مصر والجامعة العربية تتهمان إسرائيل بالعمل على تقسيم السودان لإضعاف دوره عربيا

أبلغتا البرلمان المصري أن السودان مستهدف مثل العراق والصومال

TT

أبلغت مصر وجامعة الدول العربية، البرلمان المصري، أن الدعوات للتدخل الدولي في إقليم دارفور المضطرب (غرب السودان)، تؤكد أن السودان مستهدف مثل «العراق والصومال»، واتهمتا إسرائيل وجهات دولية أخرى بالعمل على تقسيمه، بغرض إضعاف دوره في المنطقة العربية، وقالتا أمام اجتماع لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري أمس الاثنين، إن السودان يواجه أربع مشكلات رئيسية: «الأوضاع الداخلية، وأزمة دارفور، ومشكلة الجنوب، وقرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الرئيس عمر البشير».

في المقابل، وجه مركز القاهرة لحقوق الإنسان انتقادات قاسية إلى الحكومة السودانية، واتهمها بخوض حرب ضد أهل دارفور، بعد حربها ضد الجنوب، كما اتهم المركز حكومة السودان بشن حملة إعلامية ضده للتغطية على ما قال إنه «جرائمها في دارفور»، ذلك على خلفية تداول فيلم «دمار دارفور»، الذي أعد مادته الفيلمية وتوثيق الشهادات فيه منظمة «إيجيس تراست - Aegis Trust»، ويتضمن شهادات واعترافات عدد من مرتكبي الجرائم في دارفور، في ما يتعلق بالتخطيط لها وتنفيذها، ومصدر تمويلها والمسؤولين عنها.

وعلى عكس الموقف الرسمي المصري، تتخذ العديد من المنظمات الحقوقية المصرية موقفا مناوئا للحكومة السودانية في ما يتعلق بملف دارفور.

وأكد السفير محمد قاسم مدير إدارة شؤون السودان بوزارة الخارجية المصرية دعم مصر القوى لبقاء السودان موحدا رغم محاولات العديد من القوى الإقليمية وبعض الدول - ومنها إسرائيل - تقسيم السودان. وقال: «إن أمن السودان جزء من أمن مصر وأي تداعيات لهذا الأمن تؤثر على مصر».

وأوضح قاسم أمام اجتماع لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري برئاسة سعد الجمال، أن «مصر تنفذ العديد من المشروعات الهامة والحيوية في السودان، مثل التعليم والصحة والزراعة والري والكهرباء...»، مشيرا إلى افتتاح محطة الكهرباء التي نفذتها مصر يوم الثلاثاء الماضي في مدينة واو عاصمة ولاية بحر الغزال، والتي من بعدها تغير اسم المدينة إلى «واو النور».

وأضاف أن «مصر تقتطع من قوت شعبها لكي تدعم أهل السودان، ولتؤكد على وقوفها معه ضد كل المخططات الخارجية».

وفي ما يتعلق بأزمة إقليم دارفور السوداني أكد السفير محمد قاسم أن مصر مدركة لخطورتها، وعلى استعداد للتعامل مع كل أطراف الأزمة، وأشار إلى قلق الجنوب من الوضع في دارفور لأنه إذا حدث أي تدهور في هذا الوضع سيتأثر اتفاق السلام الشامل في السودان. وكشف قاسم عن استمرار الاشتباكات بين بعض الفصائل في دارفور رغم وجود قوة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لأنها غير قادرة على بسط الأمن في الإقليم حتى الآن.

وانتقد توجهات بعض الدول الغربية لمحاكمة الرئيس السوداني عمر البشير جنائيًّا عما أسموه «جرائم ضد الإنسانية في دارفور»، مشددا على أن النظام السوداني مستهدف بشكل كبير. وبالتوازي مع حديث الدبلوماسي المصري أكد مبعوث جامعة الدول العربية للسودان الدكتور صلاح حليم، أن السودان مستهدف مثل الصومال والعراق، والدليل أن الدول الثلاث حدث فيها تدخل خارجي وبها حركات تمرد ونظام فيدرالي.

