إسرائيل تريد مباحثات ماراثونية مع حماس بشأن شاليط.. والحركة: المهم أن يدفعوا الثمن

تل أبيب اقترحت على القاهرة مفاوضات على نمط الإسرائيلية ـ السورية في أنقرة

TT

قالت مصادر إسرائيلية، إن إسرائيل اقترحت على مصر إجراء جولة مفاوضات «ماراثونية» مع حركة حماس بشكل متواصل، إلى حين إتمام صفقة تبادل الأسرى، التي ستفضي إلى إطلاق حماس سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين. وعرض المفاوض الرئيسي باسم الحكومة الإسرائيلية في صفقة تبادل الأسرى، عوفر ديكل، على مصر اقتراحا بإجراء المفاوضات مع حماس على نمط المفاوضات الإسرائيلية السورية في أنقرة، ولكن بوتيرة عالية أكثر.

وحسب الاقتراح تجري مفاوضات متواصلة بلا توقف، فيجلس المفاوضون الإسرائيليون في غرفة ويجلس مفاوضو حركة حماس في غرفة مجاورة في أحد فنادق القاهرة، ويتنقل الوسيط المصري بينهما، فينقل الرسائل والمواقف، ولا يغادر الوفدان إلا «عندما يخرج الدخان الأبيض»، أي عندما يتوصلا إلى صيغة اتفاق كامل بينهما بخصوص تبادل الأسرى.

وقال مصدر إسرائيلي، أمس، إن ديكل حمل معه عدة اقتراحات جديدة بخصوص لوائح أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين تبدي إسرائيل استعدادا لإطلاق سراحهم، تعتبر حلا وسطا بين ما كانت إسرائيل مستعدة له في الماضي وبين ما طلبته حماس، حتى تساعد على انجاز الصفقة في هذه المرحلة، بحيث لا يضطر الفرقاء إلى بدء المفاوضات من جديد مع حكومة يمين متطرف برئاسة بنيامين نتنياهو.

وأضاف المصدر أن إسرائيل وافقت على إطلاق سراح 100 أسير من الوزن الثقيل، الذين كانت حماس قد طلبتهم، وعرضت قائمة طويلة من أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين تقترح إسرائيل على حماس اختيار بقية الأسرى لإطلاق سراحهم. ولكن المصدر لم يعط تفاصيل عن هذه الأسماء وان رئيس جهاز الشاباك (المخابرات العامة) في إسرائيل، يوفال ديسكين، على اطلاع وثيق بالمفاوضات ويرافقها عن كثب خصيصا لكي تكون لدى المفاوض الإسرائيلي صلاحيات الأخذ والرد.

وأضاف المصدر أن رئيس الوزراء ايهود أولمرت قرر صد الاتهامات الموجهة ضده بأنه يتهرب من إنهاء هذه الصفقة أو يتراجع عن التهدئة ويريد البرهنة اليوم على انه معني فعلا بإنهاء هذا الملف قبل نهاية دورته في الحكم ويسعى فعلا إلى إبرام اتفاق تهدئة شامل يغير الأوضاع جذريا بين الطرفين، فلا يعود هناك إطلاق رصاص ولا صواريخ ولا تهريب أسلحة ويطلق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط. وفي حالة الفشل في هذه الجهود يريد أولمرت أن يشهد العالم كله على أن حماس هي المسؤولة عن الفشل وليس هو.

وحسب هذا المصدر، فإن حماس لم تتحمس للاقتراح الإسرائيلي ولكنها لم ترفضه. وأضاف: «لن يكون سهلا على مفاوضي حماس أن يوافقوا على هذا الشكل لأن قيادتهم في دمشق لا تعطيهم صلاحيات لاتخاذ قرارات في هذا الشأن». ومع ذلك، فإنه قال إن إسرائيل متفائلة من إمكانية التوصل إلى اتفاق قبل أن يغادر أولمرت – «فهناك مصلحة لدى جميع الأطراف – مصر وحماس وإسرائيل – في أن تنجز هذه المهمة حالا».

وقالت صحيفة «يديعوت احرونوت» أمس، انه سبق لإسرائيل أن اقترحت خلال السنتين الماضيتين القيام بمفاوضات مماثلة مع حماس بوساطة مصرية إلا أن حركة حماس رفضت هذا الاقتراح خشية أن تضطر إلى اتخاذ القرارات بشكل فوري لدى وجود ممثليها في القاهرة. من جانبه أكد مصدر في حماس لـ«الشرق الأوسط»، ردا على الاقتراح الإسرائيلي، «انه لا يوجد فرق كبير، هذه مجرد آليات، المهم هو استعداد الاحتلال للاستجابة لثمن الصفقة». وأشار المصدر إلى أن حماس متمسكة بنفس الشروط وتابع، «الإسرائيليون يحاولون القول إن لديهم استراتيجية جديدة، وإذا كانوا متعجلين لإتمام الصفقة قبل تشكيل حكومة جيدة فالكرة إذن في الملعب الإسرائيلي».

وتراهن حماس على أن إسرائيل ستقبل أخيرا بشروطها، وقال المصدر، «هناك أكثر من عملية تبادل عبر التاريخ، وافقت عليها إسرائيل.. انظر، قبل الإسرائيليون أولا 20 فقط من قائمة حماس ثم 70 ثم المئات والعدد سيزيد».

وتتمسك حركة حماس بموقفها، وتقول إنها لم تتنازل عن القائمة التي قدمتها من اجل إطلاق سراح شاليط. وتريد حماس إطلاق سراح 450 من قادة الفصائل وأصحاب المؤبدات، والأحكام العالية، كخطوة أولى، يتبعها إطلاق سراح 950 من الأسرى المرضى وكبار السن وجميع الأسيرات النساء والأطفال. من جهة ثانية، وفي إطار الضغط الخارجي على هذه المفاوضات، نشرت في تل أبيب، أمس، أخبار عن «شعور بالامتعاض» في قيادة الجيش الإسرائيلي بسبب التصعيد في إطلاق الصواريخ الفلسطينية باتجاه إسرائيل، حيث إن أكثر من 60 صاروخا وقذيفة أطلقت خلال الفترة منذ وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية قبل 40 يوما. وقالت مصادر عسكرية إن الجيش نفذ خلال الحرب عمليات عسكرية جبارة كان من المفروض على القيادة السياسية أن تترجمها باتفاق شامل يغير الواقع على الأرض ويعيد الجندي الأسير شاليط إلى أهله. أما وقد فشلت القيادة السياسية في ذلك، فيجب إعطاء الجيش فرصة أخرى ليحقق أهدافه على طريقته. وكتبت صحيفة «هآرتس»، أمس، إن الشعور السائد في الجيش هو أن الفرصة قد ضاعت للإفادة من نتائج الحرب على غزة، وهناك حاجة لوضع خطة أخرى تلائم عقلية الحكومة القادمة في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو وأفيغدور لبرمان، المعروفين بموقفهما حول ضرورة تحطيم حكم حماس في غزة والقضاء على نفوذ هذه الحركة في صفوف الشعب الفلسطيني.