خادم الحرمين مثمنا جهود مبارك في الاتفاق الفلسطيني: مصر تصدت لدورها التاريخي

قال في رسالة للرئيس المصري: آن الأوان للفلسطينيين أن يقولوا لأمتهم العربية والإسلامية وللعالم أجمع بأنهم أكبر من الجراح وأعلى من الخصومة

TT

ثمن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز جهود الرئيس المصري محمد حسني مبارك، في التوصل إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، مبينا أن ما توصل إليه الرئيس مبارك مع الحركتين، يدل دلالة قاطعة «على أن مصر الشعب الحر الأبي، مصر العروبة والإسلام، وبقيادتكم الحكيمة، تصدت لدورها التاريخي المؤمل منها، حكومة وشعبا، وأثبتت، كما هي عادتها، عن عزمها المستمر على إيجاد الحل للخلاف الفلسطيني - الفلسطيني».

وعبر الملك عبد الله في رسالة بعث بها أمس للرئيس مبارك، لكافة الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس، عن سروره لتوصل الجميع لهذا الاتفاق، مبينا أنه تم فيه تحكيم العقل، ووحدة المصير، مشددا عليهم أن يقولوا لأمتهم العربية والإسلامية، بل وللعالم أجمع، بأنهم «أكبر من الجراح، وأعلى من الخصومة، والأقدر على المصالحة», وفيما يلي نص الرسالة: «فخامة الأخ العزيز الرئيس محمد حسني مبارك، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، يحفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

تلقيت ببالغ السرور خبر توصل فخامتكم مع أشقائنا في السلطة الفلسطينية، وإخواننا في حماس، والفصائل الفلسطينية، للطريق السليم، والصحيح، نحو الحل والمصالحة لما فيه الخير - إن شاء الله - لأشقائنا الفلسطينيين خاصة، وللأمة العربية والإسلامية عامة، ولا شك أن ما قام به فخامتكم من جهود، يدل دلالة قاطعة على أن مصر الشعب الحر الأبي، مصر العروبة والإسلام، وبقيادتكم الحكيمة، تصدت لدورها التاريخي المؤمل منها، حكومة وشعبا، وأثبتت، كما هي عادتها، عن عزمها المستمر على إيجاد الحل للخلاف الفلسطيني - الفلسطيني، ولم يعرف الملل، ولا الكلل، ولا الضعف، دربه إلى عقل القاهرة المتيقظ، وهذا من فضل الله عليكم، وعلى شعب مصر الشقيق، فهنيئا لفخامتكم ولأشقائنا في مصر، وهنيئا لنا بكم - بعد الله - عونا ونصيرا لقضايا أمتيكم العربية والإسلامية.

وأنتهز هذه الفرصة لأعبر لكل إخوتي وأشقائي في السلطة الفلسطينية، وفي مقدمتهم فخامة الأخ الرئيس محمود عباس، والإخوة في حماس، وجميع الفصائل الفلسطينية بلا استثناء، على هذا الإنجاز الذي حكم فيه العقل، إيمانا بالله، ثم بوحدة ومصير قضيتنا المشتركة، ونبذ غرائز النفس الأمارة بالسوء، وهوى الشيطان، وقد آن الأوان أن يقولوا لأمتهم العربية والإسلامية، بل وللعالم أجمع، بأنهم أكبر من الجراح، وأعلى من الخصومة، والأقدر على المصالحة، وأن وحدة الصف الفلسطيني، كلمة، وموقفا، هي كالصف المرصوص، يشد بعضه بعضا، ملبين نداء الحق، جل جلاله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).

نعم، سنقول وإياهم للعالم أجمع، بأن ضمير الحكمة، ومنطق العقل، كانا فرسي رهان، عجزت أن تلحق بهما، أو تثنيهما عقبات الطريق، وعثرات الحاقدين الكارهين لأمتنا العربية والإسلامية عن كسب رهان، الخاسرون فيه من لا يرجون لأمتنا العزة، ووحدة الصف، وبلوغ الهدف، فلهم منا جميعا كل الحب، موشحا بسعادة أشقائهم شعب المملكة العربية السعودية، مهنئينهم وأنفسنا بهذا الإنجاز الذي يستدعي تكاتف الجميع للوصول لحل نهائي سيحملنا جميعا إلى آفاق جديدة لمسيرتنا العربية المشتركة.

