محاكم ومتهمون: رؤساء سابقون ملاحقون من قبل القضاء الدولي.. وتايلور على رأسهم

محاكم دولية في نورمبرغ وطوكيو.. للحرب العالمية الأولى.. ثم يوغوسلافيا ورواندا وسيراليون

TT

فقد شهد المجتمع الدولي العديد من المحاكم الدولية التي أنشئت لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الأولى، وإن اختلفت أشكال هذه المحاكم والإطار الذي أنشئت فيه. غير أن الجديد في هذا الأمر حال صدور القرار المتعلق بالرئيس السوداني، هو أن البشير سيكون أول رئيس يصدر في حقه مثل هذا الأمر وهو في السلطة.

* تشارلز تايلور: اتهم الرئيس الليبيري في مارس (آذار) 2003 بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية في سيراليون التي أدت إلى مقتل 120 ألف شخص بين 1991 و2001. وكان تايلور الذي انتخب رئيسا في 1997، استقال في أغسطس (آب) 2003 وانتقل للإقامة في المنفي في نيجيريا، حيث اعتقل في مارس (آذار) 2006. وهو يحاكم منذ يونيو (حزيران) 2007 أمام المحكمة الخاصة بسيراليون. ويفترض أن تنتهي محاكمته التي انتقلت من فريتاون إلى لاهاي لأسباب أمنية، في نهاية السنة الحالية.

* سلوبودان ميلوسيفيتش: اتهمت محكمة الجزاء الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش في مايو (أيار) 1999 بارتكاب إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في البوسنة وكوسوفو وكرواتيا بين 1991 و1999. وقد هزم في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر (أيلول) 2000 وسلم إلى المحكمة في يونيو 2001. توفي ميلوسيفيتش في 11 مارس 2006 في سجنه بينما كانت محاكمته جارية منذ فبراير (شباط) 2002 في لاهاي.

* ميلان ميلوتينوفيتش: اتهمت المحكمة رسميا في مايو 1999، رئيس صربيا من ديسمبر (كانون الأول) 1997 إلى ديسمبر 2002. وقد استسلم لمحكمة الجزاء الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في يناير (كانون الثاني) 2003. ومثل الحليف السابق لسلوبودان ميلوسيفيتش مع خمسة متهمين آخرين من يوليو (تموز) 2006 إلى أغسطس (آب) 2008 أمام المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب كوسوفو (1998-1999). وكان المدعي طلب الحكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين عشرين عاما ومدى الحياة. وتمت تبرئة ميلوتينوفيتش في 26 فبراير (شباط) الماضي، وحكم على المتهمين الآخرين بالسجن بين 15 و22 عاما.

* المحاكم الجنائية:

- بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وما خلفته من دمار وضحايا بالآلاف، تعالت الأصوات لإنشاء محكمة جنائية دولية لمعاقبة مجرمي الحرب، وإثر ذلك اتجه المنتصرون إلى إنشاء لجان تحقيقية منها «لجنة تحديد مسؤوليات مبتدئي الحرب ومعاقبة مجرمي الحرب الألمان». كما نصت معاهدة فرساي عام 1919 على تحميل الإمبراطور الألماني غليوم الثاني المسؤولية الجنائية الدولية وأحالته إلى الحلفاء لمحاكمته، لكن الظروف السياسية حالت دون محاكمته، حيث حصل على حق اللجوء السياسي في هولندا، ورفضت هولندا تسليمه حتى توفي عام 1941.

- بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، شكل الحلفاء المنتصرون عدة محاكم جنائية دولية مؤقتة لمحاكمة قادة دول المحور، من أبرزها محكمة نورمبرغ ومحكمة طوكيو، فبعد استسلام هزيمة ألمانيا واليابان في الحرب، عقدت اتفاقية في لندن في أغسطس (آب) 1945، تم بمقتضاها إنشاء محكمة عسكرية دولية عليا لمحاكمة مجرمي الحرب وقد عقدت هذه المحكمة جلساتها في مدينة نورمبرغ الألمانية الجنوبية وحكمت بالإعدام على عدد من القادة النازيين الألمان أبرزهم المارشال هرمان، وفون وينشيروب، والفرد روزنبرغ.

- فيما يتعلق باليابان فقد أصدر القائد العام لقوات الحلفاء في اليابان، قرارا في يناير (كانون الثاني) 1946 بإنشاء محكمة عسكرية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب اليابانيين، وقد أطلق على هذه المحكمة محكمة طوكيو، وقد أصدرت المحكمة في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 1948 عدة أحكام منها 6 بالإعدام.

- بدورها أدت الأحداث الدولية الدامية التي حدثت بعد انهيار جمهورية يوغسلافيا السابقة، وما ارتكب من جرائم التطهير العرقي وعمليات إبادة جماعية، إلى أن يصدر مجلس الأمن قراراً في 22 فبراير (شباط) 1993 يقضي بإنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة المتهمين عن الانتهاكات في يوغسلافيا منذ عام 1991. - أما عن جرائم الحرب في أفريقيا، فقد أنشأ مجلس الأمن المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا عام 1994، لكي تتولى إجراءات التحقيق والمحاكمة فيما يخص جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتُكبت في رواندا خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) 1994، والتي حصدت أرواح أكثر من مليون ونصف المليون شخص من قبائل (التوتسي والهوتو)، ويوجد مقر دائرة المحاكمات في مدينة أروشا بتنزانيا، بينما يوجد مقر دائرة الاستئناف في لاهاي، ومنذ إنشاء هذه المحكمة بدأت اتخاذ إجراءات قضائية ضد ما يزيد على 50 شخصاً من المشتبه بهم. وبالرغم من أن هؤلاء الأشخاص لا يزالون مطلقي السراح، فقد قرر مجلس الأمن الدولي أن ينتهي عمل المحكمة بحلول عام 2010.

- وفي أفريقيا أيضاً أنشأت الأمم المتحدة وحكومة سيراليون «المحكمة الخاصة بسيراليون» لكي تتولي إجراءات التحقيق والمحاكمة فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتُكبت في سيراليون منذ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1996. ويقع مقر المحكمة في مدينة فريتاون بسيراليون، حيث بدأت في اتخاذ إجراءات قضائية ضد 13 شخصاً. غير أن قضية واحدة من هذه المحاكمات نقلت إلى لاهاي بهولندا، وهي الخاصة بالرئيس الليبيري تشارلز تايلور.

- كما كلفت السنغال الاتحاد الأفريقي في يوليو (تموز) 2006 باستضافة محاكمة الرئيس التشادي السابق حسين حبري الذي تولي الحكم بين 1982 و1990 ولجأ إلى السنغال بعد الإطاحة به في ديسمبر (كانون الأول) 1990. ويلاحق حبري بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في عمليات تعذيب، كما يواجه حسين حبري أيضا تحقيقا قضائيا في بلجيكا.

- وعلى الساحة العربية، انطلقت في 1 مارس (آذار) الجاري المحكمة الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في مدينة لايدشندام الهولندية الواقعة في ضواحي لاهاي، حيث سيقوم 11 قاضيا، بينهم أربعة لبنانيين، بمحاكمة أربعة لبنانيين موقوفين حتى الآن على خلفية الجريمة، وهم: المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، والمدير السابق لمخابرات الجيش العميد ريمون عازار، وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان.

* شارك في الإعداد: محمد عبده حسنين من وحدة أبحاث «الشرق الأوسط» بالقاهرة