انفتاح أوروبي على العراق ينهي زمن الخلافات.. ويركز على الاقتصاد

وزير الخارجية الألماني في بغداد للمرة الأولى منذ عقدين لـ«فتح صفحة جديدة»

عسكري ألماني يساعد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير على ارتداء سترة واقية من الرصاص في العاصمة عمان قبيل توجهه إلى بغداد أمس (أ.ب)
TT

في اول زيارة لوزير خارجية الماني الى العراق منذ اكثر من عقدين، زار فرانك فالتر شتاينماير بغداد امس. وتعتبر الزيارة التي لم يعلن عنها سابقاً في غاية الاهمية بعد ان كانت المانيا من اكثر الدول معارضة لحرب عام 2003، التي بقيت بعيدة نسبياً عن العراق خلال السنوات الماضية. واجرى شتاينماير مباحثات مع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري. وقال شتاينماير في مؤتمر صحافي مشترك مع زيباري «نود ان نفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين ونريد مساعدة العراق في عملية تحقيق الاستقرار وتطويره». واضاف «اجرينا محادثات صريحة ومفتوحة وتحدثنا عن المشاكل الامنية، اعتقد ان تقدما تحقق في هذا المجال، وسنفتح مكتب مكتبا تمثيليا للخدمات التجارية في بغداد لتقديم الدعم والمساعدة لتطوير العلاقات التجارية والإقتصادية بين العراق والمانيا». وتعتبر العلاقات التجارية على رأس جدول اعمال الدول الاوروبية في تطوير علاقاتها مع العراق. ودعا المالكي الشركات الالمانية للاستثمار في البلاد، وفتح فروع لها في العراق. واكد المالكي على «اهمية التعاون مع المانيا في مجالات الكهرباء والصحة وبناء المستشفيات وصناعة السيارات وبناء السكك الحديد بمواصفات جديدة وربطها مع دول الجوار». وفي مقابلة مع صحيفة «بيلد» الالمانية امس، دعا المالكي المؤسسات الالمانية للاستثمار في العراق، مؤكدا ان بلاده لا تحمل ضغينة تجاه المانيا لعدم مشاركتها في حرب 2003.

واعتبر زيباري ان توقيت هذه الزيارة، وهي اول زيارة لوزير خارجية الماني للعراق منذ 1987، «مهم جدا» مضيفاً في مؤتمر صحافي مع نظيره الالماني ان «توقيع مذكرات تفاهم اكد حرص العراق على تطوير وتعميق العلاقات التاريخية بين العراق وألمانيا». وأضاف: «اسواق العراق مفتوحة امام الشركات الالمانية لتقديم خدماتها الى العراقيين.. ونحن نعتقد ان الوضع في العراق وصل الى مرحلة جيدة لتكون هناك ثقة عالمية لاستقرار ومتانة الاوضاع هنا في العراق».

وقال الوزير الالماني: «ان الوضع الامني له اهمية كبيرة.. ولا تزال المشاكل في مناطق معينة في بغداد ونظرا لذلك فان على الشركات الالمانية ان تدرس كيف يمكن ان تزيد من وجودها في العراق مع مراعاة هذه الاوضاع». واعلنت الحكومة العراقية انه تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون العلمي والأكاديمي والثقافي بين وزير التعليم العالي والبحث العلمي والهيئة الألمانية لتبادل الخدمات الأكاديمية لدعم وتطوير آفاق التعاون والتدريب والتطوير بين البلدين. كذلك تم الاتفاق على تأسيس جامعة عراقية -المانية في العراق بدعم وتعاون مالي وفني من المانيا. وجاءت زيارة شتاينماير الذي يرافقه وفد من كبار المديرين التنفيذيين لكبرى الشركات الالمانية في اعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للعراق الاسبوع الماضي في توجه جديد لترسيخ علاقات أوروبا مع العراق. وكانت فرنسا أيضا من المعارضين الاوروبيين للغزو الاميركي عام 2003. وهناك جهود أوروبية اوسع في تعزيز الروابط مع العراق وتغير في التوجه الاوروبي بعد تسلم الادارة الجديدة للرئيس الاميركي باراك أوباما السلطة وخطط لسحب أكثر من 140 الف جندي اميركي من العراق. وقال دان سرينبي المسؤول في السفارة الاميركية في لندن لـ"«لشرق الاوسط»: «زيارة الوزير الالماني هي اعتراف باهمية العراق في العلاقات الدولية، كما انها اعتراف بالانجازات في العراق خلال السنوات الاخيرة». واضاف ان بلاده ترحب بتوسيع العلاقات العراقية – الاوروبية، قائلاً: «من المهم ان تبني الدول علاقات جيدة مع العراق، وبدأنا نرى ذلك بعد ان اتخذ العراق خطوات سياسية وامنية مهمة». واضاف: «المسؤولون الاوروبيون يعلمون بأن التواصل مع العراق مهم نظرياً، بل فعلياً ايضاً».

ويذكر ان العراق يجري مفاوضات مع الاتحاد الاوروبي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 لتوقيع اتفاق تجارة وتعاون بين البلدين. وافادت مصادر اوروبية ان المفاوضات تسير باتجاه جيد يبشر بامكانية توقيع الاتفاق. وقالت مديرة برنامج الشرق الاوسط في معهد «تشاثام هاوس» البريطاني كلير سبنسر:«الاوروبيون مهتمون بشكل اوسع بالعراق الآن مع استعداد الولايات المتحدة لتقليل وجودها العسكري ومع ازدياد الاهتمام بامكانات العراق في مجال الطاقة». واضافت لـ«الشرق الاوسط"»: «الكثير من المسؤولين يعتبرون الوقت مناسبا على الاقل لاستكشاف امكانيات التواصل مع العراق واذا كان العراق حقاً على طريق المعافاة والاستقرار».