إدارة أوباما تعتبر أن إيران تسعى وراء قنبلة نووية

الإدارة الجديدة تؤكد أنها على وعي بالملف الحساس قبل بدء مفاوضات مباشرة مع طهران

TT

بعد مرور أكثر من عام على إجماع هيئات استخباراتية أميركية بأن إيران أوقفت العمل من أجل الحصول على سلاح نووي، أوضحت إدارة أوباما أنها تعتقد أنه لا شك في أن طهران تسعى وراء القنبلة النووية. وخلال مؤتمره الصحافي الذي عقده خلال الأسبوع الجاري، ذهب الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى ما هو أبعد حيث تحدث عن «تطوير إيران لسلاح نووي» قبل أن يصحح ما قال ليشير إلى «سعيها» وراء الأسلحة. ولم يبق مرشح أوباما لمنصب مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية ليون بانيتا الكثير من الشكوك إزاء ما يعتقد فيه خلال شهادته أمام الكونغرس الأسبوع المــاضي، حيث قال: «بنــاء على جميع المعلومات التي نظرت فيهــا، أعتقد أنه لا شك فــي أنهم يسعون وراء هذه القابلية».

وتعكس هذه التصريحات المدى الذي يشكِّك فيه مسؤولون أميركيون بارزون حاليون في تقييم الاستخبارات القومي الذي صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 2007 والذي كان له دور بارز في إعاقة جهود أميركية وأوروبية كانت تسعى من أجل الضغط على إيران لإنهاء برنامجها النووي. وفي الوقت الذي تتحرك فيه الإدارة من أجل إجراء محادثات مع إيران، يظهر أن أوباما يريد أن يعطي إشارة إلى أن الولايات المتحدة لن تُستدرج إلى نقاش حول النوايا الإيرانية. ويقول جوزيف سرينسيون، وهو خبير في الأسلحة النووية ورئيس لـ«صندوق بلاوشير» منظمة مقرها في واشنطن تقف ضد انتشار الأسلحة النووية: «عندما نتحدث عن مفاوضات في إيران، من الخطر أن يبدو المرء ضعيفا أو ساذجا». وأضاف أن اللغة الواضحة ستكون في الصالح السياسي لأوباما، حيث «ستحميه من انتقادات اليمين والقول بأن الإدارة (الحالية) تستخف بإيران».

ويذكر أن إيران تصر على أنها تسعى إلى توليد الكهرباء وليس إلى قنابل نووية، ولكن يرى مسؤولون استخباراتيون غربيون وخبراء نوويون أنه لا يمكن تصديق هذه المزاعم. ويقول مسؤولون أميركيون أنه على الرغم من عدم ظهور أدلة جديدة تغير مما توصل إليه تقييم عام 2007، هناك إجماع متنام بأن هذا التقييم قد أعطى صورة مضللة وأن إيران جاهزة للوصول إلى مرحلة حرجة في عملية تصنيع القنبلة خلال العام الجاري. وكان من المتوقع أن يتناول المسؤول الاستخبارات الأعلى لأوباما دينيس بلير، مدير الاستخبارات القومية، المخاوف المتنامية بشأن البرنامج النووي الإيراني خلال شهادته أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ مساء أمس. ويذكر أن التقييم الاستخباراتي القومي كان قد صدم المجتمع الدولي عندما صدر، حيث قال إن هيئات استخباراتية أميركية ترى «ويحدوها قدر كبير من الثقة أنه في خريف 2003، أوقفت إيران برنامج الأسلحة النووية التابع لها». وقال مسؤولون استخباراتيون أميركيون بعد ذلك إن هذه النتيجة اعتمدت على أن إيران أوقفت المحاولات السرية لتصميم رأس نووي عندما قامت الولايات المتحدة بغزو العراق. ويقول مسؤولون إن التقييم تجاهل أن إيران لم تكن قد أوقفت عملها في نواح أخرى مهمة، منها تصميم الصواريخ وتخصيب اليورانيوم. ويقول الكثير من الخبراء إن ذلك أكثر صعوبة من بناء قنبلة نووية. وقد أصبح التقدم الذي تحرزه إيران في مجال التخصيب مبعث خطر متنام. ويرى خبراء في الأسلحة أنه منذ عام 2004 أصبح لدى إيران قرابة 6,000 جهاز طرد، وهي أجهزة تستخدم في عملية تخصيب اليورانيوم، بدلا من مجرد عشرات من هذه الأجهزة. كما أنه بحلول نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت إيران قد أنتجت ما يقدر بـ1400 رطلا من اليورانيوم ضعيف التخصيب، وهو لا يكفي لتوفير الوقود إلى مفاعل نووي، ولكنه يقترب من الكمية اللازمة لعمل قنبلة نووية. وقد خلص تقرير صدر الشهر الماضي عن معهد العلوم والأمن الدولي إلى أن «إيران تتحرك بخطوات ثابتة صوب مقتدرات مفاجئة، وأنها من المتوقع أن تصل إلى مرحلة مهمة خلال النصف الأول من عام 2009» ويعني ذلك أنه سيكون لديها يورانيوم منخفض التخصيب بالكمية الكافية التي تمكنها من تحويلها سريعا إلى المادة التي تستخدم في الأسلحة. وقد حققت طهران هذا التقدم على الرغم من الجهود التي تبذلها وكالة الاستخبارات المركزية لإعاقة شحن مكونات أجهزة الطرد ومنعها من الوصول إلى طهران مع حث العلماء المتخصصين في المجال النووي إلى مغادرة إيران. ومع ذلك، ما زالت إيران تواجه عددا من العقوبات الكبيرة. وأعلنت إيران عن إطلاقها قمرا صناعيا يبلغ 60 رطلا في مداره الشهر الجاري. ويقول خبراء إن صواريخ إيران ستحتاج إلى أن تبلغ قدرتها حمل أكثر من ألفي رطل حتى تحمل أول جيل من القنبلة النووية. وثمة إشارات إلى أن الولايات المتحدة وإيران مهتمتان بعقد جلسات نقاش دبلوماسية جادة لأول مرة على مدى ثلاثة عقود. وقال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الأسبوع الجاري أن بلاد «جاهزة لعقد مباحثات مبينة على الاحترام المتبادل»، وقال أوباما إن إدارته سوف تبحث عن الفرص «خلال الأشهر المقبلة». ولكن، يقول بعض الخبراء إن إيران قريبة في الوقت الحالي من امتلاك مقتدرات نووية ما يجعلها أقل عرضة للتأثر بالضغوط الدولية. ويقول سرينسيون: «لقد حققوا تقدما خلال الأعوام الخمس الأخيرة أكبر مما تحقق خلال العشرة أعوام السابقة».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»