فخامة الأخ: إننا من خلال هذه الخطوة المباركة، نخاطب العالم كافة، ونقول لقادته وشعوبه: إن تحكيم العقل في كل خصومة، أو خلاف، أو عداوة، أمر من الضرورة بمكان، هدينا في ذلك تعاليم الرب - جل جلاله - والمنزلة على رسله وأنبيائه عليهم السلام، تلك الرسالات الخالدة خلود الحق، أمرت بتغليب الحوار على الخلاف، والمنطق على الهوى، والعقل على الجهالة، ولم تستثن أحدا من خلقه، بل استهدفت كل البشر، كما قال رب العزة والجلال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

وإننا لنأمل أن تجد هذا الدعوة الخيّرة، صدى في أرجاء المعمورة، حتى يجتمع الناس على كلمة سواء، تنبذ الشر وتحارب الإجرام والإرهاب، وتدعو إلى المحبة والتسامح، حتى تستيقظ الإنسانية - بإذن الله - على غد مشرق يعبق بشذى الأمن والأمان، والسلام والتعايش بين الأمم والشعوب. هذا ولله الحمد من قبل ومن بعد، ولكم يا فخامة الأخ، ولشعب مصر الشقيق، ولإخوتنا الفلسطينيين كافة، خالص مودتنا وتقديرنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم/ خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية».

من جانبه ثمّن الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين بالجامعة العربية السفير محمد صبيح، الجهد المصري - السعودي من أجل دعم القضية الفلسطينية، مؤكدا أن ما توصلت إليه القاهرة أمس بعد جهد وصبر لجمع الأطراف الفلسطينية، والاتفاق بصفة مبدئية على إطلاق الحوار، هو الأمر الذي خلق ارتياحا عاما في نفوس الفلسطينيين وفي قلوب وعقول أبناء الأمة.

وشدد صبيح في تصريح لوكالة الأنباء السعودية أمس، على أن الجهد المصري لقي دعما كبيرا من الأمة العربية وقادتها، وفي طليعتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود «الذي كان وما زال له مواقف شهد بها الجميع تتصف بالشجاعة وبعد النظر والحفاظ على المصلحة العربية العليا»، وقال «لا ننسى كيف فاجأ خادم الحرمين الشريفين القادة العرب في قمتهم الأخيرة بالكويت بمبادرته النبيلة والشجاعة لتحقيق المصالحة العربية، ومن هذا المنطلق جاءت رسالة خادم الحرمين الشريفين إلى أخيه فخامة الرئيس المصري حسني مبارك لدعم الدور المصري على طريق تحقيق المصالحة الفلسطينية».

وأضاف أن «خادم الحرمين الشريفين الآن يتابع ويدعم مع أشقائه قادة وملوك الدول العربية الموقف المصري، من أجل تحقيق المصالحة بما يساعد الأطراف الفلسطينية على رأب الصدع وإنهاء حالة الانقسام»، مؤكدا أن الموقف النبيل لخادم الحرمين الشريفين حاز تقدير جميع الأوساط العربية والدولية.

وأكد أن الجامعة العربية تثمن عاليا دور خادم الحرمين الشريفين، مشيرا إلى أن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، استهل جولاته العربية بزيارة للمملكة العربية السعودية، للقاء خادم الحرمين الشريفين، من أجل متابعة تنفيذ مبادرته لتنقية الأجواء العربية.

وأوضح صبيح، أن ما قام به خادم الحرمين الشريفين ليس بجديد، سواء على طريق المصالحة العربية أو تقديم الدعم المالي غير المسبوق للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس، وكذلك الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، مبرزا تحركات خادم الحرمين الشريفين للمّ الشمل العربي خاصة، وخلص السفير صبيح إلى القول بأن الموقف السعودي يحظى باحترام وثقة الجميع «وهو الطريق الصحيح للم الشمل العربي».