مواقف سياسية تستنكر «الفلتان الأمني» في لبنان.. وتحذر من عواقبه

جنبلاط يشارك في تشييع زين الدين ويدعو مناصريه إلى الهدوء ويؤكد أن قائد الجيش وعده بتعقب الفاعلين ومعالجة الحادث

جمع من مشايخ طائفة الموحدين الدروز يصلّون أمس على جثمان لطفي زين الدين في بلدة الشبانية في جبل لبنان. (أ.ب)
TT

دفع رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أمس بقوة في اتجاه سحب فتيل أزمة أمنية لاحت تباشيرها أول من أمس عقب وفاة أحد مناصريه متأثراً بجروح أصيب بها على أيدي عناصر لم تعرف هويتهم لدى عودته من إحياء الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري السبت الماضي ورد الفعل الذي قام به بعض أقاربه ومؤيديه بقطع طريق البقاع - بيروت والاعتداء على ركاب بعض السيارات المارة.

وقد شارك جنبلاط في تشييع لطفي زين الدين في بلدة الشبانية (المتن الأعلى)، داعياً إلى الهدوء. وأعلن أن رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصل به معزيا وأنه قد تكون لجهات أخرى في «حزب الله» مناسبة للتعزية و«سيقومون بالواجب» مشدداً على أن «الحادثة فردية» وأن «الجيش اعتقل الجناة وننتظر العدالة». وقال: «أتوجه إلى آل زين الدين والجبل بأحر التعازي... وأؤكد أن المسيرة مستمرة من أجل لبنان والدولة والعيش المشترك، فقد وعدني (قائد الجيش) العماد (جان) قهوجي بمعالجة ما جرى ومعاقبة الفاعلين».

وأعلن: «الطريق طويل، لكننا نجحنا بالهدوء والصبر والحكمة. من قال عام 2005 إن المحكمة ستتحقق؟ من كان يظن أنها ستتحقق؟ المحكمة أتت، وأيا كان حكمها كما قال الشيخ سعد الحريري الذي يعزيكم قبلي، سنرضى به. ألم نطلب المحكمة؟ طالبنا بالمحكمة ونرضى بحكمها أيا يكن».

وقال رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الذي شارك في التشييع «الشهيد هو شهيد الوطن، نحن نقف مع عائلته ونعزيها كما نعزي الجبل ووليد بك. هذا الشهيد هو شهيد الرابع عشر من آذار، وإن شاء الله تأخذ العدالة مجراها، ونحن ووليد بك ليس عندنا إلا الحكمة، ويجب أن نبقى حكماء في مسيرتنا، وهذه المسيرة تمتد من كمال جنبلاط إلى رفيق الحريري والأخ لطفي». وأضاف: «بالحكمة وبما قاله وليد بك، ونحن معه، لم تحدث فتنة خلال أيام رفيق الحريري ولا جبران تويني ولا الزيادين، واليوم لطفي زين الدين، نحن نعرف ما نريد. نريد العدالة، هناك تضحيات، ولطفي شهيد في مسيرة قيام الدولة، وليس لنا إلا الدولة».

وقد تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اتصالاته مع الأجهزة الأمنية المعنية في سبيل التوصل إلى كشف قتلة زين الدين ومعاقبتهم.

واتصل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني بالنائب جنبلاط، وقدم له التعازي. ووصف «ما حدث في بيروت في ذكرى 14 شباط من اعتداءات أمنية على المواطنين المسالمين»، بأنه «أمر خطير». ودعا «جميع اللبنانيين» إلى «عدم الانجرار وراء فتنة يعمل لها من لا يريدون للبنان أمنا ولا سلاما ولا استقرارا». وأجرى وزير الشباب والرياضة طلال أرسلان اتصالا هاتفيا بالنائب جنبلاط أبلغه خلاله استنكاره «الحادث المؤلم الذي وقع في بيروت وذهب ضحيته الفقيد لطفي زين الدين». كما أصدر بيانا حذر فيه من «أخطار الانجرار إلى الفتنة». وأشاد بـ «موقف الإخوة في حزب الله وحركة أمل لجهة إعلان التبرؤ من كل من تسبب بهذا الحادث والتعاون مع قيادة الجيش والقضاء والأجهزة الأمنية ليتسنى محاسبة الفاعلين أمام القانون الذي يبقى الملاذ الوحيد للبنانيين لمغادرة لغة الحروب الأهلية والفتن المتنقلة».

