المنامة تحتج رسميا على تصريحات مسؤول في طهران بأنها «محافظة إيرانية»

وزير الخارجية البحريني بعد استدعاء السفير الإيراني: لا نقبل المساس بسيادة بلادنا

وزير الخارجية البحريني خلال استدعائه السفير الإيراني في المنامة أمس (خاص بـ «الشرق الأوسط»)
TT

احتجّت البحرين أمس رسميا على تصريحات إيرانية متكررة بشأن تبعية المملكة البحرينية للجمهورية الإسلامية، واستدعى وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة السفير الإيراني في المنامة، وأبلغه رفض البحرين لهذه التصريحات التي اعتبرها «تمس سيادة واستقلال البحرين»، في الوقت الذي أكد السفير الإيراني أن هذه التصريحات «لم تمس بأي شكل السيادة البحرينية».

ويأتي الرد البحريني في أعقاب تصريحات رسمية إيرانية، تزعم تبعية البحرين لإيران وأنها إحدى المحافظات التابعة لها. وقال علي أكبر ناطق نوري، رئيس التفتيش العام في مكتب قائد الثورة الإيرانية، في كلمة له خلال الذكرى السنوية الثلاثين لانتصار الثورة، إن البحرين كانت في الأساس المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة، وكان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني.

وقالت مصادر بحرينية لـ«الشرق الأوسط» إن التصريحات الإيرانية تتكرر بتبعية البحرين دون أي تدخل من السلطات الإيرانية لإيقافها. وأكدت المصادر أن المسؤولين الرسميين الإيرانيين دائما ما يردون بأن هذه التصريحات لا تمثل الجانب الرسمي، «لكن هذه المرة خرجت التصريحات من قبل أحد أقطاب السلطة، ومقرب من رئاسة الجمهورية، ومقرب أيضا من قائد الثورة الإسلامية، ومع ذلك لم نرَ موقفا رسميا يتناسب مع ما يرددونه في اللقاءات الرسمية بأن المواقف الرسمية تختلف عن آراء الصحافة أو نواب البرلمان».

وبالإضافة إلى مسؤولية ناطق نوري كرئيس للتفتيش العام في مكتب قائد الثورة الإيرانية، فهو محسوب على خط تيار المحافظين، بالإضافة إلى أنه كان رئيسا للبرلمان الإيراني، وخسر سباق الرئاسة عام 1997، بعد أن تلقى هزيمة ساحقة من الرئيس السابق محمد خاتمي.

وأبلغ وزير الخارجية البحريني أمس السفير الإيراني لدى المنامة حسين أمير عبد الليهان احتجاج البحرين، وقد أكد الوزير البحريني خلال لقائه بالسفير الإيراني أن التصريحات الإيرانية الأخيرة «تتعارض مع علاقات حسن الجوار بين البلدين، ومع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والقوانين والأعراف الدولية، التي تؤكد على الاحترام المتبادل بين الدول وعدم المساس بها».

وكان لافتا في اللقاء الذي جمع السفير الإيراني بالوزير البحريني تأكيد سفير طهران أن التصريحات التي أدلى بها علي أكبر ناطق نوري «لم تمس بأي شكل بسيادة مملكة البحرين واستقلالها»، مؤكدا على أن العلاقات بين البحرين وبلاده تقوم على الاحترام المتبادل، «وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تسمح لأحد بالمساس بسيادة مملكة البحرين».

وفيما يبدو أنه رد على تصريحات نيابية بحرينية بتوجيه سؤال إلى وزير الخارجية بشأن الإجراءات التي قامت بها للرد على التصريحات الإيرانية المتكررة، كشفت الخارجية البحرينية أمس أنها سبق وأن طلبت إيضاحات من سفارة إيران في المنامة في الرابع من الشهر الجاري، على خلفية تصريحات ممثل مقاطعة إيلام الإيرانية في البرلمان الإيراني داريوش قنبري حول ما ادعاه من مزاعم بشأن تبعية مملكة البحرين لإيران، وتشكيكه في دور الأمم المتحدة في ضمان سيادة مملكة البحرين. وقال: «إن البحرين كانت، وحتى قبل 40 عاما، جزءا من الأراضي الإيرانية، وانفصلت عن إيران عن طريق استفتاء مشبوه. وإذا ما أجري اليوم استفتاء نزيه في البحرين فإن شعبها سيصوت للانضمام إلى الوطن الأم».

وأكد وزير الخارجية البحريني على أن هذه التصريحات «الباطلة» لا تخدم تطوير العلاقات بين البلدين الجارين ومصلحة شعبيهما ومصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة، «كما لا تتجاوب مع المبادرات العديدة التي طرحتها مملكة البحرين، والرامية إلى تعزيز العلاقات وتطويرها»، مؤكدا أن بلاده قد دأبت وما زالت تعمل مع إيران على تطوير العلاقات بين البلدين في شتى المجالات، ولن تسمح لتصريحات كهذه بتغيير هذا التوجه.

ومن جهته جدد النائب السلفي المستقل الشيخ جاسم السعيدي رفضه الشديد للتهديدات الإيرانية الأخيرة، واصفا تلك التصريحات التي تخرج من مسؤول إيراني بأنها تكملة لمسلسل الإساءات الخطيرة من المسؤولين والنواب الإيرانيين، وأنها «بمثابة المرآة العاكسة للنوايا الإيرانية الفارسية الممتدة إلى يومنا هذا». ووفقا للسعيدي «يجب على الجميع أن يسعى كل حسب دوره لإيجاد حل نهائي لسيناريو الإساءات التي تصدر من قبل المسؤولين الإيرانيين، والتي كان آخرها تصريحات الرئيس الإيراني نجاد، تلتها تصريحات قنبري، ليأتي اليوم دور نوري ليطلق تصريحاته الظلامية التي تنم عن حقد دفين للبحرين بشكل خاص، وللعرب على وجه العموم».

وشهدت العلاقات البحرينية الإيرانية توترا سياسيا في عام 2007، في أعقاب مقال كتبه حسين شريعتمداري رئيس تحرير «كيهان» الإيرانية، زعم فيه أن البحرين تتبع إيران، قبل أن يزور وزير الخارجية الإيراني منو شهر متقي المنامة لإزالة هذا التوتر.

ومن جهته اعتبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية، أول من أمس، أن بعض السياسيين الإيرانيين «طامعون» و«مسكونون بأحلام التوسع على أراضي الغير»، في تعليق على التصريحات الإيرانية. وقال العطية في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «يبدو أن بعض الساسة الإيرانيين أمثال السيد نوري ما زالوا يعيشون خارج التاريخ، ومسكونون بأحلام التوسع وادعاء السيادة على أراضي الغير». وأضاف العطية: «كيف يُعقل أن تكون دولة كاملة السيادة وعضو في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، جزءا من أراضي الغير؟! إلا إذا كان الجهل الفاضح بالتاريخ والجغرافيا والمواثيق والأعراف الدولية هو السمة التي يتصف بها أولئك الطامعون».

ودعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي «الجانب الإيراني إلى الكف عن إطلاق مثل هذه التصريحات المستفزة وغير المسؤولة، التي تصدر عن بعض الأصوات النشاز في الحكومة الإيرانية، اذا ما أريد للعلاقات بين الجانبين أن تكون على مستوى التطلعات، بحيث تكون مبنية على الاحترام المتبادل وعلاقات حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير».