احباط إيراني من تعيين روس مستشارا خاصا لهيلاري.. وشكوك في «تغيير حقيقي»

إيران بدأت تشغيل مفاعل «بوشهر» تجريبيا بقوة ألف ميغاوات

TT

انتقدت إيران تعيين الدبلوماسي الأميركي المخضرم دنيس روس «مستشارا خاصا» لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لشؤون الخليج وغرب آسيا بما في ذلك إيران، موضحة أن التعيين يعني «أنه ليس هناك أي تغيير حقيقي» في السياسات الأميركية حيال إيران. وقال مصدر إيراني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المسؤولين الإيرانيين يشعرون بالاستياء من قرار التعيين، موضحا: «روس من مدرسة قريبة من مدرسة الإدارة السابقة. ومن مؤيدي سياسات العقوبات، ومن المعارضين بشكل مبدئي للبرنامج النووي الإيراني. هذا اختيار سيئ لأن الإيرانيين يتذكرون مواقفه بشكل سلبي». وتابع المسؤول الإيراني: «ما الذي تريد إدارة أوباما أن تقوله من هذا التعيين؟ إنها رسالة لا تتضمن أي معنى للتغيير. إذا جاء روس بقائمة مطالب من إيران، واشترط أن ننفذ هذه الشروط أولا قبل أي خطوة أخرى، فستكون هذه بداية غير مثمرة. نحن قلنا منذ تولى أوباما أننا نريد نهجا مختلفا، لا نريد شروطا مسبقة ولا تهديدا». وأعرب المصدر الإيراني عن اعتقاده أن إدارة أوباما ليس لديها أفكار واضحة حول إيران حتى الآن، موضحا: «قرار تعيين روس يشير إلى أن هناك تخبطا لدى أوباما، فمن ناحية يتحدث عن التغيير والحوار مع الجميع، ويرسل مبعوثين لكل مكان، ومن ناحية أخرى يختار مستشارا خاصا لا يعرف لغة الحوار، بل لغة التهديد». إلى ذلك انتقد الراديو الرسمي الإيراني أمس تعيين روس، بوصفه «واقعا تحت تأثير الصهاينة ومشجع على خطوات لوقف برنامج إيران النووي، وداعم بشدة لتعزيز العقوبات على إيران، ومؤيد لتعاون أميركي- إسرائيلي لمواجهة البرنامج النووي الإيراني». وقال الراديو إن آراء روس المتشددة حيال إيران تتناقض بشكل واضح وصريح مع السياسات المعلنة لأوباما لإحداث تغيير في السياسة الخارجية الأميركية، موضحا: «هناك إحباط متزايد من سياسية أميركا حتى الآن.. تعيين دنيس روس سيؤدي إلى تحديات جدية للإدارة الأميركية في الشرق الأوسط». ومن المعروف أن روس يؤيد خطوات مستمرة ومتصاعدة للضغط على إيران لوقف برنامجها النووي. وكانت إدارة أوباما قد قالت إنها تريد فتح منافذ للحوار مع الدول التي لا تربطها بواشنطن علاقات جيدة، موضحة في هذا الإطار أن إيران ستكون من ضمن تلك الدول. وقال ساعتها المسؤولون الإيرانيون إن المطلوب من أميركا هو أن تكف عن الادعاءات ضد إيران، وأن تفتح حوارا بعد الاعتذار عن «جرائمها» بحق الإيرانيين، وان تنتهج نهجا جديدا غير العصا والجزرة وبعيدا عن التهديد. وفيما لم تعلق وكالة الأنباء الإيرانية «ارنا» على تعيين روس بحد ذاته، إلا أنها انتقدت بشدة استخدام تعبير «الخليج» من دون إضافة الفارسي في إعلان وزارة الخارجية الأميركية لقرار التعيين. ووصفت وكالة «ارنا» ذلك بـ «الخطأ الأول» لإدارة أوباما في الشرق الأوسط، موضحة أن: باراك أوباما في استخدامه کلمة «الخليج» في قرار تعيين روس يشكل تجاهلا للقرائن والمستندات التاريخية والدولية الموثقة التي تؤكد على اسم الخليج الفارسي، وتشكل بداية لعدم ثقة الشعب الإيراني فيه. وتابعت «ارنا»: «أن الخليج الفارسي الذي يعتبر ثالث أکبر خليج في العالم بعد خليج المكسيك وخليج هودسن كان يطلق عليه لقرون قبل الميلاد اسم فارس، وذلك وفقا لما تؤکده الوثائق التاريخية وقد أطلق عليه في کتب يوميات اليونانيين اسم (برسيكوس سينوس) أو (سينوس برسيكوس). کما أن الأمم المتحدة ومن خلال البيانات ومذکرات وخطابات التعديل والقرارات المختلفة ونشر الخرائط الرسمية، لم تؤكد فقط الصفة الرسمية لاسم الخليج الفارسي، بل طلبت من الهيئات والمنظمات الدولية استخدام الاسم الكامل للخليج الفارسي في مراسلاتها الرسمية.. إن أوباما الذي استطاع دخول البيت رقم 1600 في شارع بنسلفانيا من خلال شعار التغيير يكون بسبب عدم اهتمامه بالقرائن والمستندات التاريخية الواضحة قد اتخذ خطوة ستؤدي بلا شك إلى عدم الوثوق به لأن تجاهل الحقائق التاريخية وعدم الاکتراث بالمعاهدات والمواثيق الدولية من جانب شخص يدعي أنه مختلف عن باقي الرؤساء الأميرکيين السابقين لا يمكن أن تحول دون إمحاء الذکريات المريرة عن جورج بوش من ذاکرة المجتمع البشري. وإضافة إلى ذلك فإن على باراك أوباما أن يتذکر أن منطقة الشرق الأوسط تحظى بأهمية بالغة في المعادلات الدولية، وأن أيا من الرؤساء السابقين للولايات المتحدة، لم يمر مرور الكرام على تطورات هذه المنطقة، لذلك فإن العمل على کسب ثقة شعب في إطار احترام تاريخهم وثقافتهم يشكل أحد الإجراءات التي تسهم في تطبيق شعار التغيير على أرض الواقع». إلى ذلك، بدأت إيران تشغيل محطة «بوشهر» النووية، بشكل تجريبي، وذلك بعد نحو 35 عاما من بدء إنشاء المحطة التي تقول إيران إنها ستكون الأولى في سلسلة محطات نووية تهدف طهران إلى أن تساعدها على توليد 20 ألف ميغاوات من الكهرباء بحلول عام 2020، غير أن تشغيل المحطة أمس أثار قلقا غربيا، إلا أن موسكو طمأنت المجتمع الدولي إلى أنها ستسترد من إيران الوقود النووي المستنفد الذي ستستخدمه طهران في «بوشهر». وقال مدير الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية غلام رضا اغازاده إن محطة «بوشهر» النووية جنوب البلاد، ستخضع لـ«فترة تجريبية» من أربعة إلى سبعة أشهر قبل وضعها في الخدمة بشكل دائم، موضحا خلال مؤتمر صحافي أمس أن «هذه التجارب تستمر عادة أربعة إلى ستة أو سبعة شهور». وأضاف «في حال جرت على ما يرام قد تكون هذه الفترة أقصر»، بينما أوضح نائب مدير الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي للتلفزيون الإيراني أمس أن الفترة التجريبية تتعلق بالتحقق «بصورة خاصة من دورة (الطاقة) الأولية، وأنظمة الإنقاذ ووحدات الدعم، لتجنب أي حادث قد يطرأ عند الإطلاق». كما أوضح أن موسكو سلمت طهران 87 طنا من الوقود النووي لبدء تشغيل المحطة، مشيرا إلى أن هذه الحمولة «مؤلفة من ثلاثة أقسام وفي كل سنة يتم استبدال واحد منها» حتى تواصل المحطة العمل. ولن تستخدم إيران الوقود النووي خلال عملية تجريب «بوشهر» وعوضا عن ذلك ستستخدم الرصاص كمادة بديلة، كما قال محسن شيرازي أحد المهندسين النوويين في المفاعل الذي أوضح للتلفزيون الإيراني «نقوم منذ عشرة أيام بشحن المفاعل بالرصاص لنرى إن كان يمكنه مقاومة وزن الوقود عندما يتم ضخه». وتسمى هذه العملية عملية التشغيل «الفني» للمحطة. وهي تشمل اختبار التجهيزات وتسبق إطلاق المحطة الفعلي مع الشروع في إنتاج الطاقة. من ناحيته، امتنع سيرغي كيريينكو رئيس وكالة الطاقة النووية الروسية، التي بنت محطة «بوشهر»، عن إعطاء موعد محدد لوضع المحطة في الخدمة، موضحا خلال حضوره حفل تدشين المحطة في طهران أن المحطة ستبدأ العمل بشكل دائم خلال «مهلة قصيرة»، موضحا أن الرد على هذا السؤال رهن بـ «تجارب تشغيل كل أنظمة المحطة والتأكد من سلامتها». وأضاف «إذا كانت التجارب إيجابية سنقرب موعد تشغيل المحطة وإذا ما واجهنا مشاكل سيكون التشغيل أبطأ». وأشار المسؤول الروسي أيضا إلى مباحثات حول «طريقة تشغيل» محطة بوشهر، موضحا أن «تشغيل المحطة سيكون من مسؤولية أخصائيين روس خلال العام الأول». وبعد هذه الفترة، «سيكون هناك مرحلة انتقالية على مراحل» لم تحدد شروطها بعد. وأبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مد المحطة بالوقود سيتم في الربع الثاني من 2009.

