الجلبي لـ«الشرق الأوسط»: أميركا ستخرج من العراق لأسبابها الداخلية وليس لأننا نريدهم أن يخرجوا

رئيس المؤتمر الوطني العراقي: ساستنا كمن يمشي على الحبل في السيرك.. وواشنطن كانت بمثابة الشبكة الواقية لهم

د. احمد الجلبي («الشرق الأوسط»)
TT

كلما خرج الدكتور احمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي، من معركة سياسية، سواء كانت تخص الانتخابات أو البرلمان أو الحكومة، يبدو أكثر تفاؤلا وابتسامة، وهو يوضح ذلك بسهولة، قائلا« كوني لا أسعى إلى السلطة بل إلى بناء العراق والإنسان العراقي والحفاظ على الحياة الديمقراطية والدستورية».

الجلبي الذي حاورته «الشرق الأوسط» في لندن وخلال إجازة قصيرة ألقى خلالها محاضرة في جامعة أكسفورد عن الأوضاع في العراق، شدد على أهمية أن تكون هناك ائتلافات وتوافقات سياسية ذات برامج انتخابية واضحة»، مؤكدا «نحن لسنا بحاجة إلى الشرذمة السياسية بل نحن بحاجة إلى اللملمة السياسية والدخول إلى الانتخابات على شكل ائتلافات سياسية وحسب برامج انتخابية، وأنا أشجع أن تكون ائتلافات واتفاقات سياسية بين الإطراف السياسية العاملة في الساحة العراقية حيث تدخل انتخابات بعدد قليل من القوائم وليس بمئات القوائم وعشرات الآلاف من المرشحين». وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تقرأ نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي جرت أخيرا في العراق؟

ـ النتائج واضحة وهي تعكس صورة الشرذمة السياسية في العراق، لم يربح احد في هذه الانتخابات، النتائج جاءت نسبية، فالقوائم التي حصلت على عدد من الأصوات في هذه المحافظة لم تحصل على أصوات في محافظات أخرى، كما أن عدد المصوتين كان اقل بكثير من النسب التي أعلنت وظاهرة الشرذمة السياسية واضحة اليوم في العراق، وهذا سوف ينعكس على تشكيلة وعمل مجالس المحافظات، ستكون مجالس غير متجانسة، وستشهد الكثير من المشاكل. وما هو جيد في نتائج هذه الانتخابات هو أن العراقيين اثبتوا أنهم في الوقت الذي لم يكونوا راضين عن حكم معين يستطيعون تغييره، واتضح للعراقيين أنهم فعلا قادرون وبأصواتهم تغيير من يحكمهم.

* ما هي التحديات التي ستواجه مجالس المحافظات الجديدة؟

ـ أبرز المشاكل أو التحديات هي المشكلة الاقتصادية التي يعيشها البلد، فالميزانية الحالية مبنية على دخل أساسه أن يصدر العراق مليوني برميل نفط يوميا بسعر 50 دولارا أميركيا للبرميل الواحد، وهذا لن يتحقق فالعراق لن يستطيع تصدير مليوني برميل يوميا، وسعر البرميل أدنى من الأربعين دولارا. حسب تقديرات المسؤولين فإن العراق إذا صدر مليوني برميل وبسعر 50 دولارا فهذا يعني أن الدخل سيكون مائة مليون دولار يوميا، حينئذ سيكون دخل العراق 50 مليون دولار يوميا فهذا رقم متفائل. بناء على واقع الأسعار وحجم التصدير فإن العجز بالميزانية سيكون أكثر من 20 مليار دولار، والآن سيتم تخفيض الميزانية إلى اقل من 60 مليار دولار. وحسب واقع أسعار النفط فإن العجز سيبلغ نصف الميزانية، وإذا حسبنا أن 80% من الميزانية المقترحة هي للنفقات التشغيلية و 20% للنفقات الاستثمارية، فماذا سيبقى، وماذا سنفعل؟ هذا كله سينعكس على عمل مجالس المحافظات.

* وماذا عن ميزانية العام الماضي، حيث كانت ميزانية ضخمة تجاوزت 80 مليار دولار وحسب تصريحات حكومية فإن غالبيتها عادت إلى الخزينة ولم تصرف؟

ـ هذه نقطة أساسية، نحن اليوم نعول على ما تبقى من ميزانية العام الماضي التي كانت ميزانية انفجارية لتحسين الوضع الاقتصادي ولم تصرف الأموال، طيب ماذا سنفعل في العام المقبل، الأزمة الاقتصادية العالمية باقية ونرى الانهيارات في البورصة خلال الأيام القليلة الماضية كبيرة جدا. وهذا الوضع بالتأكيد سوف ينعكس على الأوضاع الاقتصادية في العراق، فماذا سنفعل؟ نحن بحاجة إلى إدارة فاعلة مبنية على الكفاءة، والإخلاص للوطن وليس فقط الإخلاص للحزب.

