مصر تحذر من تداعيات توقيف البشير.. وتؤكد أن الاتصالات داخل مجلس الأمن لا تبشر

القاهرة تدعو لاهاي إلى الابتعاد عن «التسييس» والانتقائية.. وتشير إلى انتهاكات غزة

TT

سيطرت قضية التعامل مع قرار المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، المتوقع صدوره بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير، على المباحثات المصرية السودانية، التي عقدت أمس بين الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس البشير، الذي زار البلاد لساعات، وعقد لقاءين أحدهما اقتصر عليه ومبارك، والآخر كان اجتماعا موسعا شمل مسؤولين من الجانبين. وأكدت القاهرة على لسان المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد أن «مصر ترى أن الانعكاسات السياسية لصدور أمر بتوقيف الرئيس البشير ستكون خطيرة على الموقف في دارفور بصفة خاصة والموقف في السودان بصفة عامة». وقال إن مصر تؤكد أن على المحكمة الجنائية أن تبتعد عن «التسييس» والانتقائية، مشيرا إلى أن هناك أمثلة ووقائع عديدة تغض المحكمة الجنائية فيها الطرف عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وآخرها ممارسات إسرائيل قبل وأثناء وبعد العدوان على غزة.

يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه عمرو موسى وكذلك عواد، إن هناك صعوبات واجهها الوفد العربي - الأفريقي في مجلس الأمن الدولي في عقد جلسة للمجلس لتفعيل المادة «16» من نظام روما لتأجيل مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق البشير.

وأجرى مبارك والبشير محادثات ثنائية، قبل أن ينضم إليهما مسؤولون من الجانيين، في جلسة عمل موسعة على مأدبة غذاء للتشاور بشأن الأوضاع في السودان، وجهود التسوية لأزمة إقليم دارفور. وقال عواد: «مشاورات الرئيس مبارك والرئيس السوداني تطرقت لعدد كبير من الموضوعات، وإن كان قد تم التركيز على الوضع في السودان وبخاصة تطورات الوضع في دارفور». وتابع قائلا: «بالإضافة إلى ذلك فقد تناولت المشاورات التقدم المحرز في تنفيذ اتفاق السلام الشامل مع الجنوب وفق اتفاق نيفاشا، وكذلك العلاقات السودانية التشادية وصلتها بتطورات الوضع في دارفور».

وأضاف عواد أن المحادثات تطرقت إلى «التعامل الدولي مع الأزمة في دارفور وبصفة خاصة تعامل المحكمة الجنائية الدولية مع السودان الشقيق». وأطلع الرئيس البشير الرئيس مبارك على المشاورات التي أجراها بالخرطوم أول من أمس مع أمير قطر، وعلى تطورات المبادرة القطرية لتحقيق الوفاق بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة. وناقشا الجهود المصرية والاتصالات التي قام بها الرئيس مبارك مؤخرا خلال جولته الأخيرة التي شملت فرنسا وإيطاليا وتركيا.

وردا على سؤال حول الجديد في المحاولات العربية لتجميد قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الرئيس البشير من خلال مجلس الأمن الدولي، قال عواد، إن «الرئيس مبارك تطرق إلى ذلك بشكل محدد مع الرئيس الفرنسي ساركوزي باعتبار فرنسا عضوا دائما بمجلس الأمن وكذلك مع العديد من القادة الذين التقاهم الرئيس مبارك». وأضاف عواد أن مصر ترى أن الانعكاسات السياسية لصدور أمر بتوقيف الرئيس البشير ستكون له تداعيات خطرة على الموقف في دارفور بصفة خاصة والموقف في السودان بصفة عامة، وكذلك على نشر القوة الهجين المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور، كما ستكون له تداعيات تؤدى لمزيد من التعقيد في موقف هو معقد بالفعل. وقال عواد إن مصر تؤكد أن المحكمة الجنائية يجب عليها أن تبتعد عن «التسييس» والانتقائية. وأشار إلى أن هناك أمثلة ووقائع عديدة تغض المحكمة الجنائية فيها الطرف عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وآخرها ممارسات إسرائيل قبل وأثناء وبعد العدوان على غزة. وطالب عواد المحكمة الجنائية الدولية بأن تراعى أيضا الاعتبارات السياسية، بالإضافة إلى الاعتبارات القانونية، موضحا أن نظام الأساس الخاص بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ينص في مادته الـ«16» على حق مجلس الأمن الدولي في التدخل لوقف صدور أي قرار بتوقيف، أو تجميده في حال صدوره.