واستنكر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بشدة قتل المواطن زين الدين. وشجب «الفوضى الموجودة على الأرض» وطالب قوى الأمن والجيش بـ «حزم أمرها والضرب بيد من حديد كل الخارجين على القانون لأن الخروج على القانون مشكلة كبيرة تورطنا وتجعلنا في مأزق». وأشاد بموقف جنبلاط «الذي كان رجلاً حكيماً وعاقلاً» داعياً الزعماء الآخرين إلى «الاقتداء بموقف النائب جنبلاط وأن يلتزموا نهج الإصلاح والهدوء والعمل لمصلحة لبنان».

هذا، وتابع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة التحقيقات في الاعتداءات التي رافقت إحياء ذكرى الرئيس الحريري. وقد استغرب النائب أحمد فتفت عقب لقائه السنيورة أن «يقوم حزب الله فقط بالاعتذار بشكل مباشر عندما استنكر ما حدث ونفى أن يكون مشتركاً، فيما سواه وتحديداً حركة أمل، لم يصدر عنه أي استنكار». وقال: «كل ما قيل عن رفع الغطاء عن المعتدين يجب أن يكون واقعاً وألا تعاد مثل هذه المشاكل، لأننا جميعاً مثل النائب وليد جنبلاط نرى أنه ليس لدينا أعداء في الداخل، ولكن هل للفريق الآخر النظرة نفسها؟ هذا الموضوع مطروح للبحث جديا. وأعتقد أن هناك مطالبة جدية للفريق الآخر بأن يحدد موقفه، وتحديداً الرئيس نبيه بري، لأن حقن الناس والتشبيح على الدولة واعتبار أن الناس يمكن حمايتهم، مهما ارتكبوا، من الأمن والقضاء يشجع على أعمال كهذه».

وقال وزير البيئة طوني كرم (القوات اللبنانية) في تصريح بعد تقديمه التعزية بزين الدين في الشبانية: «خلافا لأجواء التهدئة الداخلية التي عبر عنها الخطباء في الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، فوجئنا في بعض الأحياء بعودة عناصر شغب لا يتبناهم أي طرف من الأطراف المسيطرة على تلك الأحياء والمناطق التي ظهرت فيها هذه العناصر، وكمنت على مفارق الطرق لإعادة أجواء التشنج والتوتر والفلتان». وأضاف: «أن الاعتداءات التي مارسها عناصر الشغب في ذكرى 14 فبراير (شباط) وأدت إلى سقوط الشهيد لطفي زين الدين وأكثر من 30 جريحا تدفعنا إلى التساؤل عن النيات المبيتة وراء هذا العنف في الشارع الذي تلا عنفا كلامياً». وأعربت قوى «14 آذار» في بيان أصدرته في ختام اجتماع لأمانتها العامة أمس عن «أسفها الشديد واستنكارها العارم لإصرار البعض الذي هاله مشهد الجماهير المحتشدة سلميا في ساحة الحرية رغم الجروح العميقة وممارسات التهويل والتهديد التي اتسمت بها الأشهر والسنوات الأخيرة، وإصرار هذا البعض على سلوكيات العنف والاعتداء المسلح على مواطنين أبرياء عزل يمارسون حقهم الطبيعي في التعبير السلمي عن آرائهم». وطالبت الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية الشرعية بـ «تحمل مسؤولياتها الكاملة والتشدد في قمع هذه الممارسات». كما دعت وزيري الدفاع إلياس المر والداخلية زياد بارود والحكومة إلى «اتخاذ التدابير الفورية الكفيلة لدرء الفتنة، وذلك عبر توقيف كل الذين ساهموا في هذه التعديات أو حرضوا عليها وسوقهم إلى القضاء ومحاكمتهم، خصوصا أن هذه الاعتداءات ترافقت مع تطور أمني خطير تمثل بعودة شبح حوادث الخطف في ضوء ما تعرض له المواطن جوزيف صادر على طريق المطار».

ووصف عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أنطوان سعد الاعتداءات التي حصلت على مواكب العائدين من ساحة الشهداء بأنها «من عمل العصابات المنظمة والزمر الميليشيوية التي لا تريد أي حوار بين اللبنانيين» ورأى وزير السياحة ايلي ماروني أن ما حصل «يؤشر إلى الرغبة بالتخلص من اتفاق الدوحة» وأنه «رسائل انتخابية، خصوصاً أنه هالهم (المعارضة) ما رأوا من حشود شعبية لم يتوقعوها فكانت ردة الفعل رسائل دموية».