تساؤلات في وكالة الطاقة الذرية بعد إعلان دمشق بناء منصة إطلاق صواريخ على موقع الكبر

مدير وكالة الطاقة السورية حول آثار الغرافيت: نسبتها قليلة جدا ولا يستبعد وجودها في الهواء

وزير الخارجية السوري خلال مؤتمر صحافي مع سولانا في دمشق أمس (أ.ب)
TT

فيما أعلنت سكرتارية الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مجلس أمنائها سيعقد جلساته القادمة بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا بدءا من صباح الاثنين القادم، بأجندة في مقدمتها الملف النووي الكوري الشمالي والإيراني والسوري، إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن الملف السوري سيكون هو الطاغي في نقاشات ذات أبعاد سياسية أكثر منها تقنية فنية.

وكان تصريح لإبراهيم عثمان، رئيس وكالة الطاقة النووية السورية، قد أثار الكثير من التساؤلات، وردود الفعل، بعد أن أشار، في جلسة مغلقة عقدتها سكرتارية الوكالة مع أعضاء مجلس الأمناء، الأول من أمس، أن سورية بنت منصة لإطلاق الصواريخ في موقع الكبر بمنطقة دير الزور.

تصريح الدكتور عثمان كما تابعت «الشرق الأوسط»، دفع بتساؤلات حول حقيقة طبيعة ذلك المكان، وما كان يدور فيه، وما الأسباب التي تدفع بسورية لاختياره بالذات لتشييد منشأة صواريخ، فيما الموقع لا يزال محل تحقيقات دولية تجريها الوكالة.

ومعلوم أن هذا الموقع قد تعرض لهجوم إسرائيلي، أبريل عام 2007، بدعوى أنه منشأة نووية كانت على وشك الاكتمال. فيما قامت الولايات المتحدة في شهر سبتمبر، بإمداد الوكالة بمعلومات تدعي أنها تؤكد الادعاء الإسرائيلي، وأن الموقع كان مفاعلا نوويا على وشك الاكتمال. من جانبها نفت سورية كل تلك الادعاءات، وسمحت لوفد من مفتشي الوكالة بزيارة الموقع زيارة واحدة لم تسمح بتكرارها، رغم إصرار الوكالة على ضرورة السماح لمفتشيها بمعاودة الزيارة لذات الموقع، ومواقع ثلاثة أخرى، ذات علاقة به. وكان تقرير رفعه مدير عام الوكالة، الدكتور محمد البرادعي، الأسبوع الماضي، قد أشار إلى أن الوكالة بعد تحليلها للعينات التي حصل عليها المفتشون من تلك الزيارة قد عثرت على آثار لمواد من مادة الغرافيت بالموقع المذكور.

وكان الدكتور إبراهيم عثمان، كما علمت «الشرق الأوسط» من مصدر حضر الجلسة المغلقة، قد ذكر أن سورية أكدت لوفد الوكالة الذي زار الموقع برئاسة أولي هاينون، نائب مدير الوكالة، ورئيس قسم الضمانات، أنه موقع عسكري بنيت فيه منشأة صاروخية. وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن الدكتور عثمان لم يجب على الأسئلة التي دارت حول نوع منشأة الصواريخ، ومتى أنشئت بالضبط، وإن كانت قد شغلت؟ وإن كانت سورية تمتلك منشأة نووية؟ وكان الدكتور عثمان قد نفى أن تكون كميات الغرافيت التي عثر عليها المفتشون الدوليون، دلالة كافية لإثبات أن المبنى بني من تلك المادة، مؤكدا أن «عينات الغرافيت التي حصلت عليها الوكالة قليلة جدا، لا يستبعد وجودها في الهواء»، موضحا: «قد يكون مجرد كربون من آلات عادية كانت تستخدم في تشييد الموقع». من جانب آخر، أوضح المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن أكثر من دبلوماسي غربي قد طرح تساؤلات على سكرتارية الوكالة في الاجتماع، تركزت حول ما إذا كانت الوكالة قد استطاعت تأمين حطام المبنى بعد الهجوم الإسرائيلي؟ موضحا أن رد الوكالة أشار إلى أنها تمكنت فقط من أخذ عينات سمحت بها سورية، وأن الوكالة لا تزال تنتظر أن تسمح لها السلطات السورية بزيارة ثانية. في ذات السياق علمت «الشرق الأوسط» أن المندوب الإيراني، السفير على أصغر سلطانية، قد انبرى مدافعا عن الموقف السوري، مؤكدا أن سورية لا تخفي شيئا وإلا لما سمحت للمفتشين الدوليين بدخول أراضيها مطلقا. من جانبه كان السفير المصري قد تساءل في مداخلة له أمام المجتمعين عن أسباب الإصرار الغربي على أن البناء كان منشأة نووية مبنية من الغرافيت، رغم أن الوكالة لم تكتشف غير نسبة ضئيلة من الغرافيت. كما رفض إبراهيم عثمان تفسير الوكالة بأن «التركيب الكيميائي لجزيئات اليورانيوم يبين أنها لم تنجم عن الذخيرة التي استخدمتها إسرائيل في قصف المنشأة» وقال: «ذلك تفسير لا نقبله». وتابع قائلا «يزعمون أنهم عثروا على 80 جزيئا في نصف مليون طن من التربة. لا أعرف كيف يمكن استخدام ذلك الرقم لاتهام شخص ما ببناء منشأة هكذا». وعند سؤاله عما إذا كانت سورية ستسمح بزيارات أخرى لوكالة الطاقة النووية تشمل مواقع أخرى قال عثمان «لا». وأضاف قائلا «سنستمر في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية طبقا لاتفاقية إجراءات السلامة التي وقعناها. وتكفل تلك الاتفاقية للوكالة بزيارة الموقع النووي الوحيد المعلن فقط وهو مفاعل أبحاث قديم».

ولم تحصل «الشرق الأوسط» في دمشق على أي تعليق حول تصريحات عثمان كون هذا الموضوع يتصل بشأن عسكري محصور في المؤسسة العسكرية، وفق ما نص قانون المطبوعات السوري.