* هل تعتقد أن نتائج انتخابات مجالس المحافظات تعكس ما سيحدث في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- لا، أنا لا أعتقد هذا الشيء، ولكني أعتقد بأن الناس شعرت بمدى قدرتها على التغير، وتشجعت على ممارسة دورها الديمقراطي. نحن لسنا بحاجة إلى الشرذمة السياسية بل نحن بحاجة إلى اللملمة السياسية والدخول إلى الانتخابات على شكل ائتلافات سياسية وحسب برامج انتخابية. وأنا أشجع أن تكون ائتلافات واتفاقات سياسية بين الأطراف السياسية العاملة في الساحة العراقية، حيث تدخل انتخابات بعدد قليل من القوائم وليس بمئات القوائم وعشرات الآلاف من المرشحين كما حصل في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، هذا الموضوع يجب أن يدرس وعلى القادة السياسيين أن يفهموا أن الموضوع ليس هدفه الفوز الحزبي، ولكن هو الدفاع عن الوضع الديمقراطي في العراق. العراق دولة مهمة جدا ولا يمكن أن يبقى الحال على هذا الشكل، وعدم وجود عراق قوي يخلق فراغا في المنطقة وهذا الفراغ يجب أن يملأ خاصة بعد خروج الأميركان من البلد.

* هل تعتقد أنه تم تكريس ما يسمى بالحياة الديمقراطية أو الشعور بالديمقراطية، أم أن هذه هي البداية؟

- نحن في بداية الطريق، والمجتمعات لا تتعلم إلا بثمن والشعب العراقي دفع ثمنا كبيرا، الانتخابات النيابية الأولى كانت مبنية على الطائفية،وهذه الانتخابات مبنية على قضية الأمن وتحقيقه، أما الانتخابات المقبلة فستكون مبنية على أسس اقتصادية وتحسين حالة الناس، نرى اليوم وبعد ست سنوات من سقوط صدام حسين أن حالة الشعب العراقي صعبة جدا من نواحي الخدمات وفرص العمل والسكن وغيرها، هذا الوضع لا يمكن أن يستمر هكذا، ونحن بحاجة لان نتفاهم فيما بيننا كعراقيين للتعامل مع خروج الأميركان.

* هل تعتقد بأن الإدارة الأميركية جادة في سحب قواتها من العراق؟

- نعم القوات الأميركية سوف تخرج من العراق، وأنا أتحدث عن هذا الموضوع منذ عامين وأقول إن الأميركيين سوف يتركون العراق، ولم يكن احد يصدق ما كنت أقوله، الأميركيون سيخرجون ليس بسبب أننا نريدهم أو لا نريدهم بل سيخرجون لأسبابهم الداخلية في أميركا، نحن توقعنا حول السياسة الأميركية هي أن تتصرف إدارة الولايات المتحدة حسب مصالحها كما نقيمها نحن، هذا التصور خطأ كبير، أميركا تتصرف حسب مصلحة السياسيين داخل أميركا ونظرتهم إلى مصالحهم داخل أميركا. الآن هناك مشاكل داخلية في أميركا، وعجز الميزانية بلغ نسبة هائلة، في ميزانية 2010 التي طرحها الرئيس اوباما فيها عجز يبلغ 27%، وهي أعلى نسبة عجز منذ الحرب العالمية الثانية، هذه المسائل خطيرة جدا بالنسبة للإدارة الأميركية، وهذا ما يقرر كيف ستتصرف الإدارة الأميركية، وأيضا الأموال التي خطط اوباما لتوفيرها تأتي من التقشف في التغطية الكبيرة للنفقات العسكرية في أفغانستان والعراق. نعم الأميركيون سيتركون العراق بالتأكيد، ويجب أن نتداول في موضوع إدارة العراق فيما بيننا وكيف ندافع عن وطننا، نحن ليس لنا جيش كبير يدافع عن البلد ولا أجهزة مخابرات أو استخبارات تستطيع كشف ما يجري حولنا ولهذا علينا أن نفكر كيف نتعامل مع هذا الوضع ونعتمد على الشعب وعلى التفاهم بين القوى السياسية.

