مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: مبعوثونا لسورية أول اختبار حقيقي.. وعلاقاتها مع إيران ستبحث

واشنطن ترسل مبعوثين من وزارة الخارجية والبيت الأبيض لدمشق لأول مرة منذ 2005

TT

في أول اتصالات دبلوماسية مباشرة بين إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما وسورية، أعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أمس في القدس، خلال جولتها الاولى الى الشرق الأوسط، أن الولايات المتحدة ستوفد مسؤولين رسميين كبيرين إلى سورية. وقالت كلينتون «سنرسل ممثلا عن وزارة الخارجية وآخر عن البيت الابيض لبحث المسائل الثنائية مع سورية». وأوضحت ان المسؤولين سيبحثان مع السلطات السورية «عددا من المسائل» التي تهم البلدين. وقالت هيلاري كلينتون أن المبعوثين، وهما جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية بالوكالة لشؤون الشرق الأوسط، ودانيال شابيرو مستشار الامن القومي للشرق الاوسط في البيت الابيض اللذين يرافقانها في جولتها الحالية، سيتوجهان الى دمشق مباشرة بعد انتهاء زيارة كلينتون الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية اليوم. وأوضحت الوزيرة الأميركية أن إرسال فلتمان وشابيرو الى دمشق يأتي في إطار مساعي أميركا للتواصل مع الدول التي تعاني علاقاتها مع واشنطن من التوترات، موضحة: «بدء محادثات تمهيدية مع سورية جهد جدير بالاهتمام»، مشيرة إلى تاريخ العلاقات المضطربة بين واشنطن ودمشق والى دور سورية المتداخل في الكثير من قضايا المنطقة. وتابعت كلينتون بعد لقائها مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني أمس: «نحن لا نتباحث مع سورية بهدف التباحث. يجب ان يكون لديهم هدف، كما يجب أن تكون هناك مكاسب لاميركا وحلفائها من الحوار». وسعت كلينتون للتقليل من التوقعات من إرسال المبعوثين الأميركيين بسبب تعقد العلاقات الأميركية – السورية، وكثرة القضايا وتشابكها، موضحة: «ليست هناك إمكانية للتنبؤ بمستقبل العلاقات مع سورية، أو كيف ستكون»، مشددة على أن إرسال مبعوثين لدمشق لا يعد تغييرا في المبادئ الأساسية لسياسة واشنطن حيال سورية. وتابعت: «نحن نحاول التواصل مع الجميع لتحديد ما إذا كانت هناك اى مجالات للتعاون والتواصل البناء. وهذا يشمل سورية». وأضافت: «هذا شيء نابع من قلبي، وليس فقط من وظيفتي»، مشيرة إلى جهود زوجها الرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وقال مصدر أميركي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن إرسال فلتمان وشابيرو بحد ذاته يعكس تطورا إيجابيا في العلاقات الاميركية -السورية، موضحا: «هناك بلا شك بداية تحسن. إلا أنه من المبكر استنتاج كيف ستثير الأمور». وأوضح المسؤول الاميركي، الذي لا يريد الكشف عن هويته، أن قرار الادارة الاميركية إرسال مبعوثين إلى دمشق جاء على خلفية زيارة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي جون كيري الى دمشق الذي رجع لواشنطن برسالة مفادها أن: «سورية راغبة في التعاون مع اميركا وراغبة في تحسين العلاقات وفتح باب الحوار المباشر ومناقشة كل القضايا التي تهم الجانبين، وهى عبرت عن هذا. وعلى أميركا أن تظهر هي الأخرى رغبة في الحوار مع دمشق». وأشار المسؤول الى أن كيري قال للمسؤولين في ادارة اوباما ان سورية قالت إنها يمكن أن تساعد في حل الخلافات بين فتح وحماس ومساعي تشكيل حكومة وحدة وطنية، وحل أزمة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وأوضح المسؤول الاميركي: «لا مجال لإثبات صحة الوعود السورية، سوى بوضع دمشق موضع الاختبار والحكم على ما إذا كانت فعلا جادة في تغيير سياساتها»، مشيرا إلى أن زيارة المسؤولين الأميركيين هي «اختبار للنوايا والوعود» أكثر منه «دليل على تحسن في العلاقات». وقال المسؤول الأميركي إن فلتمان وشابيرو سيبحثان عددا من القضايا على رأسها ما يمكن ان تقدمه دمشق لتحقيق مصالحة فلسطينية بين فتح وحماس وتشكيل حكومة وحدة فلسطينية تمهيدا لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، موضحا أيضا ان العلاقات بين إيران وسورية ستكون ايضا من ضمن القضايا الاساسية التي ستناقش، موضحا: «الهدف هو تغيير السلوك السوري في الكثير من القضايا التي تهمنا. هذا هو هدفنا. إذا غيرت دمشق سلوكها سيكون ذلك بمثابة مرحلة جديدة من العلاقات معها». وفلتمان هو السفير الاميركي السابق في بيروت ومساعد بالوكالة لوزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى. أما شابيرو فهو المشرف على سياسات الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي الاميركي، وأحد مستشاري أوباما لشؤون الشرق الأوسط. وكلاهما من الدائرة التي تحدد السياسة الاميركية الخارجية حيال الشرق الاوسط التي تشمل جيمس جونز مستشار الامن القومي الاميركي بخبرته الشرق أوسطية ومعرفته بالجوانب الامنية في المسألة الفلسطينية، وهيلاري كلينتون. وتأتي زياراتهما المرتقبة بعد زيارة عدد من أعضاء الكونغرس الاميركي الى دمشق مؤخرا ومن بينهم كيري، كما تأتي بعد لقاء فلتمان مع السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى يوم 26 فبراير (شباط) الماضي بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأميركية. وهذه أول وأهم زيارة يقوم بها مسؤول في الإدارة الأميركية منذ الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الأميركية بيل بيرنز إلى دمشق عام 2005، وأدت إلى توتير العلاقات بين البلدين وسحب سفيرة الولايات المتحدة في دمشق مارجريت سكوبي. وتزامن مع إعلان أنقرة رغبة دمشق في استئناف مسار السلام مع اسرائيل، إعلان وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ان وزير الاسكان الايراني سعيدي كيا، سلم لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع في دمشق أمس رسالة موجهة من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى نظيره السوري بشار الاسد. وذكرت الوكالة أن الشرع وكيا بحثا «آخر المستجدات السياسية وتطورات الاوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين»، كما أضافت أنهما تطرقا إلى «الآثار الخطيرة للعدوان الاسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني في غزة وضرورة انهاء المعاناة التي يتعرض لها والمساهمة في اعادة اعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي في غزة». ونقلت «سانا» عن الوزير الايراني قوله انه «جرى التأكيد خلال الاجتماع على ضرورة تعزيز وتوطيد التعاون بين البلدين».