وقال السفير سليمان عواد «أعتقد أن الاتصالات حتى الآن داخل مجلس الأمن لا تبشر، حيث أن أعضاء مجلس الأمن أو بعضهم على الأقل يعارض تفعيل هذه المادة، ولكن حتى بفرض صدور هذا الأمر بالتوقيف والعجز عن تفعيل المادة 16 فإن قرار المحكمة لن يكون ملزما إلا لأطرافها، إلا إذا اعتمد مجلس الأمن قرارا منه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في وقت لاحق يدعو الدول لاحترام أمر التوقيف، وهذا مالا يتوقع، نظرا لأن هناك بعض الدول دائمة العضوية مثل الصين وروسيا جاهزة بالفيتو. وحول جهود مصر واتصالاتها مع الأطراف المختلفة لحل المشكلة في دارفور، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن مصر ترحب بأي جهد إقليمي أو دولي يؤدى لاحتواء الوضع في دارفور. وأكد عواد أن «الوضع في دارفور يحظى بأولوية متقدمة، حيث هناك الكثير من الجهود التي تبذل سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، بهدف حل هذه المشكلة»، مشيرا إلى أن «مصر تولى اهتماما موازيا للوضع في جنوب السودان لتعزيز وجعل الوحدة خيارا جاذبا عند إجراء الاستفتاء».

وقال كنا نود أن تسفر مشاورات الدوحة بقطر الشقيقة على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، ولكن تعنت حركة العدل والمساواة، وعلى الرغم مما أبدته الحكومة السودانية من مرونة، أدى إلى الاكتفاء بمجرد توقيع إعلان للنوايا. وأضاف عواد قائلا: «إننا كنا نأمل أن تتسع دائرة المفاوضات لتشمل أكثر من فصيل وبخاصة الفيصل الأقوى الآخر وهو جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، الذي كان في إسرائيل، وكنا نأمل أن يلتقي في الدوحة أو غيرها مع ممثلي الحكومة السودانية وبقية فصائل التمرد في دارفور».

وردا على سؤال حمل إمكانية أن توجه مصر الدعوة لكافة الفصائل الدارفورية لإجراء مشاورات مع الحكومة السودانية في مصر، قال عواد إن مصر تحتفظ باتصالات مع فصائل التمرد جميعها، وبالذات مع الفصائل التي تتمتع بوزن على الأرض، ولها اتصالات بهم جميعا، ولكننا لا نريد أن نخطو خطوة كهذه إلا بعد الاطمئنان إلى أن المناخ موات لتحقيق اختراق.

وأكد عواد أن مصر لا تسعى أبدا إزاء أي من القضايا الإقليمية للعب دور أو عقد اجتماعات لمجرد عقدها، ولكنها تسعى دائما لأن تستضيف اجتماعات مدروسة، وتتحقق مسبقا من إمكانية توصلها للنجاح وتحقيق اختراق. وفي تصريحات موازية، قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي، إن «الجامعة العربية على استعداد للاستمرار في دورها لدعم السودان حكومة وشعبا واتفاقيات حتى يعبر السودان هذه المرحلة الغاية في الصعوبة»، لافتا إلى الصعوبات التي واجهها الوفد العربي - الأفريقي في مجلس الأمن الدولي في عقد جلسة للمجلس لتفعيل المادة «16» من نظام روما لتأجيل مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير. إلا أنه أكد أن الجانبين العربي والأفريقي سيواصلان جهودهما في إطار المبادرة القطرية، معربا عن أمله في ضم الصفوف ومساعدة السودان، ومشددا على أن كل مشكلة لها باب، والأبواب ليست مغلقة لحل أزمة دارفور لكن المهم ألا نتأخر.