يعلم الكثير من التفاصيل لأنه لم يعد لديه جهاز تلفاز يتابع من خلاله نشرات الأنباء، ولا حاسوب يطلع من خلاله على ما تعرضه الشبكة من أخبار. فهذا الرجل الذي يعمل كحارس في إحدى الجامعات الفلسطينية فقد منزله الذي يقع في الطرف الغربي من مخيم المغازي للاجئين بالكامل بكل ما حوى من أجهزة وأثاث. وتحول المنزل الذي كان يتكون من ثلاثة طوابق وتقطنه عائلته المكونة من عشرة أفراد، إلى أثر بعد عين، وهو الذي كلف بناؤه 100 ألف دينار أردني. ومنزل العايد أو (أبو علي)، كما يناديه جيرانه تم قصفه بثلاثة صواريخ من طراز «هيل فاير» أطلقتها طائرة هليكوبتر إسرائيلية من طراز «أباتشي» أميركية الصنع، في وقت كان البيت خالياً بالصدفة من قاطنيه، فنجت العائلة من موت محقق، في حين قتلت إحدى السيدات في البيت المجاور بعد أن أصابتها شظية تطايرت في الفضاء. يقول أبو علي لـ «الشرق الأوسط» إنه بعد أن خرج من أثر الصدمة توجه بعائلته للإقامة في النادي الرياضي الوحيد في المخيم، بعد أن تقطعت به السبل، وقضى فيه هناك عدة أيام، وبعد ذلك عرضت عليه إحدى شقيقاته الإقامة في بيتها، حيث عندها متسع من الغرف، فوافق، لكنه أدرك أنه لم يعد بالإمكان مواصلة الإقامة في بيت أخته بسبب عدد أفراد أسرته الكبير، فقام باستئجار شقة سكنية تعود لشقيقه المقيم في الخارج.

ويضيف أنه توجه مع بعض أبنائه إلى ركام المنزل المدمر حيث حاولوا تخليص ما يمكن تخليصه من أثاث وملابس، سيما في ظل البرد القارس، مشيراً إلى أنه بالكاد تمكن من استخلاص قليل من الملابس وبعض البطانيات لكي تحمي أبناءه من البرد الشديد. لكن هذه العائلة فقدت تحويشة العمر، فضلاً عن الأوراق الثبوتية للأبناء والبنات إضافة إلى الشهادات المدرسية والجامعية لهم. وكما يقول أبو علي فإن أكثر ما يثير الشجون في نفسه أنه فقد الصورة الوحيدة التي تجمعه مع والده المتوفى التي كان يحافظ عليها بشكل كبير، قائلاً «إن الأمل كان يحدوني أن أعثر عليها، فقمت بالبحث عنها، لأتأكد بعد ذلك أنها احترقت، حيث إن من طبيعة الصواريخ المستخدمة من قبل طائرات الأباتشي أن تحرق كل ما تصيبه».

وبالإضافة إلى دمار المنزل، فإن هناك سبباً آخر يدعو علي، النجل البكر للعائلة، للتأثر بشكل خاص، حيث يقول إنه قبيل أيام من تدمير المنزل كان والداه مشغولين بالبحث له عن عروس، خاصة بعد انتهاء والده من بناء شقة خاصة له للسكن فيها بعد الزواج وتجهيزها بكل ما يلزم. وأضاف بشيء من المرارة، أن على هذه العائلة التي كان كل ما يشغلها هو أن يشهد هذا البيت مولد أول فرحة ممثلة في زواج الابن البكر، أن تنتظر ردحاً من الوقت حتى تتوفر الظروف التي تسمح لعلي بعقد قرانه على عروس توقف البحث عنها.

ويتطلع أبو علي وعائلته إلى اليوم الذي يتم فيه إعادة إعمار منزله، لكي يكون بالإمكان العودة إلى الأوضاع الطبيعية.

لكن أبو علي وأبناؤه لا ينفكون عن الاستدراك بالقول إنهم يشعرون بارتياح كبير لأن مأساتهم انتهت عند تدمير المنزل، في حين غيرهم من العائلات انتهت بتدمير المنازل على رؤوسهم. ويضيف أبو علي «عندما أشاهد أو أسمع عن أناس قُتلوا بعد أن دمرت منازلهم على رؤوسهم، أشعر أن الله تفضل عليّ بأن أبقى لي عائلتي».