الخرطوم تعد الساعات.. ومواطنون يخزنون الأغذية تحسبا لأسوأ الاحتمالات

مسؤول التعبئة في الحزب الحاكم لـ«الشرق الأوسط»: المظاهرات ستخرج اليوم «لأن الجماهير معبأة منذ أمد بعيد ضد المحكمة»

سودانيات يحملن صور الرئيس البشير خلال مظاهرة أمس (رويترز)
TT

بدا أنه لم يبق للخرطوم سوى التأهب والانتظار، لما ستخبئها لها الساعات القادمة، حين يعلن قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قرارهم بشأن المذكرة المرفوعة من المدعي العام للمحكمة، في وقت سابق من العام الماضي، بتوقيف الرئيس عمر البشير بادعاء ارتكابه جرائم حرب في إقليم دارفور. وفيما بدت العاصمة السودانية أنها قد أعدت نفسها لأسوأ الاحتمالات، في وقت اتخذ السودانيون الحذر وأصبح المواطنون في العاصمة السودانية يشترون السلع الغذائية ويخزنونها في بيوتهم تحسباً لما قد يحدث.

وتحدى الرئيس عمر البشير المحكمة الجنائية ومن يساندونها، وجدد رفضه لأي قرار يصدر من المحكمة في حقه اليوم، وقال (قراراتهم المرتقبة عليهم أن «يموصوها ويشربوها»). فيما، أكد أكثر من مسؤول حكومي أن الأوضاع ستكون عادية اليوم مهما صدرت من قرارات من المحكمة، يلاحظ سكان الخرطوم حالة من الترقب والحذر، ولا يخفي بعض السكان تخوفهم من احتمالات بحدوث انفلات بسبب تداعيات لأي قرار يصدر من المحكمة، وقال «أحمد عبد الله» صاحب ورشة حدادة في الخرطوم لـ «الشرق الأوسط» إنه قد لا يقوم بفتح محله التجاري اليوم «من باب التحسب فقط». وعززت الشرطة من وجودها في المواقع الحساسة ومقار البعثات الدبلوماسية والسفارات في العاصمة الخرطوم. وفي خضم ترقبهم لما ستسفر عنه المحكمة اليوم، يعيد المواطنون في الخرطوم إلى أذهانهم تداعيات أعمال العنف التي شهدتها العاصمة الخرطوم على خلفية مقتل زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الدكتور جون قرنق في حادث تحطم طائرة، وأحداث الهجوم الذي نفذته حركة العدل والمساواة المسلحة في إقليم دارفور على مدينة أم درمان في مايو (أيار) الماضي.

وقال الدكتور إبراهيم غندور أمين التعبئة السياسية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم لـ«الشرق الأوسط» إن المظاهرات بشأن أي قرار سيصدر عن المحكمة ستخرج اليوم «لأن الجماهير معبأة منذ أمد بعيد ضد المحكمة»، معتبرا خروجها تعبيرا طبيعيا. وأكد مسئولان في أكبر بعثتين دوليتين في السودان واحدة لحفظ السلام في دارفور والثانية لمراقبة اتفاق السلام بين الشمال والجنوب لـ«الشرق الأوسط» أن البعثتين ستعملان اليوم بشكل عادي، كل في مجال اختصاصه، وقالا إن الموظفين في البعثتين سيحضران للعمل كالمعتاد، ونفيا قطعيا أن تكون رئاستا البعثتين قد عمما تحذيرات بعدم الخروج عن منازلهم اليوم تحسبا لما سيصدر عن المحكمة اليوم. غير أنه يلاحظ تعزيزات أمنية واضحة حول مواقع قوات وبعثة الأمم المتحدة لمراقبة السلام المعروفة بـ «يونمس» في الخرطوم. وأمام آلاف الجماهير التي احتشدت أمس للاحتفال بتدشين إنتاج كهرباء من سد مائي جديد في شمال السودان باسم «سد مروي» قطع الرئيس البشير بلهجة متشددة أن «القرارات الجائرة التي صدرت وستصدر من أعداء السودان لن تزيد أهل السودان إلا قوة ومنعة»، وقال إن «قراراتهم المرتقبة عليهم أن يموصوها ويشربوها»، بعد أن قدم سردا مسهبا لما أسماها المؤامرات التي تسعى إلى القضاء على حكومته وإنهاء مشروعات التنمية التي تعمل على إنجازها، وتحدى البشير أن قرارات المحكمة لن تشغل حكومته ولن توقف التنمية، وأضاف «سنرد عليهم اليوم بسد مروي وغدا بسد آخر».

وقال إن «الشعب السوداني شعب عزيز ولن يركع إلا لله مبينا أن الضغوط التي مورست على الحكومة من حصار اقتصادي وقرارات سياسية ظالمة كان القصد منها إيقاف عجلة التنمية التي انتظمت البلاد، وأكد أن السودان في ظل هذه التحديات استطاع أن يوقع على اتفاقيات السلام وإقامة مشروعات التنمية وسفلتة الطرق وإقامة شبكات اتصالات وتجاوز كل الصعاب باستخراج البترول وتصديره، وأعلن أن السودان بشهادة البنك الدولي يعد في مقدمة الدول الأسرع نموا في اقتصادها. وقاطعت الجماهير أكثر من مرة البشير مرددة هتافات مؤيدة له ومنددة بالمحكمة، على شاكلة: «الرد الرد ... بالسد السد»، في إشارة إلى أنها سترد على المحكمة الجنائية بافتتاح السد كمشروع تنموي في البلاد، وأحرقت الجماهير دمى مشوهة لمدعي المحكمة الجنائية الدولية موريس أوكامبو.

أكد البشير أن مشروع سد مروي يعد رسالة وردا عمليا على الجنائية وأعداء السودان الذين يريدون إيقاف مشروعات التنمية بالبلاد، واعتبر البشير أن مشروع سد مروي يعد مشروع القرن وبداية نهاية الفقر في السودان والانطلاقة الكبرى لبناء دولة السودان العظمي، حسب تعبيره.