* ما هي الصورة التي ترسمها في ذهنك عن الوضع في العراق بعد خروج القوات الأميركية؟

- هناك إخطار حقيقية تهدد العراق، أولها تجدد القتال في المجتمع العراقي، واعتقد أن هذا ينحسر بشكل قوي، وأنا أتحدث عن الخلاف أو الاقتتال الطائفي حيث بدأ يطغي عليه الشعور الوطني، أنا استبعد أن تكون هناك حروب طائفية إذا كان هناك اتفاق سياسي، أما الخطر الثاني فهو وجود مشاكل بين الدولة المركزية وإقليم كردستان، واعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى حلول لهذا الموضوع بعيدا عن المهاترات والمزايدات، واعتقد أن في العراق متسعا لكل القوميات والأقليات المكونة للمجتمع العراقي. لا يمكن أن يكون هذا البلد حاضنة لدولة كردية مستقلة ضمن دولة العراق، واعتقد أن الأطراف الكردية بدأت تفهم أن طموحاتها نحو الاستقلال لا يمكن أن تتحقق ضمن الدولة العراقية بهذا الشكل الذي يحاولون التصرف وفقه، في ذات الوقت على الشعب العراقي أن يفهم وبشكل جدي مخاوف الأكراد من التاريخ ومما حصل لهم، الأكراد تعرضوا لإبادة جنس من قبل نظام صدام، كما أنهم تعرضوا للقتل من قبل جميع الحكومات العراقية، بشكل وبآخر منذ أكثر من ثمانين عاما، أي منذ تأسيس العراق وحتى صدام، وعلينا أن لا ننسى بان الأكراد وفروا حاضنة لعمل المعارضة العراقية ضد نظام صدام حتى مع وجود المشاكل، وعلينا أن نفهم هذا الأمر، ونحن نستطيع حل قضية كردستان بشكل متوازن. أما النقطة الأخطر والأكثر أهمية فهي مسألة إدارة الدولة.

* تحدثت عن العلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، ما هي نظرتكم لحل الإشكالات فيما بين الحكومة والإقليم؟

ـ في الدستور العراقي بنود مهمة للحفاظ على حقوق الشعب الكردي ونحن يجب أن لا نتنازل عن الدستور. وفي المقابل على الأطراف الكردية أن لا تتجاوز الدستور ويجب أن نصل إلى حلول معقولة تحمي جميع الأطراف. مثلا في هذه الفترة عندنا ضيق بتصدير النفط، فإذا كان هناك في إقليم كردستان بالإمكان تصدير 50 ألف برميل نفط من حقول الإقليم بالاتفاق مع حكومة الإقليم، وهناك مثل هذه الكمية متوفرة في الإقليم، هذه الكمية ثمنها حسب الأسعار السائدة 300 مليون دولار شهريا، وهذا مبلغ مهم لكنه معطل بسبب عدم وجود اتفاق بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم حول هذا الموضوع، نحن نستطيع أن نصل إلى حلول، بل إن قوى الشعب العراقي تطالب للوصول إلى حلول لحماية العراق وزيادة إمكانياته.

* لكن مطالبة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بإجراء تعديلات دستورية تثلم من صلاحيات إقليم كردستان لصالح تقوية الحكومة المركزية تقلق الأكراد كثيرا، كيف تنظرون إلى هذه القضية؟

- بالتأكيد تقلق الأكراد، ولكن كيف لرئيس الحكومة أن يمرر التعديلات الدستورية؟ هناك مسألة مهمة في الدستور وهي يجب أن يجري استفتاء عام على أي تعديل دستوري، والاستفتاء يجب أن لا تعارضه أكثرية الثلثين في ثلاث محافظات عراقية وإلا لن يتحقق، وهذا يعني انه من الصعب أن تعدل أي شيء في الدستور من دون موافقة الأطراف القومية والمذهبية في العراق، وهذه المسألة وجدت لحماية الدستور، فإذا كان الأكراد غير راضين عن إجراء التعديلات الدستورية فلن يجري أي تعديل.

