توقعات بتحويل معتقل بوكا إلى قاعدة أميركية في جنوب العراق

«الشرق الأوسط» تزور المعتقل قبل إحالته على التقاعد

سجناء خلال إضراب سابق احتجاجا على اوضاعهم («الشرق الأوسط»)
TT

من يصل إلى معتقل بوكا على الحدود العراقية الكويتية جوا يرى صورة مغايرة تماما له مقارنة بما كان عليه قبل ستة أشهر. فعندما زارته «الشرق الأوسط» في اغسطس (آب) الماضي، ذلك الوقت بدا أشبه بمدينة كبيرة تعج بالسكان لكنهم مسلوبو الحرية حتى في اختيار ملابسهم وطعامهم وكل شيء. وفي أحدث زيارة تمت قبل أيام كان هناك 14 الف سجين فقط مقارنة بأكثر من 30 الفا في الزيارة السابقة. كما ان زيارة المعتقل هذه المرة كانت أسهل كثيرا من سابقتها، حيث استغرقت ستة أيام خلال رحلة من بغداد لمطار كويتي ومنه لقاعدة عسكرية داخل الأراضي الكويتية باستخدام الحافلات، ومن هناك إلى بوكا باستخدام الهليكوبترات. أما الآن فقد انعكس التحسن الأمني في مدينة البصرة على اختصار الطريق ليكون لمطار البصرة مباشرة ومنه إلى بوكا بواسطة الهليكوبترات.

و«بوكا»، الذي يعتبر احد أشهر المعتقلات الأميركية في العالم يلفظ أنفاسه الأخيرة ويتهيأ لأن يكون قاعدة أميركية أو أي شيء آخر تقرره الإدارة الأميركية ولن يسلم إلى الحكومة العراقية بخلاف ما أشيع في الآونة الأخيرة. احد الضباط المسؤولين بيّن انه في حال وصول عدد السجناء إلى أقل من 8 آلاف معتقل سيغلق بوكا بشكل كامل، وسيحول من فيه لسجن كروبر أو سجن المطار في بغداد والتاجي أيضا. وقال احد مسؤولي الحرس الأميريكيين أكد أن تناقص عدد المعتقلين يشعرني باطمئنان، وأتمنى اليوم الذي لا أجد فيه أي معتقل في بوكا، لكن عدد الجنود الأميركان فيه ثابت ولا يقل عن 5 آلاف جندي وضابط، وهذا العدد لم يتناقص مع تناقص أعداد المعتقلين ولا اعلم سبب ذلك. القائد العام للمعتقلات الأميركية في العراق الجنرال كونتاك والذي رافق «الشرق الأوسط» في جولتها داخل المعتقل أوضح ان من ابرز التهم الموجهة ضد المتبقين من المعتقلين «ارتكاب جرائم ضد قوات التحالف أو ضد القوات العراقية في الماضي أو أشياء غير قانونية بحق المجتمع العراقي أيضا.. ونحن نقوم بتقييمهم ليتم أطلاق سراح المعتقلين الأقل خطرا في بداية الأمر».ولدينا ما يقارب 5000 ــ6000 معتقل يعدون من الخطرين جدا، وسيكون لهم أيام محدودة في معتقلاتنا وسيواجهون بالتهم داخل المحاكم العراقية في حال طالب الجانب العراقي بهم بهدف محاكمتهم، وإذا لم يردنا مثل هذا الأمر فسيتم إطلاق سراحهم، فليس لنا خيار آخر، أما إطلاق السراح أو تحويلهم للجانب العراقي رغم أننا نمتلك أدلة كافية على أنهم خطرون جدا وارتكبوا جرائم كثيرة، ونتوقع أن تصدر المحاكم العراقية أمرا بإبقائهم داخل المعتقلات لمحاكمتهم ، أما بقية المعتقلين فإننا نمتلك أدلة ضدهم لكنها غير كافية لإدانتهم في المحاكم العراقية، وبهذه الحالة ليس لدينا أي خيار سوى إطلاق سراحهم. وبموجب الاتفاقية الأمنية مع الحكومة العراقية يجب علينا إطلاق سراح المعتقلين أو يتم تحويلهم للجانب العراقي عن طريق أمر قضائي عراقي.

وعما اذا كان إطلاق سراح فئة معينة من المعتقلين يتم بموجب صفقة بين الأحزاب العراقية والحكومة العراقية، أي ان الحكومة يتم تسليم معتقلين اليها لكنها تطلق سراحهم، قال كونتاك« أنا استبعد حصول هكذا أمر ، لم نسمع بحصوله في معتقلاتنا لأننا نعمل بجدية وبقرب مع القضاء والقانون العراقي ونحن نتعامل مع جميع المعتقلين بنفس التعامل وبنفس الجدية كي نحترم حقوقهم، ونحترم مبادئ حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا، وجميع المعتقلين لديهم أيام خاصة سيعرضون خلالها على القضاء العراقية، ولا يتم تحويل أي معتقل للحكومة العراقية إلا بموجب أمر قضائي». وبشأن عدد الملقى القبض عليهم من قبل القوات الأميركية منذ تطبيق الاتفاقية الأمنية وحتى الآن، قال كونتاك «القينا القبض على 42 فقط وهو أمر مدهش بينما قبل هذا التاريخ أي اقبل الاتفاقية كنا نعتقل ما بين 30 ـ 35 يوميا ولاحظوا الفارق الكبير والذي يختلف فمنذ بدء الاتفاقية فإن هؤلاء تم اعتقالهم وفقا لقرار صادر من الحكومة العراقية والمحاكم العراقية فلا يجوز إلقاء القبض على أي شخص دون علم محاكم عراقية». وبشأن المعتقلين العرب والأجانب في بوكا وما اذا كانت هناك اتفاقيات تم إبرامها مع دولهم لتسليمهم، قال قائد المعتقلات «لا يوجد أي اتفاق تسليم لمعتقلين عرب وأجانب مع أي دولة من دولهم، وبالنسبة لهم والبالغ عددهم ما يقرب 220 معتقلا فنحن نعمل سوية مع الحكومة العراقية والقرار يأتي من قبلها ولها صلاحية تقرير مصيرهم، وإذا كانت هناك أدلة كافية لإدانتهم فإنهم سيحالون للمحاكم العراقية حالهم حال المعتقلين العراقيين، وإذا كان هناك قرار لإعادتهم إلى بلدانهم فانه سيكون قرارا عراقيا صادرا عن الحكومة العراقية وليس أي جهة أخرى، ووفقا للاتفاقية الأمنية سنعمل سوية ونحترم القانون العراقي وجميع القوانين الدولية». وبشان مستقبل معتقل بوكا بعد ان تردد انه سيسلم للحكومة العراقية، قال قائد المعتقلات «أنا لم اذكر إطلاقا انه سوف يتم تحويل معتقل بوكا للحكومة العراقية، لكننا دوما خططنا لإغلاق بوكا، ومعتقل بوكا تم بناؤه بصورة مؤقتة ولم يتم بناؤه كمعتقل دائم في العراق، لكن معتقل التاجي بني كسجن دائم وسيتم تحويله لمسؤولية الحكومة العراقية.