مسؤول فرنسي سابق: التفكير بفك تحالف طهران ودمشق عبثي

قال إن تأثير طهران في دمشق يتجاوز السياسة

TT

قال إيف أوبان دو لا ميسوزيير المدير السابق لدائرة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية إن الذين يداعبهم حلم إبعاد سورية عن إيران «واهمون» لا بل إن «حلمهم عبثي» في إشارة إلى المساعي الغربية والإسرائيلية الساعية إلى فك التحالف الوثيق القائم بين دمشق وطهران.

ويعمل دو لا ميسوزيير، السفير السابق، الذي يعتبر أحد أبرز الخبراء في موضوع الشرق الأوسط باحثا في معهد العلوم السياسية الفرنسية في باريس وقام بمهمات عديدة في المنطقة آخرها بعد الحرب الإسرائيلية على غزة حيث التقى بقادة حماس لساعات طويلة. ووصف دو لا ميسوزيير الذي كان يتحدث أمس في باريس بدعوة من نادي الصحافة العربية، العلاقات القائمة بين سورية و دمشق بأنها «تحالف استراتيجي» مؤكدا أن التأثير الإيراني في سورية «لا يلمس فقط في الجوانب السياسية والاقتصادية بل في كل مناحي الحياة بما فيها الثقافية والاجتماعية وغيرها». وبالنظر إلى الدور المتصاعد لطهران في المنطقة، رأى الدبلوماسي السابق أن إيران يمكن أن توصف بـ«القوة المتوسطية». وفي سياق مواز، لم يستبعد دو لا ميسوزيير أن تشهد الأسابيع القادمة وبعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة عودة ملف المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية إلى الواجهة باعتباره أحد «المخارج» التي يستطيع زعيم الليكود بنيامين نتنياهو المكلف تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة اللجوء إليها للهرب من الملف الفلسطيني ومن الضغوط الأميركية التي يرجح أن تمارس عليه لحمله إلى العودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين وتقديم تنازلات. أما المخرج الثاني فيتمثل بالملف الإيراني وهو ما ظهر في لقاء نتنياهو بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حيث جعل الأول «الخطر النووي الإيراني» أولى الأولويات التي يتعين على إسرائيل التصدي لها. وسبق لنتنياهو أن أبلغ مسؤولين فرنسيين أن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين «أمر مستبعد بسبب التشدد الفلسطيني وهو ما يدل عليه تاريخ المفاوضات». ولذا يقترح نتنياهو التركيز أولا على «السلام الاقتصادي» و«تحسين الأحوال المعيشية وفتح الطرقات ورفع الحواجز وتسهيل الحركة» للفلسطينيين على أن ينظر في فرص التسوية «بعد عشرة أو خمسة عشر عاما». وفي سياق هذه الرؤية، يتساءل دو لا ميسوزيير عن «حقيقة» الخطة الإسرائيلية التي يعرض اثنين من ملامحها: تكريس حقيقة الانقسام الفلسطيني عبر كيانين غير متصلين هما غزة والضفة وترك حماس متحكمة بغزة على أن تطبق إسرائيل تجاهها سياسة الاحتواء أي الاستمرار بمحاصرة القطاع بشكل أو بآخر والرد العسكري على كل «انتهاك» فلسطيني بضرب غزة.

ويطرح دو لا ميسوزيير الذي يعرف جيدا السياسة الأميركية وتحولاتها في المنطقة تساؤلات حول «حقيقة» الالتزام الأميركي بالبحث عن حل سياسي للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي رغم تعيين جورج ميتشل مبعوثا خاصا وجولة كلينتون في المنطقة. ويشكك دو لا ميسوزيير بجانبين من السياسة الأميركية: الفترة الزمنية التي سيبقى لملف الشرق الأوسط خلالها الأولوية والثاني «منهج» التعامل الأميركي حيث تؤكد واشنطن أن دورها «ليس فرض «الحل» بل الاستماع». وفيما يتساءل عن الصلاحيات الحقيقية لميتشل فإنه يبدي تخوفا من الدور الذي يمكن أن يلعبه الكونغرس الأميركي في «لجم» سياسة أوباما إذا اعتبرتها إسرائيل «محابية» للعرب.

وحتى الآن، يرى السفير الفرنسي السابق أن أهداف واشنطن الآنية في غزة تتمثل في الوصول إلى «استقرار» الوضع فيها ووضع حد لتهريب السلاح وفتح المعابر كلها بوجه المساعدات الإنسانية وإعادة البناء والنهوض الاقتصادي وعدم إعاقة المصالحة الفلسطينية وقيام حكومة وحدة لا تعني بالضرورة وجود شخصيات بارزة من حماس فيها. والحل برأي دو لا ميسوزيير هو حكومة تكنوقراطية ـ سياسية لا تضم وجوها من الصف الأول وتحظى بالدعم السياسي من كل الأطراف بحيث تنهج خطا مغايرا لخط الرئيس بوش الذي يتهمه كما يتهم وزيرة الخارجية السابقة رايس بـ«نسف مساعي المصالحة والمبادرة اليمنية» عبر تهديد أبو مازن بوضع حد لمسار أنابوليس إذا تصالح مع حماس. وانتقد دو لا ميسوزيير الدول والجهات التي تجعل من ميثاق حماس «فزاعة» لرفض التعاطي معها ليؤكد أن الخط الآيديولوجي لحماس قد تغير وأن مسؤولين فيها أبلغوه كما أبلغوا آخرين استعدادهم لقبول دولة فلسطينية في حدود عام 1967. وأشار السفير السابق لقول خالد مشعل إنه يقبل سلفا نتيجة استفتاء على اتفاق سلام مع إسرائيل يقول بقيام دولة فلسطينية ما يفتح الباب لإمكانية الحوار مع حماس. وتدعو باريس الحركة لإعلان قبولها مبادرة السلام العربية مخرجا من الطريق المسدود باعتبار أن قبول المبادرة المذكورة أكثر سهولة بالنسبة إليها من قبول شروط الرباعية الثلاثة «الاعتراف بإسرائيل ووقف العنف وقبول الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير».