نشر لوائح الشطب الانتخابية على الإنترنت في لبنان ينمي حس التلصص واستياء النساء من كشف أعمارهن

الكثيرون رحبوا والبعض اعتبره تعدياً على الخصوصيات

TT

تعاني لارا ح. من أزمة نفسية وتطالب بالحصول على الرقم الخاص بوزير الداخلية اللبناني زياد بارود لأنه «عرّض زواجي للخطر بنشره لوائح الشطب» على الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الداخلية. وتقول ساخرة: «اليوم بات في إمكان جميع أهالي قرية زوجي أن يعرفوا سنّي! يا للعار لن ترحمني ألسنتهم!». حال هذه السيدة يشبه حال كثيرات من اللبنانيات اللواتي أصبن بالإحراج ما إن ذاع خبر نشر لوائح الشطب الانتخابية على شبكة الإنترنت. فما إن انتشر الخبر حتى انهمك اللبنانيون بتفحص هذه اللوائح والتدقيق فيها، ليس فقط للتأكد من أن أسماءهم واردة في القوائم بل للتلصص على الكثير من معارفهم لمعرفة أعمارهم وطوائفهم! في المقابل، يبدي عدد كبير من الشبان ارتياحهم للأمر، لا بل إن بعضهم يتباهون بتمكنهم من معرفة أعمار زميلاتهم وقريباتهم «مما يسهل عملية الاختيار» كما يقول جاد حاتم. ويضيف: «لا أريد أن أتقرب من فتاة تكبرني سنا».

في المقابل، تشعر ليزا بـ «إحراج كبير لأن أهل خطيبي سيعرفون أنني أكبره بثلاث سنوات. ولن تنفع بعد اليوم مساحيق التجميل والثياب العصرية لتجعلني أبدو أصغر سناً».

وتحاول لارا تفنيد جوانب هذه الخطوة قائلة: «أولا، إنه تعد واضح على الخصوصية. ثانياً، ما الفائدة أو الهدف؟ ثالثاً، أعتقد أن ذلك يسهل رشوة الناخب لأن المرشحين سيقرعون أبوابنا من دون أن يستثنوا أحداً». وتضيف ساخرة: «أعتقد أن هذه العملية ستسهل الأمر على الأموات، فإذا علم أحدهم أن اسمه وارد في القائمة يمكنه أن يأخذ إجازة من القبر ليقترع! لذلك قد يتسنى لي رؤية جدتي من جديد لأنها ورغم أنها توفيت قبل أعوام فإن اسمها وارد في القائمة».

أما ليال جمّال فلها موقف مميز، إذ إنها كانت شبه الوحيدة التي أبدت إيجابية من بين اللواتي استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهن. فاعتبرت أن نشر اللوائح على شبكة الإنترنت «له وقع إيجابي، ذلك أن المرء يشعر بأنه موجود، بأنه مواطن ينتمي إلى دولة متحضرة. أعجبتني الفكرة كثيراً، إنما طبعاً لا أنكر أنها نمّت حس التلصص لديّ ولدى البعض أيضاً. فلم يعد بإمكاني أن أمنع نفسي من تفحص اللوائح كلما ورد اسم في بالي، فأسارع إلى البحث لأرى سنة الولادة. الآن بت أعرف أعمار غالبية نساء القرية والجيران. وكم ضحكت حين اكتشفت أن جارتنا السيدة جانيت في الخامسة والستين وليس في الخمسين كما كانت تدعي! الواقع أنني أمضيت وأهلي أمسية عامرة أمام الشاشة نتأكد من الأعمار ونضحك مع توالي المفاجآت العمرية».

وحين تتضح الصورة لرانيا بعد الاستفسار عنها، تسأل وعلامات الدهشة بادية على وجهها: «هل هذا يعني أن الجميع صار بإمكانهم معرفة سني؟ وطائفتي أيضاً؟». تبدو «لما» غير مكترثة بالأمر لكنها لا تخفي عتبها حين تقول: «على حسناته، يشكل هذا الموضوع تعدياً على الخصوصية، إذ جعل الاطلاع على المعلومات الشخصية أمراً بغاية السهولة». أما فؤاد فيبدي موقفاً مناقضاً، إذ يصر على أن «نشر اللوائح لا يشكل أي تعد على الخصوصية، لأنه لا يكشف أسرار الأمن القومي. إضافة إلى أن جميع المهتمين بالانتخابات لطالما كان بإمكانهم أن يطلعوا على لوائح الشطب من خلال الحصول على نسخة من وزارة الداخلية. فما الفرق إذا صار الأمر متاحاً عبر شبكة الإنترنت؟ على الأقل فإن ذلك يقتصد الكثير من الورق والوقت. والأفضل من كل هذا، أنه يتيح للجميع التأكد مسبقاً من أن أسماءهم واردة في القوائم الانتخابية وبالشكل الصحيح لئلا يتذمروا عند الاستحقاق من أن خطأ ما في الاسم منعهم من الاقتراع».