* هل تعتقد أن الإدارة الأميركية هي التي تدير العراق اليوم؟

ـ أقول لك شيئا، لقد تعاملت الإدارة الأميركية مع السياسيين العراقيين كما لو كانوا جميعهم في فرقة عروض السيرك. الساسة العراقيون كمن يمشي على الحبل في السيرك، والادارة الأميركية كانت بمثابة الشبكة الواقية التي توضع تحت من يؤدون أعمال خطرة داخل السيرك، فإذا سقط أي شخص من على الحبل فسوف تتلقفه هذه الشبكة بأمان، هذه الشبكة سوف تختفي، اعتقد أن الحبل يجب أن يزول والرغبة بالتمسك بمواقف بعيدة عن التفاهم يجب أن تخف، وسوف تخف على ما اعتقد، ويجب أن لا ننسى أننا كنا قد تمكنا من تحقيق وحدة مهمة بين قوى المعارضة التي مكنتنا من إسقاط نظام صدام، هذا الانجاز بدأ يتبعثر بسبب الحكم الذي اعتقدت الأطراف السياسية انه الجائزة التي يجب أن تحصل عليها. وبعدما عشناه خلال السنوات الست الماضية أقول يجب على القادة السياسيين أن يعيدوا وجهات نظرهم بأنفسهم، يجب أن نتخلى عن مبدأ «الإمارة ولو على الحجارة»، نحن نريد أن نبني العراق ونحقق آمال شعبنا، هذه الأمور لا تتحدد بالمشاكل الحزبية، واليوم نرى أن مجلس النواب انتخب على أساس القوائم، ولنأخذ الائتلاف(العراقي الموحد برئاسة عبد العزيز الحكيم ـ شيعي) والتوافق( جبهة التوافق العراقية برئاسة عدنان الدليمي ـ سنية)، وانتخبا بشكل كبير على أساس طائفي، لننظر اليوم إلى الائتلاف والى التوافق، حصلت مشاكل وشرذمة داخل الائتلاف أدت إلى تفككه، وهناك مشاكل كبيرة فيما بينهم، وكذلك هذا ما حدث في جبهة التوافق، هذا حدث داخل القوائم التي رشحت على أساس أنها قوائم متحدة، هذه ظاهرة خطيرة ومهمة، نحن يجب أن نسعى إلى ائتلافات تتم حسب برامج وأسس وطنية.

* هل تعتقدون أن نتائج انتخابات مجالس المحافظات قد رسمت صورة لانحسار الأحزاب الإسلامية لصالح العلمانية؟

ـ إذا جمعنا عدد الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الإسلامية لوجدناها اقل من 3 ملايين صوت، بينما حصلوا في الانتخابات الماضية على 5 ملايين صوت، فعلا هناك انحسار في التصويت للأحزاب الإسلامية التي هي في السلطة، ليست لأنها أحزاب إسلامية، بل لأنهم في السلطة ولم ينجحوا في الإدارة، هذه قضية مهمة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار.

* إذن ما هو تفسيرك لضعف التيار الوطني الوسط، الذي يمثله إياد علاوي وأنتم والأكراد؟

ـ أنا لا اعتقد أن هناك ضعفا في التيار الوطني الوسط ، المسالة هو أن الذي حدث أن هناك من يصوت في العراق لرئيس الوزراء او للحكومة، ولو أخذنا مجموع الأصوات التي كان قد حصل عليها إياد علاوي في الانتخابات النيابية عندما كان رئيسا للحكومة هي ذات النسبة التي حصل عليها رئيس الوزراء، المالكي، في انتخابات مجالس المحافظات، وما تبقى من الأصوات اتجهت إلى أطراف كثيرة، وإذا جمعنا الأصوات التي حصلت عليها الاطراف التي هي خارج السلطة، سنجد أنها أكثر من مجموع الأصوات التي انتخبت من هم داخل السلطة، والخطأ هو في تركيبة الانتخابات والقوائم وليس في تركيبة الأحزاب، كان هناك تصور في العراق أن العلماني هو ضد الإسلام وهذه الدعاية تم بثها بشكل كبير. لنعد إلى انتخابات الجمعية الوطنية، أول انتخابات برلمانية بعد سقوط نظام صدام حسين، كان هناك 20% من أعضاء الائتلاف العراقي الموحد، الذي ساهمنا في تشكيله، من غير الإسلاميين أو ليس من الأحزاب الإسلامية، هذا شيء مهم، القائمة العراقية وقتذاك حصلت على أكثر من 40 مقعدا، وإذا أحصينا مجموع غير الإسلاميين الذين حصلوا على مقاعد في البرلمان سنجد أن عددهم يقترب من السبعين عضوا، لذلك القضية هي ليست أن هذا التيار ضعيف، ولكن المشكلة الكبرى التي حدثت هي الفتنة الطائفية التي أسبابها بدأت تتضح اليوم لماذا حدثت، وأهمها أن هناك جزءا مهما من الشعب العراقي شعروا بالخسارة بعد سقوط نظام صدام حسين، شعروا أن القادم سوف يؤذيهم ولم يطمئنوا له، ولهذا أسباب كثيرة، «القاعدة» لعبت على هذه القضية بشكل جدي.