وقال المسؤول الروسي أنه بحث مع نظيره الإيراني في «إنشاء مؤسسة مشتركة يعمل فيها أخصائيون نوويون روس وإيرانيون بعد السنة الأولى من التشغيل». وكان كيريينكو أعلن في وقت سابق أن أعمال بناء المحطة أنجزت. لكنه قال خلال مؤتمره الصحافي إنه «تم تركيب 97% من المعدات» وان آخر التجهيزات ستركب «وفقا لنتائج التجارب».

إلى ذلك قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة مع صحيفة «الغارديان» البريطانية وعدد من الصحف التركية أمس أن إيران طلبت من أنقرة مساعدتها على إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة بعد توتر مستمر منذ ثلاثين عاماً. وأوضح أردوغان أن مسؤولين إيرانيين تقدموا بهذا الطلب في عهد الرئيس جورج بوش، مؤكداً أنه نقل الرسالة الإيرانية إلى البيت الأبيض. وقال رئيس الوزراء التركي في المقابلة التي أجريت معه في الطائرة التي كانت تقله إلى ماردين (جنوب شرق تركيا) التي يزورها بمناسبة انتخابات محلية إن «إيران تريد فعلا أن تلعب تركيا دوراً كهذا». وأضاف «إذا كانت الولايات المتحدة تريد ذلك أيضاً وإذا طلبت منا أن نلعب هذا الدور فنحن مستعدون للقيام بذلك».