من جانبه، وصف رئيس اللجنة سعد الجمال أزمة دارفور بأنها أزمة معقدة للغاية، ويتشابك فيها عدد من الفصائل بدعم من بعض القوى الخارجية، مشيرا إلى أن قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير هو قرار «مسيَّس» من هيئة معنية بالعدل الدولي، وهى بعيدة كل البعد عن هذا القرار لأنها غضت النظر عن كثير من انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع التي ارتكبها الإسرائيليون في غزة.

وأكد الجمال أن كل الجولات التي يقوم بها الرئيس حسنى مبارك تستهدف دعم القضايا العربية وفى مقدمتها قضية فلسطين والسودان، وأشار إلى المشروعات التي تقيمها مصر في الجنوب السوداني، معربا عن أمله في زيادة هذه المشروعات حتى يكون خيار الوحدة جاذبا.

في المقابل، اتهم مركز القاهرة لحقوق الإنسان الحكومة السودانية بشن حملة إعلامية ضده، عن طريق سفارتها في القاهرة، بهدف التغطية على ما قال إنه «جرائم الحكومة السودانية في دارفور».

وأوضح المركز أن الحملة السودانية ضده تأتي في أعقاب تداول فيلم «دمار دارفور» في 10 فبراير (شباط)، والذي أعد مادته الفيلمية وتوثيق الشهادات فيه منظمة «إيجيس تراست Aegis Trust»، ويتضمن شهادات واعترافات عدد من مرتكبي الجرائم في دارفور في ما يتعلق بالتخطيط لها وتنفيذها ومصدر تمويلها والمسؤولين عنها.

وأوضح المركز في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن ما ورد في الفيلم لا يمثل إضافة جديدة إلى نتائج البعثات والتقارير الدولية، بما فيها تقارير الأمم المتحدة الخاصة بتوثيق الانتهاكات والأوضاع في دارفور، سوى التوثيق الفيلمي.

وقال إن المركز قام بمراجعة الإصدار العربي من الفيلم وإتاحته لوسائل الإعلام العربية، فقط، غير أن الحملة الإعلامية السودانية ضده، زعمت أن المركز يروّج لمعلومات «مفبركة» تستهدف الإضرار بمصالح السودان واستقراره.

وأشار إلى أن تعليقات السفارة السودانية على الفيلم لا تتضمن أي معلومات تفند ما جاء في الفيلم، وإنما اتهامات مرسلة مثل التي بعثت بها إلى الصحف، معتبرا أن الهدف من الحملة الإعلامية السودانية ضد المركز، هو «صرف انتباه الرأي العام عن الجرائم المتواصلة علي مدار ست سنوات في دارفور، والتي أدت إلي مقتل نحو 300 ألف سوداني، إضافة إلى نحو 3 ملايين نازح تم تهجيرهم من قراهم قسرا، مع تعرض آلاف النساء للاغتصاب».

كما اتهم مركز القاهرة لحقوق الإنسان الحكومة السودانية بمحاولة تشويه المحكمة الجنائية الدولية، والمنظمات التي تتعاون معها، لافتا إلى أن الأمر داخل السودان وصل إلى حد اعتقال نشطاء حقوقيين (مثل أمير سليمان، وعثمان حميدة، وعبد المنعم الجاك)، وتعذيبهم بتهمة التعاون مع المحكمة.

وأشار البيان إلى أن توجيه المحكمة الجنائية الاتهام، لا يعني بالضرورة الإدانة، الأمر الذي يستوجب من الرئيس السوداني أن يعد رده علي الاتهامات الموجهة إليه بدلا من الاكتفاء بتسفيهها، ومن الضروري في هذا السياق أن يوضح البشير كيف سقط 10 آلاف قتيل في دارفور (وهو الرقم الذي يعترف به البشير من 300 ألف قتيل وفقا للتقارير الدولية)، وما هوية الطائرات التي قصفت وأحرقت مئات القرى في دارفور، هل هي إسرائيلية أم أميركية أم سودانية، وإذا كانت سودانية فهل كان ذلك بتوجيه منه أو بعلمه، أم أن سلاح الجوي السوداني خرج عن السيطرة ويتمتع باستقلال ذاتي خاص.