* هل تعتقد أن الانتخابات المقبلة سوف تأتي بوجوه جديدة إلى السلطة؟

ـ الانتخابات المقبلة، إذا سارت على ذات الطريقة التي كرس لها ستصاب بالفشل، على القادة السياسيين جمع التوجهات السياسية في ائتلافات حقيقية مبنية على الكفاءة والوطنية، لتخوض الانتخابات في قوائم محدودة لمنع الشرذمة، وقيادة البلد إلى خط أمان مبني على برامج انتخابية، في الانتخابات الأخيرة لم يطرح أي مرشح أو قائمة أي برنامج انتخابي سوى المؤتمر الوطني، نحن نريد برنامجا سياسيا اقتصاديا اجتماعيا للحركة في المستقبل، وهذه قضية مهمة جدا واعتقد أن العراقيين بدأوا يفهمون هذا الأمر.

* أنت أول من سعى لإصدار قانون تحرير العراق عندما كنت في المعارضة، وكنت من أقرب الأصدقاء للأميركيين، واليوم تتحدث ليس بوجود قوات أجنبية ولكن بمدى صلاحية هذه القوات مقابل صلاحية الحكم الوطني، كيف نفهم هذا الأمر؟

ـ نحن كنا نطالب بحكم وطني وقد اختلفنا مع الإدارة الأميركية لهذا السبب، إلى درجة أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وقع قرارا في مجلس الأمن الوطني هدفه تهميش أحمد الجلبي وتم تنفيذ هذا الأمر، حيث هجموا علي في بيتي وأيضا هاجموا مقراتنا (المؤتمر الوطني) في بغداد 11 مرة، وواجهنا حربا شديدة معهم، لماذا؟ لأن الأميركان منذ أن أعلنوا أنفسهم كمحتلين تغيرت أولوياتهم في العراق وتغير أعداؤهم في العراق، ولنر كم من المرات غيرت أميركا أعداءها في العراق، عندما دخلوا البلد كان عدوهم صدام، وعندما سقط صدام صار عدوهم بقايا حزب البعث ، ثم «القاعدة» وبعدها جيش المهدي، أي نوع من الحروب هذه؟ غيروا أعداءهم لأربع مرات خلال أقل من خمس سنوات.

* وأنتم هل كنتم ضمن جدول أعدائهم؟

ـ لا، نحن لسنا مقاتلين وليس لدينا ميليشيات نحن تحولنا إلى خصومهم السياسيين في العراق. تصور هذا كيف يعكس سياستهم في العراق. بعد دخول القوات الأميركية أصابهم مرض الغرور والعنجهية واعتقدوا انه من السهل إدارة الشعب العراقي كونهم استطاعوا إيصال ألفي مدرعة خلال ثلاثة أسابيع من الحدود الكويتية إلى بغداد ، قلنا لهم قبل أن يدخلوا إلى البلد أن الشعب العراقي يفهم التحرير ويرفض الاحتلال، أمس اشتريت كتيبا من المتحف البريطاني صادر عام 1934يتضمن تعليمات إلى الجيش الأميركي وكيف يتصرف عندما يدخل إلى العراق، لو طبقوا عام 2003 التعليمات التي أصدروها عام 1934، أي قبل أكثر من ستين عاما لكانوا قد نجحوا في سياستهم. الشعور بالغرور والعنجهية التي أصابت الأميركيين سبب لهم مشاكل كبيرة ولنا مضار هائلة.

* لماذا لا تتحد القوى السياسية الليبرالية، أنتم مع الوفاق والأكراد وغيرها من القوى الوطنية الأخرى؟

ـ المهم اليوم هو عدم التنافس بين هذه القوى بل الوصول إلى برامج وطنية اقتصادية وليس التنافس من اجل السلطة والاستئثار بها، علينا العمل من أجل النهوض بالعراق.

* ألا يسعى أحمد الجلبي للوصول إلى السلطة؟

ـ نحن نعمل من اجل بناء العراق والإنسان العراقي، هذا أهم من أي شيء آخر، والإمام علي قال «طالب الولاية لا يولى».