ناشط دارفوري في إسرائيل يروي لـ «الشرق الأوسط» قصة لجوئه إلى إسرائيل

موسى بابكر: لا وجود للتهويد من قبل الدولة العبرية.. وكل جمعة أذهب للقدس للصلاة

TT

يروي موسى بابكر إدريس الأمين السياسي السابق في حركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد محمد نور – الذي زار تل أبيب أوائل الشهر الحالي والتقى مسؤولين فيها أبرزهم أمين المكتب السياسي في وزارة الدفاع اموس جلعاد – تفاصيل هروبة من دارفور عبر مصر إلى إسرائيل.  وقال إدريس من أبناء دارفور لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من تل أبيب، إنه ولد وتربى في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، وهو في العشرينات من عمره، وأضاف أنه يشعر في إسرائيل بالأمان والامتنان لشعبها الذي أحسن استقباله وبرفقته أكثر من 600 آخرين منحتهم إسرائيل هويتها وبينهم أطفال وآخرون ولدوا في الدولة العبرية. وأصبح إدريس وأبناء جلدته مواطنين لهم الحقوق والواجبات، وبالرغم من ذلك أكد أنه سيعود إلى وطنه الأصلي السودان  بعد إزالة حكومة الرئيس عمر البشير– حسب قوله - وأنه يحارب نظام البشير ضمن حركة جيش تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور، وأضاف أن لديهم مكتبا للحركة ينظم شؤون اللاجئين السودانيين مع وجود أفراد ينتمون إلى حركات أخرى بما فيها حركة العدل والمساواة بقيادة دكتور خليل إبراهيم – الذي وقع أخيرا اتفاقاً مع حكومة البشير في الدوحة تمهد لاتفاقية سلام شاملة في الإقليم المضطرب لأكثر من 6 سنوات - وقال إدريس «لكن أفراد العدل والمساواة ليس لديهم تنظيم يجمعهم في تل أبيب».

وقال إدريس إنه ليس لاجئاً عادياً فقصة خروجه من السودان إلى الجماهيرية الليبية ثم مصر كانت لأداء مهمته التي كلفتها له الحركة منذ اندلاع الصراع المسلح في عام 2003، وأضاف «أنا قطعت تعليمي الجامعي لأجل الثورة وتحرير السودان وخرجت لأداء واجبي الثوري نصرة للشعب السوداني وللدفاع عن مكتسبات وحقوق أهلنا»، وأكد أن أسرته في الفاشر تعرضت إلى القتل ومنهم أطفال وأن الذين نجوا من القتل الآن في معسكر للنازحين في كتم بشمال دارفور. ويعود إدريس لوصف كيفية هروبه إلى إسرائيل التي وصلها وواجه رصاص حرس الحدود المصري، ووصف قصة هروبه ومواجهة الموت بالرصاص بالمعركة الحربية، وقال «عندما وصلنا إلى الحدود المصرية – الإسرائيلية سمعنا أصوات الرصاص تنطلق بكثافة نحونا وسقط عدد من الذين كانوا معنا في تلك الرحلة..»، ثم صمت برهة وعاد صوته قائلا: «تلك مأساة حقيقية نحن كنا في معركة حربية كاملة نأخذ ساتراً ونصعد التلال الصغيرة ونتخفى وراء الشجيرات ونكتم أنفاسنا لفترات، وتعود المعركة برصاص الشرطة المصرية»، وأضاف: «أنا نجوت من الموت بأعجوبة رغم كثافة النيران وكان معنا أطفال وتسلقنا أسلاكا شائكة في الحدود المصرية وعند دخولنا الحدود الإسرائيلية صعدنا كذلك أسلاكا شائكة». ويعتبر إدريس أن كل من استطاع الدخول إلى إسرائيل فإنه يمتلك الشجاعة والإرادة الحقيقية، وأضاف «من لا يملك الشجاعة والإرادة لا يمكن أن يعبر إلى الدولة العبرية، بدءاً من اتخاذ القرار إلى الهروب إليها لأنه قرار صعب يحتاج إلى الشجاعة ومواجهة القتل»، لكنه قال «إن التضحيات التي قدمها الذين دخلوا إسرائيل فتحت الطريق للتطبيع الشعبي». وقال إدريس إن المهربين لديهم أسعار مختلفة للراغبين في الهروب إلى إسرائيل، والمهربون بسبب تعاطفهم مع أبناء دارفور ولكثرة أعدادهم ورغبتهم في الدخول إلى تل أبيب فإن سعر الفرد منهم ما بين (200 إلى 300 دولار) وتخفيض للأطفال الذين ليس بينهم أعداد كبيرة خوفاً من قتلهم، ومن الدول الأفريقية الأخرى خاصة غربها واريتريا فإن الأسعار تتضاعف وتصل في بعض الأحيان قرابة آلاف دولار، وقال إن المهربين المصريين يعرفون من هو الذي ينتمي إلى دارفور والذين من دول افريقية أخرى باللغة العربية باعتبار أن أبناء دارفور يتحدثون العربية بشكل جيد.

وقال إدريس الذي لم يكمل تعليمه الجامعي بسبب الحرب في دارفور انه بدأ في دراسة اللغة العبرية التي وصفها بالسهلة والأقرب إلى العربية من حيث النطق والتشكيل، وشدد على أنه سيظل مسلماً طوال حياته، نافياً وجود تهويد من قبل الدولة العبرية، وقال إن المسلمين يمارسون شعائرهم بكل حرية، وتابع «فوجئت عندما وجدت مساجد في تل أبيب ومناطق أخرى في إسرائيل وكل جمعة أذهب إلى القدس لأداء صلاة الجمعة».

ونفى إدريس أنه يروج لدولة إسرائيل وقال: «لا أروج لها لأنها موجودة شئنا أم أبينا»، وقال إن ما ذكره يحتاجه السودان حتى يطمئن شعبه أنهم في أيد أمينة في تل أبيب، لكنه اعترف بوجود بعض من عنصرية يحملها أفراد، وقال «طيب ما بالك في العنصرية التي تمارس في السودان هنا في إسرائيل يوجد أفراد ويمكن أن تجد في بعض الأماكن الأخرى أفرادا عنصريين»، مشيراً إلى سيادة حكم القانون فوق الجميع وان الحرية الشخصية حق مكفول وحرية التدين وممارسة الشعائر.