أطباء عراقيون يعالجون مواطنيهم من ضحايا العنف .. في الأردن

في مستشفى لمنظمة «أطباء بلا حدود» خاص بالجراحة التجميلية والتقويمية

TT

منذ عام 2006، اضطلع فرع منظمة «أطباء بلا حدود» الفرنسية الخيرية في العاصمة الأردنية عمان بعلاج الضحايا المدنيين للحرب الدائرة في العراق والذين أصيبوا بجروح بالغة يصعب على المستشفيات العراقية، في ظل ما تعانيه من أعباء بالغة ونقص في الإمدادات، التعامل معها. وحسب تقرير لوكالة «اسوشيتد برس» تخصص فريق العمل داخل فرع المنظمة، الذي يتألف في معظمه من أطباء وممرضين عراقيين، في جراحات التجميل والتقويم ووفروا العلاج بالمجان لما يزيد على 650 مريضاً. ومن خلال شبكة الأطباء التابعين لها في العراق، تمكنت «أطباء بلا حدود» من إجراء مسح للمستشفيات العراقية بحثاً عن مرضى يمكن أن ينتفعوا من التوجه في رحلة علاجية إلى الأردن. والمثير أن غالبية أعضاء فريق العمل العراقي هم أنفسهم ضحايا للحرب، حيث فروا من العراق مع تنامي استهداف الأطباء عبر عمليات اختطاف وهجمات.

يذكر أن حوالي 45% من المرضى الذين يحولهم الأطباء لتلقي العلاج في المستشفى التابع للمنظمة يحصلون على العلاج بالفعل. حتى وزارة الصحة العراقية تقوم من حين لآخر بتحويل مرضى إلى المستشفى. ولا يزال هناك حوالي 100 مريض على قائمة الانتظار. وقال دكتور نصر عماري، جراح عراقي متخصص بجراحات التجميل والتقويم يعمل في المستشفى، إن: «الاختلاف بين العمل في العراق والأردن أشبه بالمقارنة بين اللونين الأسود والأبيض». وأضاف أن المستشفيات العراقية غالباً ما تفتقد المعدات والعقاقير الأساسية. ويعجز الأطباء عن العمل لما يزيد على بضع ساعات في النوبة الواحدة بسبب حظر التجوال والمخاوف الأمنية. كما أن الحالات الخطيرة ربما تشكل مصدر إرهاق بالغ للأطباء العراقيين المثقلين بأعباء بالغة بالفعل. وكان هذا هو الحال مع حنان هادي، الطفلة البالغة 12 عاماً من بغداد. عام 2006، تعرضت أسرتها المؤلفة من ثمانية أفراد للقتل في تفجير لسيارة مفخخة، وكانت الطفلة هي الناجية الوحيدة بينهم. وبلغت نسبة الحروق في جسدها 90%. في البداية، تلقت العلاج داخل مستشفى بغداد. وتتذكر حنان أنه نما إلى مسامعها قول الأطباء أن عليهم تركها تموت ما داموا عاجزين عن فعل أي شيء لمساعدتها. لكن بعد خضوعها لأكثر من 12 عملية جراحية في مستشفى «أطباء بلا حدود»، سافرت حنان مؤخراً لتلقي المزيد من العلاج في هولندا. وفي صباح أحد الأيام القليلة الماضية، عكف الأطباء داخل مستشفى عمان على علاج سيدة أصيبت بطلق ناري في الوجه أطلقه أحد القناصة ورجل تعرضت ساقه للتشوه جراء تعرضه لتفجير. وتعد المنشأة أكثر المشروعات الخاصة بمنظمة «أطباء بلا حدود» تقدماً بمجال جراحات التجميل والتقويم. وتضطلع المنظمة بتنفيذ مبادرة مشابهة في غروزني بالشيشان، وعمليات جراحية أخرى في هاييتي ونيجيريا وسيراليون وسيريلانكا. لكن الحاجة الأكبر لجهودها تتركز في العراق. وغالباً ما تنتاب الدهشة الأطباء داخل مستشفى عمان بسبب ما يجدونه داخل أجساد المرضى، مثل أسلاك من سيارات مفخخة داخل العظام والأنسجة. وأبدى خبراء آخرون بمجال الصحة دعمهم لعمل المستشفى. على سبيل المثال، قالت دكتورة ندا الورد، من مكتب منظمة الصحة العالمية في عمان والتي تعمل كذلك على مساعدة اللاجئين العراقيين:«أي شيء يخدم في سد فجوة في النظام الصحي العراقي يعد مفيداً». وأضافت:«إذا كنت بحاجة إلى جراحات تقويمية أو معقدة، سيتعين عليك في معظم الحالات السفر إلى خارج العراق للحصول عليها». من جهتها، شددت منظمة «أطباء بلا حدود» على أن المستشفى القائم في عمان يرمي لتكميل نظام الصحة العراقي، وليس الحل محله. وفي هذا السياق، أوضح أوليفيير ميزو، رئيس فرع المنظمة في الأردن، أن الحاجة إلى المستشفى ربما تختفي خلال السنوات الخمس المقبلة، إذا استمر استقرار الأوضاع بالعراق.