مصادر سودانية: الخرطوم تدرس مقاضاة «الجنائية الدولية» في الأمم المتحدة

اتصالات مصرية للتنسيق مع تركيا قبل الذهاب لمجلس الأمن بشأن طلب تأجيل تنفيذ قرار اعتقال البشير

TT

ما زالت أصداء قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير تهيمن على المشهد السياسي في القاهرة، إذ تتحرك كافة الدوائر المعنية بالتعاطي مباشرة مع الشأن السوداني على كافة المستويات. وقالت مصادر مصرية مطلعة إن القاهرة تجري اتصالات مكثفة مع أعضاء مجلس الأمن الدولي، خاصة الدول الخمس دائمة العضوية، وأنها تستعين في ذلك بعدد من الدول التي تتبنى نفس اتجاه القاهرة (تأجيل تنفيذ قرار الجنائية الدولية)، وأشارت المصادر إلى أن مصر تبحث حاليا التنسيق مع تركيا، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، فيما يتعلق بالخطوات القانونية المطلوبة من أجل وقف تنفيذ القرار.

وعلى صعيد ذي صلة علمت «الشرق الأوسط» أنه جرت محاولة للاستعانة بالدكتور شريف بسيوني أستاذ القانون الدولي بجامعة شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية، وهو في الوقت ذاته رئيس لجنة صياغة قانون المحكمة الجنائية الدولية، وطلب المتصلون من بسيوني توضيح كيفية الحصول على قرار من مجلس الأمن، يوقف قرار المحكمة، لكن الدكتور بسيوني رد بعنف على من اتصلوا به محملا السودان والرئيس البشير نفسه مسؤولية ما حدث، كما حمل الجهات التي اتصلت به قائلا: «كان عليكم أن تنصحوا البشير، بدلا من محاولة الخروج من المأزق حاليا». وحذر من عدم تنفيذ القرار، وقال «إنه في حالة عدم تنفيذ السودان لقرار الاعتقال، فإن مجلس الأمن قد يضطر لفرض عقوبات ضد السودان».

وأشار إلى أن النيابة بالمحكمة الجنائية الدولية كانت قد طلبت في شهر يوليو (تموز) عام ‏2008 ‏من المحكمة أن يدلي الرئيس السوداني بأقواله أمامها في مقر المحكمة بلاهاي، لكن الرئيس البشير لم يفعل، ولم يوكل محاميا للدفاع عنه ولا حتى قام بالطعن على إصدار قرار القبض أو رفع دعوي أمام محكمة العدل الدولية بالطعن في اختصاصها‏، وترك البشير، والسودان كلها، الأمر يتداعى حتى صدر قرار المحكمة باعتقاله، ووصل الجميع إلى الحائط، أو إلى الطريق المسدود».

ونقلت تقارير إعلامية أمس عن مصادر بوزارة الخارجية التركية، قولها «إن تركيا تتحرك حاليا باتجاه استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لوقف تنفيذ مذكرة اعتقال البشير لمدة 6 أشهر، من خلال عقد لقاءات مع أعضاء مجلس الأمن الدولي لمناقشة الأمر، حيث إن تركيا تشغل حاليا مقعدا غير دائم بالمجلس ولمدة عامين»، وقالت التقارير الإعلامية التركية «إن أنقرة ترى أن تنفيذ المذكرة في الوقت الراهن سيؤدى إلى تعقيد الأمور بالنسبة لقضية دارفور وللوضع في السودان، وهو النهج نفسه الذي تتبناه مصر، لكن القاهرة تطلب التأجيل لمدة عام.

إلى ذلك تواصلت التحركات العربية في كل الاتجاهات، إذ أبلغ سفراء كل من مصر والجزائر والمغرب والسودان وأثيوبيا وجنوب أفريقيا لدى روسيا، ألكسندر سلطانوف نائب وزير الخارجية الروسي أمس، موقف الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية الرافض لقرار المحكمة، مؤكدين أن هذا القرار يفهم في أفريقيا على أنه موجه ضد حقوق السيادة والمصالح المشروعة للسودان والدول الأخرى بالمنطقة، لكن سلطانوف رد عليهم مؤكدا أن بلاده تشاطر الدول الأفريقية والعربية قلقها من احتمال انعكاس القرار بالسلب على الوضع في السودان.

من ناحية أخرى علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سودانية أن الخرطوم تدرس بجدية عدة خيارات، من بينها رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير، وهو ما أشارت إليه «الشرق الأوسط» أمس.